إرهاب «الإخوان» وحلفائهم لا يقع بهدف استرجاع حكم أصبحوا على ثقة بأنه لا يمكن أن يعود، ولكنه يستهدف استنزاف قوى الدولة، وتعطيل خريطة الطريق، وقطع السبل أمام إصلاح اقتصادى واجتماعى مطلوب لتحقيق أهداف الثورة فى العدل وكرامة الإنسان. والرد على ذلك يكون بأن ننطلق فى طريقنا رغم كل التحديات، وأن ندرك أن المواجهة الأمنية للإرهاب لا بد وأن تتواصل وبكل شدة، لكنها لا ينبغى أن تعطلنا عن التحرك فى باقى الجبهات.. وإذا كان وضع الدستور وبناء مؤسسات الدولة وانتخاب الرئىس والبرلمان له كل الأهمية فى هذه المرحلة، فإن الأهم هو اتخاذ خطوات سريعة للإصلاح الاقتصادى وخطوات أخرى لتحقيق العدالة الاجتماعية ربما يكون فى مقدمتها حسم قضية الحد الأدنى والأقصى للأجور فى أقرب فرصة. نعرف أننا قد ورثنا أوضاعا اقتصادية كارثية، وأوضاعا اجتماعية خطيرة زادت فيها نسبة الفقر إلى 25٪ وتضاعفت فيها معدلات البطالة بسبب توقف السياحة وتراجع الإنتاج وإغلاق مئات المصانع. ونعرف أيضا أن مواجهة الإرهاب لن تكون بالأمن فقط، بل بمواجهة شاملة تبدأ من الاقتصاد وتنتهى بالثقافة والتسليم. إن كل فرصة عمل جديدة هى إسهام فى تجفيف منابع الإرهاب، وكل عائلة تخرج من دائرة الفقر هى ضربة للتطرف، وكل خطوة على طريق العدالة الاجتماعية هى انتصار للثورة، وهى أيضا تمكين لقيم الاعتدال والترابط بين أبناء الوطن الذين يخوضون معركتهم من أجل مصر التى يحلمون بها. ولعل ما أعلنت عنه الحكومة قبل أيام من تخصيص أكثر من 22 مليار جنيه كاعتمادات إضافية للاستثمارات العامة يكون بداية للسير فى هذا الطريق. وقد تابعت تصريحات عدد من أعضاء الحكومة والتى تشير إلى التركيز على مشروعات البنية الأساسية والمشروعات التى تتميز بكثافة العمالة، كما كان مهما الإعلان عن مضاعفة موازنة دعم إسكان الفقراء لتصل إلى نحو 5 مليارات جنيه. بداية جديدة فى ظروف صعبة كنا نرجو أن يضعها المسؤولون أمام الشعب ليعرف الكارثة التى كان يقودنا إليها حكم الإخوان الذى كان يستعد لبيع مصر ورهن قناة السويس، ويمهد الطريق لذلك بإضافة مليار دولار كل شهر إلى ديون مصر الخارجية، وبإدارة الاقتصاد بطريقة «البقالين» حتى وصلنا إلى وضع وصل فيه عجز الموازنة إلى 14٪ ووصل الدين العام إلى 92٪ من الدخل القومى.. وهى أرقام تقول بوضوح إن مصر كانت على وشك الإفلاس!! ورثنا هذه الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ولكننا قادرون -بإذن الله- على تجاوزها، ونملك كل الإمكانيات لذلك، ومعنا دعم الأشقاء العرب، ومعنا -قبل ذلك كله- روح الثورة القادرة على قهر كل التحديات. لكن علينا هنا أن نسأل عصابة «الإخوان» وحلفائها: أليس كافيا ما فعلتموه بمصر؟ أليس كافيا أن أوصلتموها إلى حافة الإفلاس؟ هل تستحق مصر منكم أن تحرضوا العالم عليها، وأن تستدعوا الأجنبى لاحتلالها، وأن تحاولوا حرقها بإرهابكم الحقير؟ ومن يستطيع -بعد ذلك- أن يحميكم من شعب تتآمرون لتعطيل اقتصاده ومنع لقمة العيش عن أبنائه؟ نسأل ولا ننتظر الإجابات، بل نمضى فى طريقنا نسحق الإرهاب ونستعيد الأمن، نفتح المصانع المعطلة ونضىء الفنادق المغلقة، نخلق فرصا ونفتح أبواب رزق جديدة. نبدأ مسيرة للعدالة بحد أدنى للأجور يكفل الحياة الكريمة، نسمع من يهددون بعقوبات اقتصادية فنتذكر أننا سمعنا منهم نفس الحديث بعد ثورة يوليو وقبلنا التحدى، وبنينا السد العالى وآلاف المصانع، واستعدنا قناة السويس، وأكدنا كرامة وطن لا يبيع استقلاله بأموال الدنيا.