كشفت صحيفة الأوبزيرفر البريطانية النقاب عن تعرض اللاجئين في مخيمات اليونان لعصابات مافيا تستغلهم من أجل الجريمة والجنس والمخدرات والاتجار بالبشر، حيث جاءت هذه الدلائل في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة اليونانية ضغوطًا بعد ما كشفته الصحيفة الإسبوع الماضي عن الضغوطات المثيرة للقلق في مخيمات اللجوء. وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن أثينا أعلنت عن عدة إجراءات مشددة، حيث قالت الحكومة إنها ستنشئ أربعة مخيمات جديدة؛ لتخفيف الضغوط والازدحام في المخيمات الحالية، التي تعد مصدرًا للتوتر والمشكلات. ونقلت الأوبزيرفر عن عمال الإغاثة قولهم إن حوالي 58 ألف لاجئ في اليونان أصبحوا هدفا لمافيات ألبانية ويونانية، لافتة إلى أن هناك قصصا كثيرة عن اختراق المافيات مخيمات اللاجئين لتجنيدهم. من جانبها قالت عاملة الإغاثة الأمريكية المتطوعة في أحد المخيمات في اليونان "إليبدا" (الأمل)، خارج مدينة ثيسالونوكي، نسرين أباظة، قولها: "إن لم يتم عمل شيء لتحسين حياة اللاجئين، واستثمار أوقاتهم بطريقة أكثر إنتاجية، فإنني أتوقع حدوث كارثة كبيرة". وأضافت أباظة: "هذه المخيمات تعد أرضًا خصبة للإرهاب، والعصابات، والعنف، ويبدو أن العالم نسيهم، ولم يعودوا في عناوين الأنباء، ولهذا لم يعودوا موجودين، لكن الإهمال سيكشف عن الوجه القبيح". الصحيفة البريطانية أشارت إلى أن اليونان أصبحت أكبر تجمع للاجئين وطالبي اللجوء في أوروبا، ولديها 55 مركزا، بما في ذلك نقاط ساخنة على بحر إيجة المطل على تركيا، وذلك بعدما أغلقت دول البلقان حدودها؛ لمنع اللاجئين من المرور إلى دول أوروبا الغربية. ونوهت الصحيفة إلى أن المسؤولين اليونانيين يعبرون في أحاديث الخاصة عن مخاوفهم، في ظل إشارات عن إمكانية انهيار الاتفاق الموقع بين تركيا والاتحاد الأوروبي لإعادة طالبي اللجوء الذين فشلت طلباتهم، لافتة إلى أن بالرغم من أن عدد اللاجئين في ذروة الأزمة صيف العام الماضي كان يصل إلى 10 آلاف لاجئ إلى جزيرة ليسبوس في اليوم، إلا أن عدد اللاجئين بدأ بالزيادة بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا الشهر الماضي، وتم إنقاذ 260 لاجئا يوم الجمعة قرب الجزر اليونانية، وهو عدد أكثر من المعتاد. وأوضحت الصحيفة أن اللاجئين يشعرون بالإحباط بسبب عدم معرفتهم بما يجري حولهم، ويقولون إنهم أصبحوا هدفا للعصابات الإجرامية، ويقول لاجئ سوري عمره 17 عاما: "لم أعرف عن المخدرات من قبل، أما اليوم فإنني أتعاطاها". ويضيف: "هذا المخيم مرعب، ونعيش مثل الحيوانات في خيم تحت حر الشمس الحارقة"، مشيرا إلى أن المخدرات هي السبب المؤدي إلى العنف، حيث تندلع المشكلات بين اللاجئين. وأوضح اللاجئ أن المافيا اليونانية والألبانية تأتي إلى المخيم لنشر المخدرات، واعترف بأنه مول عادته الجديدة من خلال التسلل إلى مقدونيا، حيث اشترى صناديق سجائر وباعها لسكان المخيم، ويقول: "لا توجد شرطة، وهي ترى المخدرات والطعن والمشاجرات، ولا تفعل شيئا، ولا يهتم العالم". وتأتي شهادة هذا اللاجئ، التي دعمتها منظمات حقوق الإنسان حول ظروف المخيمات، بعد إعلان الاتحاد الأوروبي في إبريل عن تخصيص مبلغ 83 مليون يورو لتحسين الظروف في المخيمات، لافتة إلى أن مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، والهيئة الدولية للصليب الأحمر، وعددا من المنظمات غير الحكومية، حصلت على الجزء الأكبر من المال، وحصلت اليونان على 181 مليون يورو للتعامل مع الأزمة. فيما اعتبر الاتحاد الأوروبي أن المساعدات لليونان دليلا مهما على الطريقة التي يرد فيها الاتحاد على التحديات، بحسب مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الإنسانية كريستوس سيلياديس. وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد أربعة أشهر من تصريحاته، والكشف عن اتهامات بالاستغلال الجنسي، والجريمة في المخيمات، فإن "هناك أسئلة حول الكيفية التي تم فيها إنفاق المال، وبالإضافة إلى غياب النظافة، والظروف السيئة في المخيمات، وعدم توفر الحماية من الشرطة، فإن هناك حديثا حول فعالية الخدمة الإنسانية". ونقلت عن الممول الذي أصبح "رجل خير"، ومول بناء مخيم "إليبدا" عميد خان: "لا يوجد تركيز على البعد الإنساني، بل على الأرقام، ولا أحد هنا يستخدم المال بطريقة فاعلة". وأضاف خان: "نظام الإغاثة الإنسانية هو ذاته منذ الحرب العالمية الثانية، والسؤال الذي يجب طرحه هو: هل تم استخدام المال الذي منح بطريقة جيدة؟".