كثير من يرى الأطفال والشباب الذين ينبشون القمامة ويفرزونها وبرفقتهم تروسيكل أو عربة يجرها حمار، مشهد يستحق الشفقة ظنًا منهم أنهم يعيشون في مأساة، وآخرون ينظرون لهم نظرات السخط محملين إياهم مسئولية تشويه مظهر المدينة لإلقائهم للقمامة في الطريق العام، لكن قليل من الفريقين يعلم أن هذا "النباش" تتعدى أجرته في الساعة الواحدة ال100 جنيه ويعمل في واحدة من أكبر "المؤسسات" التي تُدر أرباحًا في مصر، إنه عالم "نباشين القمامة". وحمّلت الأجهزة التنفيذية بالإسكندرية وعدد كبير من الأهالي، النباشين مسئولية تشويه المظهر العام بفرزهم القمامة في الطرق العامة ما أسهم في تفاقم أزمة انتشارها. محمد علي، موظف، يقول ل"التحرير"، نعاني كثيرا من وجود النباشين الذين يقومون بفرز القمامة من الصناديق ونشرها في الطرق العامة وبخاصة وأنهم يشوهون المظهر العام للمدينة ولا بد من أن تجد الأجهزة التنفيذية حلا للقضاء على تلك الظاهرة. ويقول حسام عبد النبي، أحد قاطني منطقة محرم بك، أعيش في مكان قريب من مخازن النباشين بحارة رمضان وهي مكان يقومون فيه بتخزين المواد المستخرجة من القمامة ما حوّل حياة الأهالي هناك لمأساة ورغم الشكاوى الكثيرة إلا أن الأجهزة التنفيذية لم تحرك ساكنًا. "التحرير"، التقت بعدد من النباشين، لأخد رأيهم في الموضوع، فيقول كرم سليمان، "ده هو مجال عملنا الوحيد الذي ولدنا نعمل به وأكل عيشنا من الزبالة دي"، مضيفًا: "نعيش وسط الزبالة وأخدنا على كده وبقى عدنا مناعة منها ومن الأمراض اللي فيها". ويضيف عبد الله بوطه، "أحد النباشين"، "شغلتنا تعتمد على استخراج الحاجات المهمة من الزبالة وكل يوم نلف على المقالب ونلمها ونرجع آخر اليوم نديها للمعلم وناخد أجرتنا". وأشار "بوطة"، إلى أن لكل نباش المنطقة التي يعمل بها ولا يوجد أحد يستطيع السطو على منطقة زميلة لأنها متقسمة –بحسب قوله- وعن الهجوم الذي يتعرضون له واتهامات البعض لهم بأنهم سبب من أسباب أزمة تراكم القمامة قال: "إحنا محدش بيفكر فينا ولا بيفكر إحنا ممكن نعمل إيه لو مشتغلناش كده هناكل منين". من جانبه، قال المهندس أسامة الخولي، رئيس شركة نهضة مصر، وهي الشركة المسئولة عن جمع القمامة من محافظة الإسكندرية، "حاولنا كثيرًا دمج النباشين في منظمومة القمامة لكنهم رفضوا". وأوضح ل"التحرير"، أن رفضهم يأتي لأنهم من خلال عملهم خارج منظومة جمع القمامة الرسمية يحققون مكاسب مرتفعة جدًا تصل ل100 جنيه في الساعة الواحدة لكن العامل في شركة نهضة مصر لا يتعدى راتبه ال1200 جنيه. وأشار "الخولي"، إلى أن النباشين يشوهون المظهر العام للشوارع بالمحافظة، كما أنهم مسئولون عن تفاقم أزمة القمامة لقيامهم بفرزها بالطرق العامة والشوارع ما يصعب مهمة عامل جمع القمامة بعد ذلك. وأوضح "الخولي"، أن عالم النباشين به العديد من التخصصات فهناك النباش المسئول عن جمع القمامة وآخر البلاستيك، وهؤلاء يعتبرون الخبراء وهناك كذلك المعلمين الكبار وهم عبارة عن 6 أشخاص موجودين في مناطق محددة وهي (الترعة المردومة وعمود السواري وشارع أبو سليمان". وتابع، لو أردنا القضاء على النباشين فعلينا البدء ب"المعلمين الكبار"، لكي يتم إيقاف النباشين الصغار فلا بد من من اتخاذ إجراءات ومن بينها منع تصدير البلاستيك المخرج من القمامة حيث يتم تصديره للصين، مضيفًا: "لا بد من اتخاذ سياسة الأرض المحروقة معهم وتجفيف المنابع". وكشف "الخولي"، عن أن مهنة النباشين تدر ما يقرب من ال100 مليون جنيه سنويًا توزع على المعلمين وباقي أفراد المنظومة، مشيرًا إلى أنهم كانوا أحد أسباب رحيل شركة "أونيكس"، وهي شركة فرنسية كانت مسئولة عن جمع القمامة قبل عام 2010، بعد أن تأكدوا من عدم جدوى المشروع لقلة الأشياء ذات القيمة العالية في القمامة. وأكد "الخولي"، أن القضاء على النباشين هي مسئولية الدولة والجهات الأمنية المختلفة، وليست مسئولية الشركة لافتا إلى أن أي عامل من الشركة كان يحاول منع نباش كان يعترضه ورفع أحدهم سيف في وجه موظف من قبل". وأضاف "الخولي"، بسبب هؤلاء يرفض المستثمرون العمل في مجال تدوير القمامة كما فشلت جهات عديدة في ذلك بسبب أن القمامة تأتي إلى المراكز الوسيطة فقيرة دون بلاستيك أو كرتون أو أي أشياء معدنية".
وقالت نادية بركات، المدير التنفيذي لشركة جرين تك، وهي إحدى الشركات المسئولة عن عمليات فصل القمامة- إن مهنة النباش مهنة ما لا مهنة له في الوقت الحالي، مشيرة إلى أن هناك جامعيين وطلاب مدارس يعملون فيها وبخاصة في فصل الصيف". وأضافت، هناك في مصر العديد من مصانع تدوير القمامة لكنها غير كافية تماماً، ونحتاج إلى مزيد منها مشيرة إلى أنهم سبق وتقدموا لأحد المحافظين بالإسكندرية بمشروع لدمج النباشين في منظومة القمامة لأسباب منها القضاء على الظاهرة في الشارع ولخبرتهم الكبيرة في مجال الفصل على أن يتقاضوا المبالغ نفسها التي يتحصلون عليها في عملهم لكن المشروع تم رفضه. وأكدت، ضرورة وضع حلول عاجلة لتلك المشكلة، مشددة على ضرورة أن يتم توفير عمل للشباب الذين يلجئون للعمل فيها وبخاصة في المجالات القريبة منها وذلك عن طريق إنشاء مصانع تدوير. وعن شركة "جرين تك"، أشارت "بركات"، إلى انها مختصة بإدارة المخلفات والفكرة هي وضع أكثر من صندوق قمامة في كل بيت يكونوا مخصصين للبلاسيك والورق والزجاج والكرتون، أي ما يطلق عليه الفصل من المنبع". وتابعت:" شجعنا المواطنين على فصل القمامة عن طريق وضعهم الشياء ذات قيمة فى الماكنيات الموجودة على مستوى الإسكندرية مقابل الحصول على نقاط تبدل بكروت شحن موبايل، مضيفة:"فكرتنا جاءت للقضاء على النباشين".