قررت إدارة قنوات «cbc»، منع بث الحلقة الثانية من برنامج «البرنامج» الذى يقدمه باسم يوسف، وقد أثار هذا القرار جدلا حادا فى المجتمع المصرى ما بين مؤيد للقرار ومعارض له، وهو جدل اقترب من حالة انقسام فى الشارع على النحو الذى كشف عنه استطلاع الرأى الذى أجراه مركز الاستطلاعات «بصيرة»، الذى أظهر تأييد نحو 44٪ من المستطلعة آراؤهم لوقف البرنامج مقابل رفض نحو 48٪. على الفور بدأت حملة على مواقع التواصل الاجتماعى تتهم النظام بالتسبب فى وقف البرنامج ووجهت الانتقادات الشديدة إلى الجيش ونال الفريق أول عبد الفتاح السيسى انتقادات عديدة ووُجِّهت إليه الاتهامات بالوقوف وراء وقف البرنامج، ودخلت الفرق الإلكترونية للجماعة سريعا على الخط لتوجه الاتهامات إلى الجيش ووزير الدفاع وتقول إن نظام ما بعد 30 يونيو فعل ما لم يفعل مرسى، فقد ضاق ذرعًا بالنقد وببرنامج سياسى ساخر، سبق ووجه سهام النقد إلى الرئيس المعزول محمد مرسى وجماعته ورغم ذلك لم يتوقف البرنامج الذى لعب دورا مهما فى كشف عيوب نظام مرسى والجماعة. دون معلومات جرى توجيه الاتهام إلى النظام والجيش، ودخل على الخط تيار موجود فى الشارع المصرى، صحيح محدود للغاية لكنه موجود، يوجه سهام النقد طوال الوقت إلى القوات المسلحة ويحمِّلها مسؤولية كل الأخطاء والخطايا. بمرور الوقت تتكشف بعض المعلومات حول حقيقة ما جرى والدوافع وراء القرار، فالقرار اتخذته إدارة قنوات «cbc» منفردة ودون تعلميات من أى جهة، فقد كشف تعامل الرئاسة والحكومة والجيش مع الحلقة الأولى من البرنامج عن احترام النظام لحرية الرأى والتعبير، صحيح كان هناك نوع من الاستغراب تجاه ما جاء فى الحلقة الأولى والكلمات التى جاءت بين السطور تصف ما جرى بالانقلاب، وتشير إلى أن وزير الدفاع هو الحاكم الفعلى للبلاد وتنال من شخص الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور، إلا أن الصحيح أيضا أن الاتجاه العام داخل هذه الجهات لم يطلب وقف البرنامج ولا طلب معاقبة أو مقاضاة باسم يوسف. وبعد تسرب فقرات من الحلقة الثانية الممنوعة من قِبل إدارة القناة، بدا واضحا أن هناك تعمدا للتصعيد من جانب مقدم البرنامج، حيث كال الاتهامات للجيش ووزير الدفاع، وتبنى خطاب الجماعة بالكامل فى توجيه الاتهام للجيش بالقتل، ويبدو أن كثافة هذه الاتهامات وحدّتها قد أثارت مخاوف إدراة القناة من رد فعل سلبى من الرأى العام تجاه قنوات «cbc»، مخاوف من أن يتخذ الرأى العام المصرى المؤيد فى غالبيته الساحقة للنظام والداعم لوزير الدفاع، مواقف سلبية تجاه مجموعة قنوات «cbc»، الأمر الذى يؤثر على شعبية تلك الشبكة التى تحتل المرتبة الثانية ضمن القوات الفضائية العربية المشاهَدة فى مصر حسب تقارير الوكالات المتخصصة، ومن ثم تفقد جزءا كبيرا من الدخل الذى تحصل عليه من الإعلانات، ويخصم من الرصيد الذى تمتعت به تلك الشبكة منذ انطلاقها بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير. إذن القضية تخص إدارة القناة ولذلك بادر مقدمو البرامج فى هذه الشبكة بمناشدة الإدارة الرجوع عن قرار المنع وعودة البرنامج، وقد سبق لبعض المناشدين أن وجَّهوا انتقادات حادة إلى الحلقة الأولى من البرنامج، ولكنه نقد مهنى وسياسى أيضا، وليس دعوة لوقف البرنامج. وقد نأت الحكومة والدولة بنفسها بعيدا عن الدخول فى سجال حول القضية، ووجه عديد من المسؤولين قدرا من النقد واللوم إلى إدارة القناة، كما فعل ذلك بعض السياسيين مثل السيد عمرو موسى. حسب الفقرات التى تم تسريبها من الحلقة الثانية نقول نعم تجاوز باسم يوسف حدود النقد الموضوعى ودخل فى عملية تحدٍّ مع نفسه ربما لإظهار شجاعة فى غير موقعها، وربما للدفع نحو منع الحلقة واستثمار ردود الفعل فى كسب مزيد من الشعبية على الصعيد الدولى، ربما، لكن المؤكد أن المنع ليس هو السبيل الأمثل فى التعامل مع مثل هذه القضايا، بل الحوار والسجال والاتفاق على أبعاد الجيش وقادته عن مجال السخرية السياسية كما هو متعارف عليه عالميا، مع الحفاظ على مكتسبات الثورة وأبرزها مزيد من حرية الرأى والتعبير فى ضوء قاعدة الحفاظ على صورة الجيش وكرامة قادته، فالمنع ليس هو الحل، الحرية المسؤولة هى الحل.