لا يوجد أحد فى العالم يكافئ لاعب الكرة المعتزل بتدريب الناشئين إلا فى مصر فيخرِّج لها ناشئين مشوَّهين فنيًّا وسلوكيًّا كثيرة هى الانكسارات التى مرت بها الكرة المصرية.. وبالمثل كانت الانتصارات لكن السؤال الآن: هل استفدنا من الهزائم أو من تحقيق البطولات؟ الإجابة ببساطه ووضوح لا، لم نستطع فى كل ما مر بنا فى تاريخ الكرة المصرية أن نبنى مستقبلا صحيحا لها، وبعد كل بطولة يحققها المنتخب المصرى أو أحد الأندية تقام الأفراح والليالى الملاح وبعد شهر «تعود ريما لعادتها القديمة»، وبدل الخروج المبكر من تصفيات كأس العالم أو الخروج المذل من تصفيات كأس الأمم الإفريقية، تنصب برامج «اللطم» الفضائى وتفتح سرادق العزاء لعمل حفلات هجوم جماعى، ولم يبحث أحد عن سبيل للخروج من تلك الأزمات وبناء مستقبل صحيح للكرة المصرية تتقدم من خلاله بعد عام أو عامين أو حتى بعد 20 عاما، ولكى يكون هناك هرم يبنى من القاعدة، وهنا سأطرح بعض الأمور السلبية الكثيرة التى تعانى منها الكرة المصرية على مر العصور. أولا: هناك أزمة كبيرة تعانى منها الكرة المصرية فى مسألة احتراف اللاعبين فعندما يأتى أى عرض احتراف لأى لاعب صغير تجد الأندية تطالب بمبالغ كبيرة، وتغلق الطريق على اللاعب وعلى سبيل المثال لا الحصر منتخب الشباب الذى شارك فى بطولة كأس العالم فى كولومبيا عام 2011 كانت هناك عروض احتراف على الأقل لعشرة من لاعبيه، ولكن لأن هناك أندية فى مصر لا تعرف إلا المصلحة الخاصة لم يحترف سوى الثلاثى محمد صلاح ومحمد الننى من المقاولون العرب وأحمد حجازى من الإسماعيلى، أما الكبار، الأهلى والزمالك، فرفضوا احتراف لاعبيهم فانتهى الأمر بأحد أفضل المدافعين فى مصر وقتها محمد عبد الفتاح تاحا إلى اللعب فى وادى دجلة وبمحمد إبراهيم وعمر جابر خارج المنتخب المصرى الأول فى مباراته الفاصلة أمام غانا لأسباب فنية، وهناك أكثر من نجم اختفى ولم يعد حتى الآن. وبداية التصحيح أن يضع اتحاد الكرة قانونا للاحتراف بأن يوافق النادى على احتراف لاعبيه حتى سن ما قبل 25 عاما فى أحد أندية الدرجة الأولى أو فى أحد الدوريات الكبرى فعندما يأتى عقد احتراف لمحمد إبراهيم فى «ملجا الإسبانى» فعلى النادى أن يوافق بقوة القانون، أما إذا أتى من «الزوراء العراقى» فلا مجال لإجبار النادى على بيع اللاعب وعلى اتحاد الكرة وخلفه وزير الرياضة تعويض النادى الذى يوافق على احتراف لاعبيه بمبالغ مالية وببعض النقاط فى الدورى إذا أخرج النادى أكثر من 4 لاعبين للاحتراف فى الدوريات الكبرى، وهو ما سيجعل هناك قاعدة احترافية للاعبين المصريين فى الدوريات الأوروبية لن تقل عن 50 لاعبا فى مدة قليلة تجعل هناك فرصة لأى مدير فنى أجنبى أو مصرى للاختيار بين العديد من النجوم بدلا من قاعدة «عد غنمك يا حجا» التى يختار منها برادلى ومن قبله حسن شحاتة أو أى مدير فنى للمنتخب المصرى. ثانيا: هناك العديد من الأخطاء المزمنة فى طريقة لعب المدافعين المصريين فى كل الأندية، وعلى كل المستويات ففى كل البطولات أو المباريات الفاصلة التى خسرها المنتخب المصرى كانت بنفس الطريقة، بطء المدافعين وعدم تمركزهم الجيد أو الكرات العرضية. لماذا لا نأتى بلاعبين محترفين على وشك إنهاء مشوارهم الكروى فى الدوريات الأوروبية مثل سول كامبل مثلا أو غيره من المدافعين الكبار من أجل تعليم مدافعينا كيفية التمركز الجيد، وهو ما يفعله القطريون مثلا الآن بإحضار نجوم كبار مثل راؤول جونزاليس من أجل اللعب فى الدورى القطرى والقيام بدور تعليمى فى الملعب لمهاجمى فريقه، ومن ثم يستفيد المنتخب القطرى، ولن أقول بعد ذلك تجنيس النجوم، لأن لدينا وفرة من اللاعبين، ولكن لا يوجد تعليم للمدافعين، وهناك أخطاء بالجملة فى البناء التدربيى للاعبين منذ النشء. ثالثا: إصلاح منظومة الناشئين فى مصر، فلا يوجد بالعالم من يعطى فرق الناشئين للاعبين المعتزلين حديثا، فاللاعب المعتزل حديثا عليه تولى تدريب أحد الفرق الأولى، أما التعامل مع الناشئين فهناك دورات تدريبية يجب على اللاعب الحصول عليها لتتعامل مع الناشئين وكذلك معرفة كيفية تأهيل الصغار فنيا ونفسيا، ولكن هنا فى مصر فقط يعتزل اللاعب فيأخد مكافأة بتدريب أحد فرق الناشئين. المثير أن معظم من يتولى تلك الفرق لم يحصل حتى على مؤهل تعليمى عال مع كل الاحترام لنجوم كرة القدم فهناك فارق كبير بين لعب كرة القدم أو تكون لاعبا موهوبا وبين أن تقوم بتربية لاعب على مهارات كرة القدم الفنية والسلوكية وهناك العديد من نجوم مصر الكبار فنيا انتهوا بسبب عدم تقويم السلوك منذ مرحلة الناشئين. رابعا: لا يوجد دولة فى العالم لا توجد فيها مسابقة لكرة القدم ويتوقف فيها الدورى ويلغى بدون سبب وعلى الاتحاد المصرى لكرة القدم والمسؤولين عن الأمن إعادة مسابقة الدورى وقبل الإعادة عليهم التفكير فى انتظامها لأن الدورى بدون انتظام لا يقدم أى جديد للكرة المصرى إلا التخبط وإصابة اللاعبين ومشكلات بين الجماهير ولا يستفيد منه إلا حفنة معدودة من الإعلاميين الذين يريدون «دورى فقط» وليس المهم مستواه أو ما يقدمه للجماهير، فالمهم أن هناك 22 لاعبا يتحركون على شاشة التليفزيون من أجل الاستديوهات التحليلية فقط. خامسا: إذا كان هذا الاتحاد هو الذى سيبقى يحكم الكرة المصرية حتى نهاية مدة ولايته فعليه إما أن يخرج من تحت عباءة هانى أبو ريدة أو أن يعلن هانى أبو ريدة أنه من يحكم كرة القدم المصرية من تحت الترابيزة حتى نعرف من نحاسبه على القادم من اتحاد الكرة، أما تصدير جمال علام أمام الإعلام على أنه كبش الفدا وهانى أبو ريدة هو المنقذ فهذا أمر سيوقف الكرة المصرية محلك سر حتى نهاية مدة هذا المجلس. هذه بعض المقترحات القليلة وهناك الكثير غيرها لإصلاح منظومة الكرة المصرية وستصبر الجماهير المصرية على المسؤولين إذا أرادوا بالفعل الإصلاح، فغير مهم تحقيق بطولة دورى أبطال إفريقيا للأهلى أو للزمالك فقد أصبحت بطولة مملة ويكفى أن تعرف أن الأهلى والترجى هما طرفان فى نصف النهائى لمدة تصل إلى سبع أو ثمانى سنوات ولذلك فعلى الأندية أن تفكر فى مصلحة الوطن بدلا من التفكير فى مصلحتها الشخصية فقط.