«ليلة خامسة من الغاز المسيل للدموع والخرطوش والمطاطى والقمع العنيف»، هذا هو حال أكثر من مدينة تركية التى اجتاحتها الاحتجاجات على سياسة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. وكانت قد اندلعت احتجاجات عارمة منذ أيام عديدة احتجاجًا على مقتل المتظاهر الشاب أحمد أتاكان (22 عامًا) فى مدينة أنطاكية بمحافظة هاتاى على يد قوات الأمن إثر تفريق مسيرة احتجاجية، فى الوقت الذى تصر الشرطة فيه أن الشاب توفى نتيجة سقوطه من فوق سطح عمارة، وأن الشرطة لم تقتله. وخرج مساء أول من أمس الآلاف فى مدن أسطنبول والعاصمة أنقرة وإزمير، ومدن أنطاليا وأنطاكية وغيرها من المدن فى محافظة هاتاى جنوب البلاد. وتركزت الاحتجاجات التى احتشد فيها عشرات الآلاف فى منطقة «كاديكوى» فى الجانب الآسيوى من أسطنبول، حيث مقر حزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا، والوجه الآخر من جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، والذى يترأسه أردوغان. لكن تصدت لهم كالعادة قوات الأمن بخراطيم المياه وبقنابل الغاز والرصاص المطاطى للمحافظة على مقر «إخوان تركيا»، ودافعت عنه بشراسة، واعتقلت العشرات فى أسطنبول وما يصل إلى ألف متظاهر من كل المدن. واستمرت طوال الليل حالة من الكر والفر بين قوات الأمن والمتظاهرين، وهو ما اضطر «شرطة أردوغان» لأن تستعين بالسيارات المصفحة، التى طاردت الشباب حتى تمكنت من تفريق التظاهرة، وتمكنت القوات من إزالة حواجز المعتصمين المؤقتة من القمامة والأنقاض. وقال أحد المحتجين فى أسطنبول لوسائل إعلام محلية: «نحن نحتج على مقتل أحمد، ولن نتوقف عن المقاومة، حتى تكون هناك عدالة والحكومة تعلم أننا لن نستسلم ولهذا توجد الشرطة هنا». والأمر ذاته وقع بالقرب من مركز دينى فى العاصمة أنقرة، وفى مدينتى أنطاليا وأنطاكية الساحليتين وفى مدينة إزمير، وتعامل الأمن بنفس الطريقة معهم حتى فرق تلك الاحتجاجات. وتأتى تلك الاحتجاجات الأخيرة قبل 6 أشهر فقط من الانتخابات المحلية فى تركيا، التى يسعى من خلالها أردوغان أن يحظى حزبه بالأغلبية، ليثبت للمعارضة أنه لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة فى الشارع التركى، وأنه لا سبيل لإسقاطه بالاحتجاجات كما حدث فى مصر أو تونس، خصوصًا أنها تعتبر خطوة أولى فى سلسلة انتخابات تقبل عليها تركيا، فالرئاسية ستكون فى أغسطس 2014، والبرلمانية فى مطلع 2015.