تناسى عدد من أعضاء مجلس النواب لدورهم الذي نص عليه الدستور بالرقابة على أداء السلطة التنفيذية، وتشريع القوانين، وتفرغوا لتبادل «الاتهامات» فيما بينهم، ولعل آخرها المشادة التي وقعت بين النائبين مرتضى منصور، ومحمد سليم عطا، عضوا اللجنة التشريعية، وذلك بالرغم من انشغال مجلس النواب بمناقشة مشروع قانون مهم، كقانون القيمة المضافة. نائب يتهم زميله..أنت بتجيب لنا حريم المشادة التي وقعت بين منصور، وعطا، بدأت أثناء اجتماع اللجنة التشريعية الأحد الماضي، وامتدت من قاعة مجلس الشورى، وحتى البهو الفرعوني، حينما قال «عطا» ل«منصور»: « أنا إخوان وأنت بتجيب لنا حريم»، مما أدى إلى دهشة الأخير، والذي اكتفي بالتلويح لرئيس اللجنة برفض ما قاله. وقال عطا سليم، للأعضاء عقب انتهاء إجتماع الشئون التشريعية: «منصور يقول للنواب أثناء الاجتماع إنني إخوان. هل هذا الأمر معقول؟». اتصالات بين نواب وجهات خارجية لم تكن المشادة السالف ذكرها هي الأولى، ففي ذات اليوم، شهدت الجلسة العامة انفعال رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال، على أعضاء تكتل 25-30، بعد انسحابهم اعتراضاً على مناقشة قانون القيمة المضافة وتجاهل طلبهم بالتصويت الإلكتروني، وتنظيمهم لمؤتمر صحفي خارج القاعة لشرح أسباب انسحابهم، حيث قال «عبد العال»: «هذ الأمر لن يمر مرور الكرام، ولا بد أن تكون للمجلس وقفة حاسمة تجاه القائمين على هذا المؤتمر، مضيفا: «لقد اتخذوا منصات الإعلام وسيلة للهجوم علي البرلمان، ولدي موضوعان في منتهى الخطورة ستتم مناقشتهما في جلسة سرية، تخص اتصالات تمت بين بعض أعضاء المجلس وجمعيات دولية في الخارج». وصف تكتل برلماني بالإرهاب ولم يكتف عبد العال بما قاله، وواصل هجومه على أعضاء التكتل، معتبراً أن انسحاب أعضاء التكتل من الجلسة إرهاباً للمجلس، وأمرًا غير مقبول، ويتعارض مع الديمقراطية التي أقرتها اللائحة الداخلية، متابعا: «سأتخذ كافة الإجراءات القانونية ضد هؤلاء الأعضاء، خاصة أن هناك مجموعة من النواب تهاجم المنصة، وتسعي لإسقاط المجلس، وهو ما لن نقبله». زيارة ذات مقاصد خفية قبلها بأيام أيضاً اعترض عدد من النواب وعلى رأسهم سليمان وهدان، وكيل البرلمان، على سفر عدد من أعضاء لجنة حقوق الإنسان، برئاسة النائب محمد أنور السادات، إلى جنيف، معتبرين أن هذا الأمر تم دون علم مجلس النواب، وكان يجب إخطاره أولاً، الأمر الذي رفضه «السادات»، مؤكداً أن الزيارة تمت بشكل شخصي، وليس رسمياً. ووصل الأمر إلي تصريح «وهدان»، في إحدى القنوات الفضائية، منتقداً تلك الزيارة، متسائلاً: «عاوز اسأل بعض النواب ما معنى أن واحد ياخدك وتدفع تذكرة سفر، وغداء وإقامة وإعاشة، عشان تحضر مؤتمر، كل دا ليه، أكيد فيه مقاصد خفية أو مستترة من حضور هذا المؤتمر». فلوس الشوبكي مرتضى كان بطلاً لواقعة أخرى، حينما انفعل الأسبوع الماضي خلال اجتماع اللجنة التشريعية والدستورية أثناء مناقشة حكم بطلان عضوية نجله النائب أحمد مرتضى منصور، وتصعيد الدكتور عمرو الشوبكي، قائلاً: «اللي خد فلوس من عمرو الشوبكي يرجعها». وقابل عدد من النواب الأمر بسخرية حيث قال النائب علاء عبدالمنعم ضاحكًا: «اللي خد فلوس يرجعها»، كما قال النائب أحمد طنطاوى: «أنت هترجع الفلوس دي»، ليداعبه عبدالمنعم قائلاً: «إحنا نلم من بعض يا جماعة أنا صرفتهم». إحالة النواب للجنة القيم سبقت تلك الوقائع تهديدات عديدة من قبل رئيس مجلس النواب، لبعض النواب، باحالتهم إلى لجنة القيم، والتحقيق معهم، سواء بسبب تصريحاتهم في وسائل الإعلام، ومهاجمتهم للبرلمان وطريقة إدارته، أو بسبب كلماتهم تحت قبة البرلمان. وقال الدكتور عمار علي حسن، الباحث في علم الاجتماع السياسي، إن الخلاف الحاد والمشادات والنقد المتبادل بين النواب ليست مشكلة، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن فى المنتج الذى يخرج عن البرلمان والذى يثير فى اتجاه واحد، لافتاً إلى أن القوة المختلفه مع السلطة داخل البرلمان عددها محدود، وبالتالى يسهل قمعها واقصائها وتهميشها. وأضاف حسن؛ فى تصريح ل "التحرير" أنه مهما ارتفع صوت وصراخ المعارضة داخل البرلمان إلا أن النتيجة معروفة وهى لاشيء، بينما الطرف الآخر ليس فى حاجة إلى صراخ لأنها تمتلك الأغلبية الميكانيكية التى تمكنه من تمرير ما يريد. وأوضح حسن، أن مشكلة البرلمان منذ بدايته هى وجود خلال فى تكوينه والأحزاب السياسية الممثلة بداخله لا تلعب أدوارها الطبيعية في اختلافها مع السلطة والمستقلين لا يملكون أدوات الفاعلية والتأثير فى القرارات وأشار إلى أن استمرار سياسة العمل داخل مجلس النواب بنفس الطريقة سيكون له تأثير خطير على الدولة بشكل عام. فيما قال رامي محسن، مدير المركز الوطني للاستشارات البرلمانية، إن ما يحدث في مجلس النواب خلال الفترة الحالية يعتبر ترهيب وتخوين وتخويف، ولم يحدث في البرلمان السابقة أن يتم تحويل حوالى أكثر من 50 نائب إلى لجنة القيم مرة واحدة بهذا الشكل. وأشار محسن، إلى ضرورة أن يتنحى عبد العال عن السياسة التى يدير بها المجلس، والتى يعتبر نفسه أستاذ والنواب تلاميذ، مؤكداً أن المزايدات والتخوين أصبحا عبئاً على المواطن المصري والبرلمان. وأوضح محسن، أن نظام التصويت الإليكتروني تكلف حوالى 3 ملايين جنيه، ورئيس البرلمان لا يريد العمل به حتى يخفي الحقيقة وينتزع موافقة النواب بطرق قديمة فى وقت قصير.