رواية خوسيه ماريا ميرينو تعالج مشكلات قاسية كالحق فى وفاة كريمة الحب والخيانة والندم، وفى الخلفية السعادة، أو بمعنى أكثر دقة المفهوم المشوه للسعادة. هذه هى الأعمدة التى تقوم عليها رواية خوسيه ماريا ميرينو الجديدة «نهر عدن» التى فازت هذا الأسبوع بجائزة الدولة الإسبانية فى السرد. الجائزة كانت مناسبة جيدة ليتحدث الكاتب عن تقشف الحكومة فى الصحة والتعليم والثقافة، وليشير إلى القراءة المهددة بسبب غياب السياسة الملائمة للحفاظ عليها. يقول ميرينو «إذا أضعنا الأشياء الرمزية مثل الكتاب ومحتواه الأدبى سيكون وجودنا فى خطر، لأن الجنس البشرى يتغذى على الخيال من خلال القراءة، التى تضمن لنا القدرة على التخيل، القدرة على التطور». ميرينو استقبل خبر فوزه بالجائزة الكبرى بينما كان فى بنما. استيقظ صباحا وفتح الipad ليجد رسالة من زوجته تعلمه بالخبر، وقبل أن يخرج من دهشته تلقى إميلا آخر من ماريا تيريسا ليزارنزو، المديرة العامة للسياسة والصناعة الثقافية للكتاب، ورئسية لجنة التحكيم. فى رواية «نهر عدن» يتناول المؤلف حكاية رجل وزوجته، دانييل وتيرى، وابنهما سيلفيو المصاب بمتلازمة داون. يستغل الكاتب هذا العالم ليحلل ويحكى ليس فقط الأحلام والتربية وحياة شخص مع آخر معاق وما تتضمنه العائلة، بل يتأمل الفكرة الأفلاطونية الخاصة بالسعادة والتى استعمرت وتستعمر مع مرور الوقت عقل الأفراد المضغوطين من جانب المجتمع. «هذا يسوقنا إلى عدم التعرف على السعادة الحقيقية، لأنها محددة مسبقا بفكرة دينية تمنعنا أحيانا لتقييم ما نملك. عادة ما ننتظر أكثر وهذا ما يمنحنا التعاسة والبؤس»، يقول الكاتب بأسف. لجنة تحكيم الجائزة أبرزت أنها «رواية استعار فيها المؤلف صوتا ذاتيا آخر يتميز بالتأمل ليمنح حياة للعوالم العائلية الصغيرة، التى تدور حول طفل معاق والأزمة التى يسببها ظهوره لعائلته. يبنى المؤلف عملا مغامرا على مستوى التكنيك، ويكتسب العمل توترا كلما تقدمت الحكاية، ويتعرض لمشكلات قاسية، من بينها الحق فى وفاة كريمة، ويعالجها ببراعة». لقد كانت حياة ميرينو محاطة بالكلمات ودونها ربما صار وجوده أكثر صعوبة. يقول ميرينو «الكلمات تصنعنا، فلولاها لأصبحنا مثل حيوان غير قادر على قول شىء. الكلمات هى الضمير، هى المعرفة، هى الوعى». كتب قصصا فانتازية وقصصا حلمية، وقصصا واقعية أو خيالية، المتيقظون والنائمون يختبئون ويسبحون على صفحات كتبه، خصوصا كتاب «حكايات كتاب الليل»، ويضم قصصا قصيرة جدا مع رسومات من عمل الكاتب نفسه. يقول ميرينو: «قبل كتابة الرواية قمت أنا وزوجتى بجولة فى عدة أماكن منها أعالى نهر التاجو، وتهنا ذات يوم، وكانت تجربة لا تنسى حتى اكتشفنا أين ركنّا السيارة». يلاحظ أن الكاتب راض عن روايته حتى إنه يعترف بنصف ابتسامة، رغم مظهره الجاد: «لقد أصبت يا ميرينو. التاجو نهر خيالى، ملىء بالميثولوجيا والأساطير». هل توجد جنة عدن؟ يجيب ميرينو «مع مرور السنين تتذكر لحظات كنت فيها قريبا جدا مما يمكن أن يكون جنة عدن. لدينا أسباب السعادة غير أننا نهدر كثيرا من الفرص. الكثير من الناس ينفردون بأشياء تسبب الفرح مع ذلك نتحول لكائنات كارثية». لجنة التحكيم التى منحته الجائزة تتكون من شخصيات أدبية كبيرة مثل سلفادور جوتيريث، وداريو كسوهان كابانا، وبارتيثيو أوركيثو، ودولورس أوير، وهى شخصيات كبيرة فى أكاديمية اللغة الإسبانية والباسكية والجاليثية.