يبدو أن «الدراما الأمريكية» لا تسيطر فقط على هوليود والأفلام والمسلسلات الأمريكية، بل إنها تسيطر على عالم السياسية الأمريكى، حيث ينتظر الساسة حتى اليوم الأخير قبل إعلان الإفلاس قبل حل «أزمة الميزانية»، التى تسببت فى إغلاق الدوائر والهيئات والوكالات الحكومية لأكثر من أسبوعين. وإذا لم تحل الأزمة قبل يوم الخميس 17 أكتوبر، برفع سقف الدين عن 16٫7 تريليون دولار، فإن الولاياتالمتحدة ستكون مضطرة أن تعلن إفلاسها، وهو ما سيوقع العالم فى «أتون من الركود والأزمات الاقتصادية» -على حد قول رئيسة صندوق النقد الدولى كريستين لاجارد- كما قال رئيس البنك الدولى جيم يونج كيم: إن «الولاياتالمتحدة دخلت مرحلة شديدة الخطورة بسبب أزمة الموازنة تلك». وأجل الرئيس الأمريكى باراك أوباما بدوره اجتماعه المقرر مع قيادات الكونجرس من مجلسى النواب والشيوخ فى البيت الأبيض لحل تلك الأزمة، بعد ما وصفه بالتقدم النسبى فى مفاوضات قيادات مجلس الشيوخ. ولكن هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى» أكدت أن أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين والديمقراطيين أكدوا أن المفاوضات لم «تصل إلى أى جديد حتى الآن»، خصوصا أن أوباما لا يزال يصر على ضرورة رفع سقف الدين قبل التفاوض حول بنود الميزانية الأخرى من مشروع الرعاية الصحية «أوباما كير» أو خفض الإنفاق فى أكثر من بند آخر. كما أشارت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية إلى أنه حتى فى حالة توصل قيادات «الشيوخ»، ذى الأغلبية الديمقراطية، إلى اتفاق، فإنه سيصطدم بالموقف العنيد من جانب مجلس النواب، ذى الأغلبية الجمهورية، ورئيسه جون بوينر، واللذان يرفضان التصديق على الميزانية أو رفع سقف الدين قبل تخلى أوباما عن مشروعه للرعاية الصحية وخفض النفقات. وتقتضى الخطة الحالية التى يناقشها مجلس الشيوخ رفع سقف الدين حتى 7 فبراير، وتمرير قرار بتمويل الحكومة وإعادة فتح الوكالات حتى 15 يناير، ثم الحوار حول إصدار قرار فرض ضريبة على المدى الطويل والحد من الإنفاق خلال يوم 13 ديسمبر. أما أوباما، فخرج ليعقب على تلك التصريحات قائلا: «علينا أن ننتظر لنرى إن كان هذا التقدم فى المفاوضات حقيقيًّا أم أنه مجرد سراب، لكن على الجميع أن يعلم أن السقوط فى كابوس الإفلاس دمار للجميع». وتابع قائلا: «تلك المفاوضات ليست للدفاع عنى، ولكن للدفاع عن أحلام الشعب الأمريكى، وللدفاع عن كيان الولاياتالمتحدة التى من المفترض أنها أقوى اقتصاد فى العالم». ولكن كل ذلك يصطدم بدوره، باستطلاع الرأى الجديد الذى نشره مركز «جالوب» لدراسات الرأى العام، من تراجع شعبية أوباما إلى أدنى مستوياتها منذ توليه الرئاسة. وكشف استطلاع الرأى أن 41% من الشعب الأمريكى يوافق على قرارات أوباما وطريقة إدارته للبلاد، بينما يختلف مع نسبة 53%، والتى وصفها المركز بأنها مؤشر خطير على تراجع شعبية الرئيس الأمريكى فى الشارع. كما حذرت من جانبها القيادية الجمهورية البارزة، وزعيمة حركة «حزب الشاى» سارة بالين، الرئيس الأمريكى، قائلة له عبر صفحتها الرسمية على «فيسبوك»: «على أوباما أن يفكر فى أن شبح الإقالة يحوم حوله الآن، فهو يجازف بأن يحظى بلقب الرئيس المقال، خصوصا أنه يحاول إثارة ذعر العالم كله بمسألة سقف الدين، مبتزًا ومهددًا الكونجرس بضرورة تأييد طلباته، وإلا فإنهم سيتسببون فى انهيار الاقتصاد الأمريكى، بينما هو المدان فى ذلك كله».