هى الرغبة فى إفساد أى إنجاز التى جعلت الإخوة المنظرين والمحللين يعلنون فجأة أنهم اكتشفوا «ثغرة» رهيبة فى الاستفتاء ولا ثغرة الدفرسوار.. تجدهم يخرجون على الشاشات ويكتبون على مواقع التواصل الاجتماعى أنهم سعداء جدًّا بمشاركة المرأة، لكن هناك خطرًا كبيرًا لا بد أن ننتبه له.. وما هذا الخطر يا سيدى؟ إنهم الشباب. فجأة اكتشفوا أن الشباب غير مشارك فى الاستفتاء، أو يعنى نسبة مشاركته ضعيفة، وهى أكذوبة يروجون لها قبل أن يصدقوها ويجعلوها «لبانة» على لسان كل المحللين والسياسيين، والبعض ممن يبتلع هذا الكلام دون أن يفنده. أولا: كل من ذهب للإدلاء بصوته شاهد بعض الشباب يقفون فى الطوابير للمشاركة، بالطبع لم يشاهد طوابير كاملة من الشباب، ولن يشاهد لأن الجيش والشرطة وهم ينظمون الدخول يحددون طوابير لكبار السن أما كل الفئات الأخرى تقف فى طابور واحد، وبالتالى لن تجد طابورًا منفصلًا يرفع لافتة مكتوبًا عليها «نحن الشباب». ثانيا: فى كل الاستفتاءات والانتخابات السابقة ستجد أن النسبة الأقل فى المشاركة هى الشباب، بينما تتفوق نسبة كبار السن ناهيك بأن عدسات المصورين لن تحرص على التقاط صورة لشاب، وهو يدلى بصوته، فهذا أمر طبيعى على عكس صورة امرأة أو رجل مسن يمشى بصعوبة شديدة تؤكد حرصه على المشاركة، وهذه الصورة الأخيرة نفسها هى التى كانت تتصدر وسائل الإعلام فى استفتاء المجلس العسكرى وفى استفتاء الإخوان أيضًا. ثالثا: هل يعنى القول بأن نسبة مشاركة الشباب ضعيفة عدم وجود أى مشاركة للشباب؟ وهل يعنى القول بوجود حضور قوى لكبار السن إن كل من تجاوز الستين نزل من بيته وأدلى بصوته؟ بالطبع لا.. الأمر كله إذن نسبة وتناسب ورغبة كل شخص فى النظر إلى أى جانب من نفس الكوب. رابعًا: الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء أعلن فى أغسطس من العام الماضى أن نسبة فئة الشباب من إجمالى المصريين 29%.. واخد بالك؟ 29% يعنى ليسوا الشريحة الغالبة فى المجتمع. ثم إن ال29% أصلًا هم من تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة. لاحظ إن سن الناخب فى مصر تبدأ أصلًا من 18 سنة يعنى نسبة الشباب الذين يحق لهم المشاركة يجب أن تنقص منها هؤلاء الذين تتراوح أعمارهم من 15 إلى 18 سنة، وبحسب إحصائيات أعمار الناخبين المسجلة فى اللجنة العليا للانتخابات سنجد أن الفئة العمرية من 18 إلى 30 سنة تقدر بنحو 19 مليونًا من أصل 52 مليونًا يحق لهم التصويت أى نحو 36٪.. يعنى كل هذا التهويل على نسبة الشباب يتعلق بثلث عدد الناخبين أصلًا. خامسًا: من هم الشباب الذين يقصدونهم بعدم المشاركة؟ ما المفهوم الذى ينطبق على الشباب فى نظر الإخوة المنظرين؟ هل هم الذين شاركوا فى ثورة 25 يناير من أمثال أحمد عيد وعمرو صلاح، والذين ساهموا فى كتابة الدستور أصلًا وحرصوا على الإدلاء بصوتهم فى الاستفتاء عليه أم هم من شاركوا فى ثورة 30 يونيو من أمثال محمود بدر ومحمد عبد العزيز وهم بدورهم أسهموا فى كتابة الدستور؟ أم المقصود بهم أولئك الذين يكتفون بالسب فى كل شىء وأى شىء على «فيسبوك» و«تويتر»؟ أم هم أتباع عبد المنعم أبو الفتوح الذين يتباهون بالمقاطعة وكأنهم «عبروا خط بارليف» ويفخرون بأن زعيمهم يرفع دعاوى قضائية لوقف الاستفتاء ثم يرفع دعاوى أخرى لوقف إعلان نتيجته دون أن يتوقف أحدهم للحظة واحدة ليتذكر أن أبو الفتوح أصلًا لم يعترف بثورة 30 يونيو ليعترف بالاستفتاء على الدستور؟ سادسًا: الذين ذهبوا للإدلاء بأصواتهم سواء ب«نعم» أو ب«لا» حرصوا على المشاركة، أما هؤلاء الذين يتباهون بالمقاطعة ما مبرراتهم؟ المشكلة إن اللى مقاطع لا يعرف هو مقاطع ليه أصلًا.. البعض يقول إن الشباب قاطعوا من باب «العِند» طيب عِند فى مين؟ والبعض الآخر يقول إنه معترض على مواد فى الدستور فتسأله عن هذه المواد فلا تجد لديه إجابة مكتفيًّا بأنه «مقاطع وخلاص». سابعًا: الذين يعترضون على «نحانيح» الجيش الذين يزغردون ويهللون لكل كلمة يقولها السيسى أو المتحدث العسكرى.. ما رأيكم فى «نحانيح» الاستفتاء الذين لم يروا فى يومى 14 و15 يناير شيئًا إلا القول بأكذوبة عدم مشاركة الشباب؟!