أطلق المهندس خالد عبد العزيز وزير الشباب والرياضة والدكتور حلمى النمنم وزير الثقافة ثانى لقاءات الحوار المجتمعى حول "القيم والهوية الوطنية والخطاب الدينى"، اليوم الاثنين، بحضور الدكتور ربيع الغفير الأستاذ بجامعة الأزهر ومنسق فروع بيت العائلة المصرية "ممثل الأزهر"، نيافة الأنبا موسى أسقف الشباب "ممثل الكنيسة". وأكد وزير الشباب والرياضة على أهمية الخطاب الدينى المعتدل لحل المشاكل التى تواجه الشباب فى المجتمع، مشيراً إلى ضرورة تبسيط الخطاب الدينى والرجوع إلى السيرة النبوية والاقتداء بالصحابة. ومن جانبه، وأوضح وزير الثقافة رفضه للرقابة الدينية على الإعلام والفن، مؤكداً على أن القانون لا يتيح صلاحيات للرقابة على القنوات الخاصة.
وفى كلمته، أكد الدكتور ربيع الغفير أن الوظيفة الأساسية للخطاب الدينى تصحيح الوعى والمفاهيم المغلوطة لدى الشباب، وأشار إلى دور الأزهر الشريف وخطته لتجديد الخطاب الدينى المتمثلة فى مبادرة "الأزهر يجمعنا" التى أطلقت عام 2015 وتهدف إلى التواصل مع قطاعات الشباب لدراسة أفكارهم وتصحيحها، ومبادرة "الأزهر والحوار الوطنى والمجتمعى نحو مستقبل أفضل لشباب مصر"، علاوة على مبادرة "أبناء نسيج واحد" ومبادرة "اعرف بلدك" التى تبين إسهام الأزهر من خلال تنظيم مؤتمرات ومعسكرات تثقيفية وترفيهية للتعرف على معالم وآثار الوطن.
وفى سياق متصل، أشار الأنبا موسى إلى الترابط بين المصطلحات الثلاث "القيم والهوية الوطنية والخطاب الدينى" حيث أن الخطاب الدينى ينعكس على القيم التى من شأنها تدفع لحب الوطن، موضحاً خطة الكنيسة لتطوير الخطاب الدينى حيث اجتمعت قيادات الكنيسة لبحث التوجهات التى نزرعها فى الأطفال التى تجعل الإنسان أمن على نفسه وأسرته ومكان عبادته ووطنه. ومن جانبه، طالب الدكتور سامى عبد العزيز بأن نخرج من الحديث عن الخطاب الدينى إلى الخطاب العام، مشيراً إلى أن المصطلحات الثلاث "القيم والهوية الوطنية والخطاب الدينى" تصب فى الشخصية المصرية ومن ثم أكد على ضرورة تقييم وإعادة بناء هذه الشخصية، فأياً كان نوع الخطاب دينياً أو ثقافياً أو إعلامياً فإن العبرة ليست بتجديد الخطاب ولكن بتجديد العقول ووضع أجندة عمل لتسهم فى بناء الوطن.
ويتساءل "عبد العزيز" حول عدم التطرق لكثير من القضايا في أثناء الحديث عن الخطاب العام منها السلوك الاستهلاكى، السلوك الانجانى، السلوك الصحى، وبالتالى على كل الأجهزة الإعلامية والدينية طرح مثل هذه القضايا والخروج بأجندة تصبح دليل عمل لكل من يعمل بالعمل العام، وعلى وزارة الشباب تشكيل مجلس أمناء لوضع خطط وأولويات لمخرجات هذه اللقاءات الحوارية، مقترحاً أن يكون عنوان اللقاء القادم "الشخصية المصرية وقيمة الإنتاج والإتقان". وفى كلمتها، أوضحت الدكتورة أميرة تواضروس مفهوم الهوية وكيفية انتماء الفرد لأكثر من جماعة بما لا يتعارض مع هويته التى تطغى على تصرفاته، مشيرةً إلى أن القيم جزء من ثقافة المجتمع الذى يتسم بالتعددية الثقافية التى لا تتعارض مع تعدد الانتماءات والهوية، وأن الخطاب هو الوسيلة لتوصيل القيم والرسائل، مؤكدةً على أهمية التركيز على الخطاب الثقافى أكثر من الدينى. وتؤكد "تواضروس" على وجود هوية جديدة تتمثل فى انتماء الأفراد إلى العالم الإفتراضى المتمثل فى السوشيال ميديا "مواقع التواصل الاجتماعى".
ومن ناحية أخرى، أكدت دعاء فاروق على أن العصبية ليست فى الخطاب الدينى وإنما فى تناول الإعلام للأحداث، فهناك الكثير من البرامج التى تسوء الصورة وتتناول الأحداث بشكل إملاءات على المواطن وهناك برامج أخرى هادفة وتسلط الضوء على الايجابيات وتصل لشباب لم نستطيع الوصول لهم من قبل، ومن ثم فالإعلام عليه أن يقود التغيير. وفى كلمتها، أشارت الدكتورة لميس جابر إلى عدم وجود خلاف وصراع بين الأديان ولكن الصراع فى العقلية المصرية منذ 5 سنوات لوجود نوع من ضرب المسلمات والتشكيك فى الثوابت والتراث المصرى والوطنى المستمر منذ 7 آلاف سنة وذلك منذ اندلاع ثورات الربيع العربى، مشيرةً إلى خطورة انتشار الثقافة السمعية التى تُصدر للشباب دون أن يدركها ولكنه يرددها، ومن ثم أكدت "جابر" على ضرورة الرجوع للوطنية بجانب الدين.
وأشار الدكتور عبد الله النجار إلى أن الأزهر الشريف يعد الحصن الإسلامى المنيع الذى قام على الوسطية والاعتدال فى فهم الدين الإسلامى وتقديمه للإنسانية، موضحاً أن الشدة فى الخطاب الدينى لا ترجع للأزهر الشريف حيث أن الأزهر يقوم على الدراسات المقارنة من عرض الرأى والرأى الآخر والأخذ بما هو لصالح العباد وأوضح النجار أن الشغل الشاغل للأزهر الشريف هو تفتيت الفكر التعصبى وتقديم المنهج الصحيح المعتدل، مؤكداً على أن الوطن هو أساس الإنتماء، وحماية الوطن تؤدى إلى ازدهار الدين وحماية القيم والفضيلة وكل المبادئ الإسلامية التى يرجوها الأفراد.
ومن جانبه، أشار الدكتور محمد كمال إلى أن المشكلة الحقيقية هى أن كافة المؤسسات تعمل فى جزر منعزلة وبالتالى لا نستفيد من تبادل الخبرات، مؤكداً أن الخطاب الدينى يحتاج لأفراد لديها القدرة على تصويب القول والعمل، بالإضافة إلى ضرورة استعادة النخبة الثقافية القادرة على الرؤية الصحيحة للأمور مع إدارة قوية وإعلام منفتح للوصول للدولة الحديثة. ويأتى اللقاء ضمن سلسلة الحوار المجتمعى الذى تنفذه وزارات الشباب والأوقاف والثقافة بالتنسيق مع الأزهر الشريف والكنيسة بمشاركة مجموعة من الشباب والخبراء والمتخصصين والمثقفين؛ للخروج بورقة عمل وطنية تمثل إستراتيجية لترسيخ مبادىء القيم والأخلاق وتصويب وتجديد الخطاب الدينى، تنفيذاً للتوصية التى أعلنها السيد رئيس الجمهورية فى ختام المؤتمر الوطنى للشباب الذى أقيم أكتوبر الماضي بشرم الشيخ.
وشارك في المؤتمر أيضا كل من "الدكتور عبد الله النجار العميد الأسبق لكلية الشريعة وعضو مجمع البحوث الإسلامية، الدكتور محمد كمال إمام الكاتب والمفكر وأستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية، الدكتور سامى عبد العزيز عميد كلية الإعلام الأسبق، النائبة لميس جبر الكاتبة والمفكرة وعضو مجلس النواب، الدكتورة دعاء فاروق إعلامية ومقدمة برنامج حياتنا على النهار، الدكتورة أميرة تواضروس مدرس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة وعضو منتدى حوار الثقافات بالإنجيلية القبطية للخدمات الاجتماعية، ومعاونى السادة الوزراء ولفيف من قيادات الأزهر والكنيسة والشباب والرياضة والثقافة والأوقاف، وذلك على مسرح وزارة الشباب والرياضة.