يصعد الفنان سيد الضوي إلى المسرح بخطوات ثقيلة ممسكا بيمينه عكازا يتكئ عليه بمساعدة حفيده حتى يصل آخر رواة السيرة الهلالية إلى الكرسي الخاص به ويجلس عليه كالملك على عرشه، قبل بداية أمسيته. ويقرأ الضوي صاحب البشرة السمراء والعينين الذابلتين، الفاتحة ثم ينشد "بعد المديح في المكمل.. أحمد أبو درب سالك.. أحكى في سيرة وأكمل.. عرب يذكروا قبل ذلك.. في سيرة عرب أقدمين .. كانوا ناس يخشوا الملامة.. ريسهم سبع ومتين.. يسمى أبوزيد الهلالي". كان الضوي أو "سيد الحكائين" كما يطلق عليه يحفظ أكثر من 5 ملايين بيت من السيرة، إذ أنه رفيق الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودي، وصاحبه بلقاءاته اليومية على شاشة القناة الأولى بالتليفزيون المصري لتسجيل السيرة الهلالية وأحداث الملحمة البطولية. وراثة.. وعالمية ولد آخر رواة السيرة الهلالية في مركز قوص بمحافظة قنا ب16 فبراير 1934، وتعلم من والده الحاج ضوي - الذي انتقل من البلينا في سوهاج إلى قوص - المديح والغناء الشعبي، كما حفظ عنه وجده السيرة الهلالية كاملة، بدأها من عمر 15 عامًا. وقدم سيد الضوي فن السيرة في أكثر من بلد زارها واستقبله جمهوره بردود أفعال متباينة، وكانت أهم رحلاته بمحطات تونس والهند وقطر والإمارات والأردن وسويسرا والدنمارك إلى جانب دول أخرى. حكاية الربابة وفي أمسياته يبدأ الضوي رواياته أمام جمهوره فيدخلهم عالمًا آخر مع حكايات الزير سالم وبطولات وفروسية أبوزيد الهلالي سلامة وغرام عزيزة ويونس، ويعتبر أهم وآخر شعراء ورواة السيرة الهلالية العظام الذين حفظوها عن الأجداد، وصاحبته فرقته التي تضم أحفاده الفنانين أشرف وقرشي ورمضان الضوي والفنانين خليفة سمان وخالد رفعت، بآلات الإيقاع والربابة والدف. الفنان الصعيدي الذي تغنى بحكاياته في العديد من دول العالم لم يكمل مراحله الدراسية لكنه صاحب الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي وتعاونا سويا في جمع وتوثيق السيرة الهلالية. ونالت أعراض "الشيخوخة" مؤخرا من سيد الضوي أقدم الحكائين وآخرهم في مصر، بعد أن تجاوز عمره الثمانين عاماً، لتنتهي رحلاته إلى الرقود على سرير وحيدا داخل مستشفى قنا بعد تدهور حالته الصحية.