مصر بأحوالها السياسية ومساعيها للخروج من مآزقها ما زالت موضع حديث واشنطن، سواء لدى صناع القرار فيها أو لدى المهتمين بمصر و«ما يجرى فيها». وقد أكدت من جديد سوزان رايس مستشارة الرئيس للأمن القومى تحفُّظ الإدارة وانتقادها قانون التظاهر الجديد وما له من «آثار مؤذية». كما حذَّرَت من عواقب إقصاء «معارضى الحكومة» (كما قالت) لأنهم قد يذهبون إلى التطرف وقد تذهب البلاد إلى مزيد من عدم الاستقرار. ولم تنسَ رايس تكرار القول بحَثّ الحكومة المصرية على مواصلة التقدم على خارطة الطريق السياسية. سوزان رايس كانت تتحدث أمام المؤتمر السنوى لمنظمة «هيومان رايتس فيرست» الأمريكية المعنية والمهتمة بقضايا حقوق الإنسان والحريات فى السياسات الأمريكية. وحديث رايس عن مصر فى كلمتها جاء فى إطار الحديث عن قضايا حقوق الإنسان فى دول تربطها مع الولاياتالمتحدة مصالح كبرى ومتشابكة لا يمكن إهمالها وعدم أخذها فى الاعتبار مثل الصين وروسيا، إذ قالت رايس «فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نحن نتنقل عبر التحديات الأمنية للربيع العربى ومساعدة الشركاء لوضع أساسيات لمستقبل يمدّ جذوره لسلام أكبر وإتاحة للفرص أكثر وللديمقراطية واحترام حقوق الإنسان». ثم قالت رايس «بالنسبة إلى مصر قلنا إننا لا نستطيع أن ندير الأمور مثلما اعتدنا مع الحكومة الانتقالية بعد أن استخدمت عنفًا واسع النطاق ضد المدنيين واعتقال قيادات المعارضة فى بداية هذا العام (كما قالت وأخطأت فى القول)، ومن ثَمَّ علّقنا إرسال بعض من الأسلحة الرئيسة إلى حين تحقيق تقدُّم نحو الإصلاحات الديمقراطية والحكم الشامل للكل»، وأضافت «لدينا مصلحة فى الدفع بالسياسة الشاملة للكل (اللا إقصائية) فى مصر وذلك لتجنب الدفع بمعارضى الحكومة إلى أيدى الجماعات المتطرفة وإدانة البلاد لمزيد من عدم الاستقرار. ونحن تحدثنا عن الآثار المؤذية لقانون التظاهر الجديد وما لتطبيقه القاسى من أثر على التجمُّع السلمى فى مصر. ونحن سنواصل الحثّ على اللا عنف والتقدُّم على خارطة مصر السياسية نحو ديمقراطية مستقرة وتشمل الكل». تأتى إشارة رايس إلى مصر بعد يوم واحد من تأكيد الخارجية الأمريكية حرص إدارة أوباما على أن تأخذ العملية الديمقراطية فى مصر مجراها الطبيعى وعلى أن يقول الشعب المصرى كلمته ويحدد مصير الدستور الجديد من خلال الاستفتاء عليه. وعكست صحيفة «نيويورك تايمز» فى افتتاحية لها الأمس عن الدستور الجديد المخاوف التى تُثار تجاهه تحديدًا فى ما يخصّ السلطات التى يعطيها الدستور للمؤسسة العسكرية والأمنية وأيضًا لأمر إقصاء الإخوان المسلمين من العملية السياسية بالإضافة إلى محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. وقالت الافتتاحية «على الورقة يبدو أن الدستور يمنح المواطنين حقوقًا جديدة هامة، منها تجريم التعذيب والاتجار بالبشر ومطالبة الدولة بحماية المرأة من العنف. ولكن بعض اللغة المستخدمة غامض وقد يقوم بتوسيع دائرة نفوذ الجيش والشرطة والقضاء». وأشارت الافتتاحية أيضا إلى أن «مرسى ومؤيديه ذهبوا بعيدًا العام الماضى بدفع دستور كان يعزِّز دور الشريعة ويقيِّد الحريات. أما هذا الدستور الجديد فمعيب بنفس الدرجة لأنه صِيغَ بأقل مشاركة من الإسلاميين وقد يقوم بتحطيم أكثر للإخوان بمنع الأحزاب السياسية القائمة على الدين». واختتمت «نيويورك تايمز» افتتاحيتها بالقول «فى التحليل النهائى فإن الاختبار الحقيقى لأى دستور هو كيف يتم تطبيقه فى الممارسة. وتاريخ مصر الحديث للأسف يقدِّم ضمانًا أقلَّ بأن أى تحسينات فى لغة الدستور سوف يتم احترامها». من جهة أخرى، تُعقَد يوم الثلاثاء القادم (10 ديسمبر) جلسة استماع بالكونجرس لمناقشة «انتهاكات حقوق الإنسان فى مصر»، وذلك أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، وتحديدا أمام اللجنتين الفرعيتين للشرق الأوسط ولحقوق الإنسان، ومن المنتظر التركيز فيها على قضايا حماية الحريات الدينية والأقباط فى مصر. وهذه الجلسة كان من المقرر عقدها فى بداية شهر أكتوبر الماضى، إلا أن الإغلاق الحكومى حال دون انعقادها.