تفاصيل التقديم لكلية الشرطة 2025.. المؤهلات المطلوبة وخطوات القبول    صندوق تطوير التعليم يعلن فتح باب القبول بمعهد الكوزن المصرى اليابانى    أسعار الذهب ترتفع 40 جنيهًا وعيار 21 يسجل 4690 جنيهًا في مصر    راتب ضخم وقيمة انتقال باهظة.. الأهلي يستبعد ساليتش من المرشحين لخلافة وسام أبو علي    حالة الطقس اليوم الثلاثاء.. ارتفاع درجات الحرارة على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 38 درجة    بكام الطن؟.. أسعار الأرز اليوم الثلاثاء 22-7-2025 في أسواق الشرقية    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 22-7-2025 في البنوك    5 قرارات جمهورية حاسمة ينتظرها الشارع المصري    استشهاد فلسطينيين في قصف الاحتلال منطقة الحكر جنوبي دير البلح    تنسيق الثانوية العامة 2025.. مؤشرات معاهد تمريض 2024 بالدرجات    خلص الكلام، "رونالدو الجديد" يوجه القاضية إلى مانشستر يونايتد رغم الإغراءات    أخبار مصر: بيان من وزارة المالية بشأن حزمة اجتماعية جديدة، سر تواصل صلاح مع الأهلي، قفزة بأسعار الجبن، واشنطن تهدد حماس    رابط نتيجة الثانوية العامة 2025 المعتمد برقم الجلوس فور إعلانها عبر موقع الوزارة    «تالجو ومكيف».. مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025    حبس بلوجر بتهمة نشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي    «حرب الجبالي» الحلقة 43 تتصدر التريند.. أسرار تنكشف وصراعات تشتعل    خبراء تغذية يحذرون من إعادة تسخين هذه الأطعمة في المصيف.. قد تتحول لسموم صامتة    تنسيق الثانوية العامة 2025.. مؤشرات كليات حاسبات ومعلومات وذكاء اصطناعي 2024 بالدرجات (علمي علوم ورياضة)    وسيط كولومبوس ل في الجول: النادي أتم اتفاقه مع الأهلي لشراء وسام أبو علي    العاهل الأردني يؤكد دعم المملكة لأمن سوريا واستقرارها ووحدة أراضيها    أجنة على حافة الموت.. تقرير أممي يكشف مأساة الحوامل في غزة    البيت الأبيض: ترامب يسعى إلى حل دبلوماسي لصراعات الشرق الأوسط    «الوزير» ورئيس وزراء الكويت يبحثان تحويل الوديعة الكويتية لاستثمارات في مصر    ترامب: مستعدون لشن ضربات متكررة على المنشآت النووية الإيرانية إذا لزم الأمر    «هل انتهت القصة؟».. جون إدوارد يرفض كل سُبل الاتصال مع نجم الزمالك (تفاصيل)    ثلاث صفقات من العيار الثقيل في الزمالك خلال ساعات (تفاصيل)    لاعب مفاجأة يخطف أنظار ريبيرو في معسكر الأهلي بتونس (تفاصيل)    لندن: فرض عقوبات على من يسهلون رحلات المهاجرين عبر القنال الإنجليزي    وزير العمل: أي عامل بلا عقد سيُعتبر دائما.. والأجنبي لن يعمل إلا بتصريح    يوسف معاطي يكشف سر رفض فيلم "حسن ومرقص" وهذا طلب البابا شنودة للموافقة (فيديو)    9 اختبارات تؤهلك للالتحاق بكلية الشرطة    زيلينسكي: الجولة الجديدة من المحادثات مع روسيا تنعقد في إسطنبول الأربعاء    «انهيار لغوي».. محمد سعيد محفوظ يرصد أخطاء بالجملة في بيان نقابة الموسيقيين ضد راغب علامة    مصطفى كامل يهدد محمود الليثي ورضا البحراوي بالشطب: منصبي لا يقل عن أي وزارة    إيمان العاصي تشارك في «قسمة العدل» والعرض خارج رمضان (تفاصيل)    تامر أمين ل «فشخرنجية الساحل»: التباهي بالثراء حرام شرعا ويزيد الاحتقان المجتمعي    أهلي جدة يحسم موقفه من المشاركة في السوبر السعودي بعد انسحاب الهلال    طريقة عمل الأرز البسمتي، في خطوات بسيطة وأحلى من الجاهز    دراسة "تبرئ" البيض من تهمة إيذاء القلب، ماذا قالت عن الكوليسترول الضار    إسرائيل تقتحم منشآت تابعة لمنظمة الصحة العالمية في غزة وتحتجز موظفين    سيمون توجّه رسالة حاسمة لجمهورها: لن أعلّق على ما لا يستحق    موعد مباراة ألمانيا وإسبانيا في نصف نهائي أمم أوروبا للسيدات والقناة الناقلة    جثة و3 مصابين في حادث تصادم ميكروباص وسيارة نصف نقل بالمنيا- صور    «خاتم فرعوني» عمره 3500 سنة يُعرض للبيع في مزاد بلندن بسعر بخس    وصول قطار العائدين السودانيين إلى محطة السد العالي في أسوان    تفسير آية| «أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا» الشعراوي يوضح سر وجود الإنسان وغاية خلقه    لا علاقة له ب العنف الجسدي.. أمين الفتوى يوضح معنى «واضربوهن»    التصريح بدفن جثة ربة منزل لقيت مصرعها خنقًا علي يد زوجها بالقليوبية    مصرع شاب في مشاجرة بين تجار خُردة بالإسماعيلية.. والأمن يُلقي القبض على المتهم    السفيرالمصري ببرلين يدعوا إلي زيارة مصرومشاهدة معالمها الأثرية والتاريخية والسياحية    محافظ شمال سيناء يستقبل وفد من دار الإفتاء المصرية    الداخلية تكشف ملابسات فيديو يظهر شخصًا يمارس البلطجة باستخدام سلاح أبيض في المنوفية    عراقجى: منشآتنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة لكننا لن نتخلى عن التخصيب    "مستقبل وطن" ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بالشرقية لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ    التحقيق في وفاة سيدة مسنة إثر سقوطها من الطابق السادس بمستشفى طيبة بإسنا    ماذا قال عن بيان الاتحاد الفلسطيني؟.. وسام أبو علي يعتذر لجماهير الأهلي    ملتقى أزهري يكشف عن مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن الليل والنهار    هل النية شرط لصحة الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الشعب يريد».. عنوان الثورة وليس مطلبها أحمد شوقي عز الدين
نشر في التحرير يوم 24 - 01 - 2014

«25 يناير» ليست فقط ثورة سياسية.. بل ثورة ثقافية لتحرر الإنسان من القوالب الجامدة
انتهى زمن الأنظمة القمعية التى ترى فى الشعب قطيعًا يحُكم بمبدأ الأمر والطاعة
إسقاط النظام كان لا بد من تحقيقه لمغزاه الأعمق وهو ترسيخ الإرادة الشعبية
«الشعب يريد إسقاط النظام»، من ميدان التحرير انطلق هذا الهتاف فى 25 يناير 2011، وترددت أصداؤه فى مدن كثيرة حول العالم، وظل يدوى 18 يومًا حتى سقط النظام. نعم سقط. ذهب إلى غير رجعة، ومن يتوهم أن الذى حدث مجرد تغيير أشخاص واهم، وواهم أيضًا من يتصور الآن بعد 30 يونيو 2013 أن الظروف صارت مهيأة لإعادة ترميم نظام مبارك بواجهة جديدة.
إسقاط نظام مبارك كان المطلب والهدف المباشر لحركة الجماهير المصرية فى ثورة يناير، وكانت، وهو الأهم، المادة الوحيدة التى تلقفتها وتناقلتها بشغف وسائل الإعلام. لكن التغيير الحقيقى الذى كانت هذه الحركة عنوانًا له أعمق وأشمل بكثير. فالمطالب التى تتبلور وتصاغ فى الشعارات والهتافات لا تعبر بالضرورة عن التغيير الأشمل الذى يفرض نفسه بنفسه فى المجتمع، الذى يجرى بحتمية التاريخ منذ زمن فى مصر، سواء كنا نعى به أم لا نعى، وغالبًا ما تأتى هذه الانتفاضات الجماهيرية لا لشىء إلا لإزالة عوائق متصدعة بالية من طريقه.
«الشعب يريد»، هذا وحده كان وما زال عنوان الثورة، ولم يكن مجرد مطلب. إسقاط النظام كان لا بد من تحقيقه، لكن ليس لأهميته فى حد ذاته، بل لمغزاه الأعمق وهو ترسيخ الإرادة الشعبية، فرض إرادة المحكوم على الحاكم بعد أزمنة طويلة كان فيها الحاكم وحده هو الذى يفرض إرادته، أو يتوهم أنه يفرضها. ففرض هذا الوهم على الرعية كفيل وحده بجعلها حقيقة. انتهى إلى غير رجعة زمن الحاكم المقدس، زمن المسؤولين الذين لا يجرؤ أحد أن يسألهم أو يحاسبهم.
طبعًا ما زالت طوابير الزبانية والمتزلفين والطبالين والهتيفة فى كل مكان، تنتظر الزعيم القادم، البطل المغوار والقائد الملهم والمعلم الفذ، ليقدموا له فروض الطاعة والولاء كعادتهم. فهم لم يتعلموا شيئًا آخر. وطبعًا ما زالت هناك العديد من مؤسسات الدولة الإدارية والأمنية والإعلامية تعمل حسب فلسفتها القديمة كأدوات للحاكم. لكن الزمن قد تغير. فرضت الإرادة الشعبية نفسها كأمر واقع، وستفرض شيئًا فشيئًا تغيرًا حتميًّا لكل هذه المنظومة وفلسفتها، حتى لو لم يكن نظام مبارك قد سقط فعلًا، حتى لو كانت فلوله تتوهم اليوم أن فرصتها جاءت للهجوم المضاد، فقد انتهى هذا الزمن، انتهى زمن كل الأنظمة القمعية، التى ترى فى الشعب قطيعًا يحكم بمبدأ الأمر والطاعة. كان هذا هو الدرس الذى لم يعه مرسى وبطانته، وإن لم يعه من يخلفه فسيكون له نفس المصير.
لكن ثورة يناير لها بعد آخر أكثر عمقًا وخطورة مما يجرى على المستوى المؤسسى، وأعنى بها تلك الانطلاقة الفكرية والفنية المذهلة التى ما زال شباب يناير طليعتها، التى تعتبر بكل المقاييس ثورة ثقافية. هذه الثورة بعيدة عن صراعات السلطة التى تجرى الآن، إنها حراك قاعدى يعكس تغيرات جذرية فى أنماط التفكير. وهى التى ستغير المجتمع المصرى، وهى أيضًا تنتشر حثيثًا فى المنطقة العربية كلها، مبشرة بربيع حقيقى يخرج المجتمعات العربية من ظلمات شتاء طال قرونًا. إنها ثورة لا تسقط أنظمة حكم بشكل مباشر، بل تحرر الإنسان وتمكنه من اكتشاف طاقاته وملكاته وشخصيته الحرة. تحرره من قيود كانت تشل قدراته وفرضت عليه أن يبقى متخلفًا فى عالم ينطلق، ويتقدم من حوله. لأول مرة بدأ الإنسان المصرى والعربى يحس أنه لم يعد خارج التاريخ.
لقد فجر شباب يناير ثورتين وليس ثورة واحدة. عمقهما لا تطوله يد أى حاكم، ولا تنفذ إليه أضواء الإعلام المفتون بسؤال واحد هو من الحاكم القادم. الثورة الأولى على المستوى السياسى هى فرض الإرادة الشعبية كأمر واقع فى الحياة السياسية لا يملك حاكم بعد الآن أن يتجاهله، ومن أهم آثار هذا التحول أن كل شىء الآن فى حراك مستمر، كل ما يستجد يمكن أن يزول أو يتبدل فى لحظة. فالإرادة الشعبية عنصر جديد لم يكن له مكان فى فكر الحاكم أو آليات الحكم حتى الآن. وما زال الحاكم يتصرف وكأنه يتحكم وحده فى توجيه الأمور. والثانية هى الثورة الثقافية، ثورة الفكر والإبداع ، ثورة تحرر الإنسان من القوالب الجامدة. ومن الطبيعى أن تصطدم الثورتان بالقديم ومؤسساته وأسلحته، وهو صدام حتمى. سيكون للأسف طويلًا ودمويًّا، فهذه حتمية التاريخ، لكنه محسوم سلفًا. فالقديم البالى إلى زوال. أما الجديد المبدع فهو المستقبل.
ولا يسعنى مع اقتراب العيد الثالث لثورة يناير إلا أن أنحنى إلى شبابها إجلالًا. ليس فقط لشباب مصر ، بل أيضًا إلى شباب تونس الذين فجروا الشرارة الأولى، وكانت روح ثورتهم تخيم على التحرير وتلهم شبابه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.