وكيلة الشيوخ تطالب بإزالة عقبات تطبيق النسب الدستورية في موازنة التعليم العالي    أكاديمية الشرطة تنظم ورشة عمل مشتركة مع الشرطة الإيطالية لتدريب الكوادر الأفريقية على مكافحة الهجرة غير الشرعية    الوادي الجديد تبدأ تنفيذ برنامج "الجيوماتكس" بمشاركة طلاب آداب جامعة حلوان    هيئة تمويل العلوم تُعلن عن فتح باب التقدم لمنحة سفر شباب الباحثين    وزير التموين: توريد 900 ألف طن قمح محلي حتى الآن    إسكان النواب توافق على موازنة الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي    «إكسترا نيوز» تبرز ملف «الوطن» بشأن افتتاح مركز البيانات والحوسبة السحابية    «معلومات الوزراء»: ألمانيا والصين الأكثر إصدارا للسندات الخضراء    توافق سعودي أمريكي حول ضرورة وقف إطلاق النار في غزة    الرئيس السيسي يستقبل رئيس البوسنة والهرسك في قصر الاتحادية    بسبب حرب غزة| طلاب الجامعات في واشنطن ينادون بتغييرات في العلاقات مع إسرائيل    فانتازي يلا كورة.. دي بروين على رأس 5 لاعبين ارتفعت أسعارهم    الزمالك: الفوز على الأهلي ببطولتين.. ومكافأة إضافية للاعبين بعد التأهل لنهائي الكونفدرالية    مباراتان في الدوري وتأجيل مثلهما.. ماذا ينتظر الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية؟    عامر حسين: لماذا الناس تعايرنا بسبب الدوري؟.. وانظروا إلى البريميرليج    ضبط خريج شريعة وقانون يمارس مهنة طبيب أسنان في المنوفية    إصابة 6 أشخاص في حادث تصادم على طريق جمصة بالدقهلية    جامعة كفر الشيخ تنظم حملة للتوعية الأسرية والمجتمعية    الضحية أقوى من الجلاد.. أبو الغيط يهنئ الفلسطيني باسم الخندقي على فوزه بالبوكر    جهود مبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر عن الأمراض الوراثية لحديثي الولادة    دراسة تكشف العلاقة بين زيادة الكوليسترول وارتفاع ضغط الدم    التعاون الاقتصادي وحرب غزة يتصدران مباحثات السيسي ورئيس البوسنة والهرسك بالاتحادية    المشاط: تعزيز الاستثمار في رأس المال البشري يدعم النمو الشامل والتنمية المستدامة    9 مايو أخر موعد لتلقي طلبات استثناء المطاعم السياحية من تطبيق الحد الأدنى للأجور    عبد الواحد السيد يكشف سبب احتفال مصطفى شلبي ضد دريمز    برشلونة أبرزها.. مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    تطور عاجل في مفاوضات تجديد عقد علي معلول مع الأهلي    البحوث الإسلامية يعقد ندوة مجلة الأزهر حول تفعيل صيغ الاستثمار الإنتاجي في الواقع المعاصر    الأنبا بشارة يشارك في صلاة ليلة الاثنين بكنيسة أم الرحمة الإلهية بمنهري    إصابة عامل بطلقات نارية في ظروف غامضة بقنا    موعد إعلان أرقام جلوس الصف الثالث الثانوي 2023 -2024 والجدول    احالة 373 محضرًا حررتها الرقابة على المخابز والأسواق للنيابة العامة بالدقهلية    أمن القاهرة يضبط عاطلان لقيامهما بسرقة متعلقات المواطنين بأسلوب "الخطف"    ولع في الشقة .. رجل ينتقم من زوجته لسبب مثير بالمقطم    محافظ المنوفية يستقبل رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية    أسوشيتد برس: وفد إسرائيلي يصل إلى مصر قريبا لإجراء مفاوضات مع حماس    منهم فنانة عربية .. ننشر أسماء لجنة تحكيم مهرجان كان السينمائى فى دورته ال77    «ماستر كلاس» محمد حفظي بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير.. اليوم    مؤسسة أبو العينين الخيرية و«خريجي الأزهر» يكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين.. صور    ضحايا بأعاصير وسط أمريكا وانقطاع الكهرباء عن آلاف المنازل    بحضور وزير الخارجية الأسبق.. إعلام شبين الكوم يحتفل ب عيد تحرير سيناء    «الرعاية الصحية» تشارك بمؤتمر هيمس 2024 في دبي    خلي بالك.. جمال شعبان يحذر أصحاب الأمراض المزمنة من تناول الفسيخ    اتحاد الكرة: قررنا دفع الشرط الجزائي لفيتوريا.. والشيبي طلبه مرفوض    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    رئيس الوزراء: 2.5 مليون فلسطيني في قطاع غزة تدهورت حياتهم نتيجة الحرب    خسائر جديدة في عيار 21 الآن.. تراجع سعر الذهب اليوم الإثنين 29-4-2024 محليًا وعالميًا    تعرف على الجناح المصري في معرض أبو ظبي للكتاب    أول تعليق من ياسمين عبدالعزيز على طلاقها من أحمد العوضي    من هي هدى الناظر زوجة مصطفى شعبان؟.. جندي مجهول في حياة عمرو دياب لمدة 11 سنة    مطار أثينا الدولي يتوقع استقبال 30 مليون مسافر في عام 2024    مصرع عامل وإصابة آخرين في انهيار جدار بسوهاج    أمين لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب: هذا أقوى سلاح لتغيير القدر المكتوب    "استمتع بالطعم الرائع: طريقة تحضير أيس كريم الفانيليا في المنزل"    سامي مغاوري: جيلنا اتظلم ومكنش عندنا الميديا الحالية    بايدن: إسرائيل غير قادرة على إخلاء مليون فلسطيني من رفح بأمان    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«يوم لوَّح عبد الناصر بعلامة النصر».. ٦٠ عاما على مؤامرة سحب المرشدين
نشر في التحرير يوم 16 - 09 - 2016

تحتفل مصر وقناة السويس، اليوم الجمعة، بالذكرى ال60 لانتصار رجال القناة وإجهاض مخطط بريطاني فرنسي لغلق المجري الملاحي بدعوى عجز المصريين عن تشغيله تمهيدا لإعادة احتلال منطقة القناة، والسيطرة من جديد علي قناة السويس بعد التأميم وطمعا في الإطاحة بالزعيم جمال عبد الناصر، الرئيس الشاب الذي سبب صداعا قاتلا لرئيس وزراء بريطانيا لم يلبث أن قضي عليه.
المؤامرة كما يسجلها تاريخ القناة، وكما يحب المصريون أن يصفونها بمسمياتها رفع عنها الستار رسميا في ١٣ سبتمبر ١٩٥٦، وبعد اقل من شهرين من تأميم مصر لقنالها عندما أخطر الفرنسي بول ريموند مدير إدارة الملاحة بقناة السويس المهندس محمود يونس، قائد عملية تأميم المجرى الملاحي، والمشرف على إدارته آنذاك، أخطره بقرار الانسحاب الجماعي للمرشدين الأجانب البالغ عددهم ٢٠٧ مرشدين، بحجة استيائهم من معاملة الإدارة الجديدة.
القرار وصياغته جاءا بناءً على تعليمات إدارة الشركة في باريس وبإيعاز منها، إذ كانت الإدارة الأجنبية تعتقد أن المصريين لن يستطيعوا إدارة القناة بمفردهم، وأن سحب المرشدين والموظفيين الأجانب دفعة واحدة سيؤدي إلى توقف الملاحة في القناة، وبذلك تعتبر للحكومة المصرية أخلَّت صراحة باتفاقية القسطنطينية، التي تنص على ضمان استمرار الملاحة لكل الجنسيات في المجاري المائية العالمية، وكان المخطط أن تفرض بريطانيا وفرنسا إرادتهما على مصر بالقوة، وأذهبت للتدخل المسلح في مصر بقوات عسكرية بحجة إعادة الملاحة في القناة، وهو ما حدث بالفعل.
قامت إدارة الشركة بالتنبيه على جميع الإنجليز الموجودين بالقناة بالانسحاب، وكانوا يتقلدون المناصب الرئيسية مثل المهندسين في الورش، والمرشدين على المراكب، ومكتب الحركة الذي ينظم حركة السفن في القناة، وهددت بعدم إعطائهم أية معاشات أو مكافآت أو مستحقات حال رفضهم الانسحاب.
جزء من سياسات تخريب شركة قناة السويس قبل التأميم وانتهاء الامتياز، كان بإبعاد المصريين تمامًا عن مراكز القيادة والمناصب الرئيسية حتى لا تستطيع إدارة المرفق عند استلامه، فكان المصريون العاملون بقناة السويس قلة، وفي مناصب دنيا، ولا يوجد مصري واحد في مركز اتخاذ القرار.
لكن فريق العمل الذي شكله المهندس محمود يونس عندما كُلف بالتأميم، كان يحوي عناصر مخابراتية على دراية بمنطقة القناة، وبعد نجاح عملية التأميم قامت بمهمة متابعة محيط أعمال الشركة التي لم تقم الإدارة الجديدة بتغيير موظفيها وأغلبهم من الأجانب لحاجة العمل لهم من جهة والاتزامها المعلن بعدم الاستغناء عن العاملين من جهة أخرى.
لكن خطة بديلة دخلت طور التنفيذ بعد أيام من إنهاء استلام مرافق المجرى المائي؛ لوضع بدائل للأزمات المحتمل مواجهتها والتي قد تهدد بتوقف الملاحة مثل غرق قطع بحرية في الممر بشكل متعمد لتعطيل الملاحة، ولو لأيام تظهر فيه مصر عاجزة عن تشغيل القناه بشكل آمن، ووضعت قطعًا حربية في حالة استعداد عند مداخل القناة الشمالية والجنوبية؛ للتعامل مع أي محاولة تخريب المجرى الملاحي.
تقارير عناصر المخابرات من داخل الشركة، أشارت إلى غياب المرشدين الأجانب الذين كانوا في إجازات ببلادهم ولم يعودوا في الموعد المحدد، فيما بدأ المتواجدون في بيع أثاث منازلهم وسياراتهم تمهيدا للمغادرة، ولكن دون أن يخطروا الشركة وفي 26 أغسطس 1956، بلغ عدد المرشديين المتغيبين 59 مرشدا.
ومثلما وضعت خطة التأميم ونفذت في 50 ساعة، وضعت خطة لتدريب وتجهيز مرشدين مصريين خلال 4 أسابيع، وكان التحدي هو عدم كسر إرادة مصر بإغلاق القناة ولو ساعات.
كما أوضح المهندس محمد عزت عادل، ثالث من قادوا عملية التأميم، وتصدى لأزمة المرشدين مع رفاقه، فقد استدعت المخابرات مهندسين من البحرية المصرية، ودفعت بهم لدورات مكثفه للتعرف على خصائص الممر الملاحي، وطرق إرشاد السفن داخله.
وعلى محور موازٍ، نشطت المخابرات في البحث عمن يمكن استمالته من المرشدين الأجانب؛ للاستمرار في العمل، فكان اليونانيون الجنسيه الوحيدة التي رفضت المشاركة في المؤامرة ضد القناة، فيما استمر 7 مرشدين من جنسيات أخرى عندما وقعت الأزمة.
يقول عزت "قمنا بالإعلان في الصحف الأجنبية عن طلب ملاحين ومرشدين القناة، وتقدم أجانب قمنا بقبولهم وتدريبهم على شكل سريع فقد كنّا نستبق الزمن.
وفي ليلة ١٤-١٥ سبتمبر، نفذ المرشدون الأجانب المؤامرة، وانسحبوا دفعة واحدة مع الموظفين والعمال الأجانب ماعدا اليونانيين، فلم يبق في جهاز الإرشاد إلا 52 مرشدًا من 207، وانسحب مع المرشدين 326 موظفا فنيا وإداريا من أصل 805 موظفين، وجلس بعضهم في النوادي المطلة على مياه القناة، وبجوارهم مراسلو الصحف الأجنبية الذين تجمعوا ليسجلوا الحدث المتوقع بتوقف الملاحة في قناة السويس.
ودفعت الإدارة الجديدة بالمرشدين الجدد - عددهم ٦٨ مرشدا منهم ٥٣ مصريا و٦ يونانيين و٧ من جنسيات أخرى ( ٣ ألمان وإيطالي وسويدي وأسباني) - كما عوضت غياب المهندسين والموظفين بعناصر من البحريه لحين استكمال تعويض الموظفين المنسحبين.
أمام مدخل القناة الشمالي عند بورسعيد، اكتملت فصول المؤامرة بتجمع نحو خمسين سفينة تندفع في اتجاه القناة بشكل جماعي في محاوله لإرباك المصريين، وإظهار عجز إدارة جمال عبد الناصر في أول اختبار لقراراته الثورية التي صدمت العالم، وحركت تيار الثورة في كل المنطقة، وفي إفريقيا من أجل الاستقلال.
وعبرت ٤٢ سفينة في اليوم الأول، دون أي عائق، وتوالت الأيام والعمل في القناة على ما يرام حيث لم يقع أي حادث، ولم تتوقف الملاحة، ولم يتعطل المرور، وتصدى لقيادة أول سفينة الشاب علي نصر، وكان عمره ٢٦ عاما، وعندما صعد للباخرة سأله رُبَّانِها "هل لديك خبرة في قيادة هذا النوع من السفن؟" فأجابه "لا، هذه أول مرة في حياتي أقود سفينة على الإطلاق!".

ويتذكر نصر "لم أكن أرى الطافيات الملونة وسط المياه، كنت متوترا وقلقا لأن الفشل كان سيضر ببلدي وسمعتها، كنّا جميعا ننظر للقناة على أنها ساحة معركة لابد أن نكسبها".
ورويدا رويدا، بدأت رحلة السفينة وخلفها باقي القافلة يقودها المرشدون المصريون واليونانيون، وعلى أحد جوانب القناة، نظر المرشدون لرجل يرتدي بدلة يقف على الضفه ينادي عليهم بأسمائهم، وكان عرض القناة لا يزيد عن 100 متر آنذاك، ونظروا فوجدوا المهندس محمود يونس وبجانبه الرئيس جمال عبد الناصر، يلوح لهم بعلامة النصر.
ووقف الرئيس عبد الناصر يوم ١٥ سبتمبر ١٩٥٦ خلال الاحتفال بتخريج فوج من الضباط الطيارين، وأشاد برجال القناة من المرشدين والتحركات وجميع العاملين قائلا: "اليوم باسم الشعب وباسم كل فرد من أبناء مصر، أهدي إلى هؤلاء الرجال وسام الاستحقاق المصري من الشعب المصري".
وأضاف "إنني فخور، اليوم هو أول يوم لتنفيذ المؤامرة الفرنسية والإنجليزية في قناة السويس، وصلت ٥٠ سفينة مرة واحدة واستطاع المرشدون المصريون واليونانيون أن يقوموا بالعمل كله في القناة، اليوم نثبت للعالم أجمع أن المصريين تمكنوا من أن يواصلوا العمل في القناة بعد أن سحبت بريطانيا وفرنسا جميع المرشدين الأجانب من القناة".
ومنذ التأميم حتى سحب المرشدين، عبرت القناة ٢٤٣٢ سفينة بسلام وأمان، منها ٣٠١ بعد الانسحاب الجماعي للمرشدين، والذي أصبح عيدًا سنويًا للمرشدين الملاحين المصريين.
وكما كتب إيزنهاور في مذكراته "وكما اتضح فيما بعد فإن المسؤولين والعمال المصريين لم يكونوا على كفاءة في إدارة القناة فحسب، بل أنهم سرعان ما أثبتوا أنهم يمكنهم أن يفعلوا ذلك في ظل ظروف زيادة الدور وبمقدرة متزايدة".
وفي ١٧ سبتمبر ١٩٥٦، وجهت الحكومة المصرية مذكرة لمجلس الأمن، تحتج فيها على سحب الدول الغربية المرشدين، وكررت اقتراحها بتأليف هيئة دولية لتسوية أزمة قناة السويس.
ولاقى الاقتراح المصري تأييد 21 دولة، ما أكد فشل المخطط الأول للتدخل واحتلال القناة، فتحركت بريطانيا وفرنسا قدما في باقي المخطط الذي اكتمل بالعدوان الثلاثي على مصر بعد أسابيع من فشل مؤامرة سحب المرشدين الأجانب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.