وظيفة الرجل الحكومية تضمن نفقة المرأة وتعدد القضايا لرفع قيمتها.. والزوج يقدم مستندات بالتزامات مزيفة تعج محاكم الأسرة بالقصص الإنسانية على اختلاف نوعياتها وتفاصيلها، لكن السواد الأعظم من تلك القضايا يدور حول استجداء المرأة المطلقة نفقة لنفسها وأولادها، وما يتبعها من منازعات قضائية على قيمة النفقة وقضايا تخفض قيمتها، حتى إنها حينما تحصل على حكم لا تجد من ينفذه لها ويأتيها بقوتها وأولادها بعد سنوات الزواج طالت لعقود أو قصرت لشهور محدودة، وبالطبع يتبع ذلك قضايا لإلزام الزوج بتنفيذ الأحكام، وقضايا لمحاسبته عن الامتناع عن تنفيذ حكم القضاء، وما يتبع ذلك من استئنافات ودوامة لا أول لها ولا آخر. رأى القانون تنص المادة الأولى من القانون 25/1920على النفقة المستحقة للزوجة وتشمل ( الغذاء والمسكن و الكسوة و مصاريف العلاج بالإضافة لكافة المصاريف الأخرى)، وتستحق الزوجة النفقة في القانون نظير حق احتباس الزوج لها على ذمته، ومن المقرر أن نفقة الزوجية واجبة على الزوج شرعاً لقاء احتباسها عليه وأن النفقة للزوجة ديناً عليه فى ذمته لا تسقط إلا بالأداء أو الإبراء طبقاً للمادة الأولى من القانون 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون 100 لسنة1985 وإذا توافر شروط الاستحقاق فهنا تستحق الزوجة النفقة مع يسار أو إعسار الزوج طالما كان قادرا على الكسب. الشرع يقول بالرغم من المعاناة فى طلب المطلقات حقهن فى النفقة بحكم القانون، نجد الشرع والعرف يقر لها تلك النفقة شرعًا، لقوله تعالى في سورة البقرة "وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف"، ومن الشرع ومنطق الحق أقر القانون النفقة وأوجبها عملاً بنص المادتين 1 ، 16 من القانون 25 لسنة 1920 المستبدلين بالقانون رقم 100 لسنة 1985 من أنه تجب النفقة للزوجة على زوجها من تاريخ العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليه وتعتبر نفقة الزوجة ديناً على الزوج من تاريخ امتناعه عن الإنفاق مع وجوبه وتقدر النفقة بحسب حال الزوج وقت استحقاقها يسراً أو عسراً على ألا تقل النفقة فى حالة العسر عن القدر الذي يفي بحاجتها الضرورية ، والشأن في الزوجات الطاعة وقيام الخصومة بين الزوجين قرينة الامتناع عن الاتفاق والتقاضي إمارتها. واقع المحاكم أوضح محمد القرموطى، المحامى، أن قضايا النفقة أنواع، لتجد المطلقة نفسها مضطرة لرفع أكثر من قضية حتى تحصل على مبلغ مناسب أو حتى مبالغ فيه انتقامًا من الزوج، وتتعدد النفقات بين (نفقة زوجية، نفقة طفل، أجر مسكن وحضانة، نفقة تعليم، كسوة صيف وشتاء، نفقة رضاعة، مصاريف علاج وولادة ..وقضايا أخرى). ويضيف أن سهولة الفصل فى تلك القضايا ترتبط بطبيعة عمل الزوج، فإذا كان موظف حكومى فإن القضية تستغرق وقت أقل لأن دخله ثابت ومعروف، ويكفى الاستعلام عن راتبه، لتحدد المحكمة قيمة النفقة بما لا يزيد عن ثلث راتبه، ويمكن تنفيذ الحكم بالخصم من الراتب مباشرة، بينما تزيد الأزمات إذا كان عمل الزوج حر، إذ تتوقف القضايا على تحريات الشرطة عن دخله، وعادة لا تحدد متوسط الدخل بشكل واضح، بما يفتح مجال للتلاعب والتشكيك بين الطرفين، ويطيل أمد القضايا وهناك نوعية أخرى من القضايا تتعلق بالقضاء العسكرى، إذا كان الزوج يعمل فى جهة سيادية أو وظيفة بالجيش، ويحتاج الحكم فى قضية نفقة عليه إلى مفردات مرتب من جهة عسكرية، وذلك أمر يستغرق وقت طويل قد يصل إلى عامين. وأكد "القرموطى" على أن الأزمة الكبرى فى قضايا النفقة هي طول مدة الفصل فيها واستغراقها أشهر عديدة إن لم يكن سنوات داخل المحاكمة، هو "التنفيذ"، إذ أن الحصول على حكم بالنفقة لا يكون بداية فى منح الحق لأصحابه، لكنه يتطلب الدخول فى دوامة أخرى لمحاولة الحصول على قيمة النفقة، إذ نجد الزوج يمتنع عن السداد ويتحجج بالعجز عن السداد وارتفاع قيمة النفقة، وقد يسدد قيمة زهيدة من المبلغ، وتضطر الزوجة إلى إقامة دعوى متجمد نفقة بباقى المبلغ. وأشار المحامى إلى أن حل بنك ناصر الإجتماعى غير مجدى بصورة مرضية، قائلًا: إنه يوفر الحد الأدنى للزوجة وهو أفضل من العدم، لكن يبقى انه لا يصرف للزوجة قيمة النفقة كاملة، وإنما فقط 300 أو 400 جنيه فى الشهر بحد أقصى، ويتحصل البنك على نسبة معينة من المبلغ المصروف. حلول ومقترحات شدد المحامى على أن علاج مشاكل قضايا الأسرة وصون كرامة المرأة والأطفال وكذلك الرجل، هو العدالة الناجزة، بسرعة الفصل فى القضايا، وإلزام جهات التنفيذ باتباع الإجراءات الواجبة فى الأحكام على وجه السرعة دون تأجيل أو مماطلة، لأننا نجد قضايا تستغرق فى المحاكم سنةات طويلة، ويستغرق التنفيذ عام أو إثنين بعد أعوام الحكم، بما يمثل خطورة فى كيفية معيش المرأة وأطفالها طوال تلك المدة، مؤكدًا على أنه حتى وإن كانت المرأة تعمل، فالنفقة حق لها كفله الشرع والقانون، ومن ثم فهى تتعرض للظلم بالعدالة البطيئة، كما أن ذلك يخل بحياة الأبناء ويزيد الضغينة بين الطرفين. واقترح ضم القضايا المتعددة للنفقة فى قضية واحدة، لافتا أن تلاعب الزوج فى تحديد قيمة مرتبه وحجم دخله، بخلاف قدر النفقة بالنسبة لراتبه، يجعل القيمة المحكوم بها لا تتناسب مع القيمة العادلة، أو حتى الحد الأدنى الذى يحفظ حياة كريمة للسيدة وأطفالها، بما يجعلها تعدد القضايا على اختلاف نوعياتها، أمام قضاة مختلفين حتى تحصل على مبلغ عادل. والتمس المحامى إلزام الزوج بدفع مبلغ مقدم عند مواجهة قضايا النفقة، ليتم سداد مستحقات الزوجة منه منذ صدور الحكم حتى انتظامه فى السداد، لأنه من المعروف أن النفقة حق شرعى وقانونى. وطالب أخيرًا الطليقين بألا ينسوا الفضل بينهم، مطالبًا كل منهما بالإحسان وإعمال الشرع والدين، وإعمال الحقوق والوفاء بالإلتزامات وإن كرهوا، مؤكدًا أن الطلاق بالطبع لن يكون عن ود ومحبة ولكن غالبًا عن خلاف ونزاع بين الطرفين، ورغم ذلك فإن الله شرع النفقة وإلزام الزوج على رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وعلى السيدة ألا تحرم الأب من رؤية أبنائه، أو تحملهما على كرهه، مؤكدًا على أن التزام الطرفين سيجنبهما المحاكم وأجورها والعمر الضائع فيها. وأشار المحامى أخيرًا إلى مشكلة الرؤية، واستخدامها كوسيلة لضغط كل طرف على الآخر فى أمور النفقة، فالأم تحجب الأبناء، والأب يمنع النفقة، وكل طرف يحرر محاضر ضد الآخر، وتتفاقم الخلافات ليصل الأبناء إلى حد الكراهية لأحد الطرفين أو كلاهما، ويتحولون إلى معقدين نفسيًا.