يفرح المرء كثيرًا عندما يطالع خبرًا طيبًا عن بلد عربي شقيق، ويهتز القلب طربًا وسرورًا إذا كان هذا البلد هو دولة الإمارات العزيزة التي حققت المرتبة الأولى عربيًّا في مؤشر الابتكار العالمي لعام 2016، كما أعلن أمس خلال مؤتمر صحفي عقد في المقر الأوروبي للأمم المتحدة بمدينة جنيف السويسرية، حيث جاءت سويسرا في المركز الأول وتلتها السويد، وفي المركز الثالث حلت المملكة المتحدة. فرحتي بالإمارات تعود إلى سبب رئيسي، فأنا أقيم وأعمل في هذا البلد الطيب منذ 18 عامًا تقريبًا، وعرفت عن قرب أهله الطيبين ونبلهم الإنساني الرائع، كما شرفت بصداقة الكثير من مبدعي الإمارات ومثقفيها الكبار، علاوة على أنني شهدت نموها وازدهارها وتطورها أمام عينيّ طوال هذه المدة، وأذكر أن الشاعر السوري الكبير أدونيس قال لي ونحن نتجول في شوارع دبي عام 2009: (يا ناصر... أجزم أنه ما من بلد في العالم كله حقق هذه الطفرات العمرانية المذهلة في مدة زمنية قصيرة جدًّا مثلما أنجزت الإمارات)، وهو قول صائب تمامًا. المدهش حقًّا أن الإمارات تمكنت من تيسير الحياة اليومية للملايين الذي يقيمون ويعملون على أرضها بصورة فريدة، فعلى سبيل المثال... هناك انضباط مروري حازم، وشوارع فسيحة نظيفة، ومواصلات عامة مريحة، وحدائق رائعة، أما التعامل مع الجهاز الإداري للدولة فيتسم بالسهولة واليسر، ففي وقت قصير جدًّا تستطيع أن تستخرج أي ورقة رسمية، والحضور المتزايد للتعامل الإلكتروني مع هذا الجهاز يختصر الوقت ويحترم آدمية الإنسان، فلا طوابير ولا رشوة ولا تكدس لعين، حتى أصبحت الإقامة والعمل في هذه الدولة الفتية حلمًا يراود جميع سكان الكوكب وعلى رأسهم رجال الأعمال الذين يحلمون بالاستثمار فيها. لا يغيب عن فطنتك بطبيعة الحال أن بلدًا مثل الإمارات لا يمكن أن ينهض دون أن يتحلى بقيادة رشيدة ذكية تدرك متطلبات العصر وضروراته، وهو ما تمتعت به هذه الدولة النضرة، فحكام الإمارات يعرفون جيدًا كيف يطورون بلدهم من يوم إلى آخر، ويؤمنون إيمانا تامًّا بأن المستقبل للعلم والابتكار، لذا تنفق الإمارات أموالا طائلة على التعليم والبحث العلمي، وعلى انتشار المعرفة وعلى مخرجات التكنولوجيا وعلى براءات الاختراع... إلى آخره، وها هي النتائج المبشرة تتوالى، فأن تحقق الإمارات المركز 41 عالميًّا، والمركز الأول عربيًّا في مؤشر الابتكار العالمي لهو دليل قاطع على أن النهج الذي تسير عليه قيادة هذا البلد هو نهج صحيح يؤدي إلى التطور والتنمية المستدامة. لا تسل عن مصر في هذا الشأن وما ترتيبها، فالقلب يتحسر على أحوالنا، فإذا كان ترتيب السعودية في مؤشر الابتكار العالمي بلغ 49، وقطر 50، والبحرين 57، والكويت 67، وهم بذلك يحققون أفضل النتائج العربية، فإن ترتيب مصر في العام الماضي كان 100، وعليك تخمين ترتيبها في هذا العام بعد تراجعنا المؤسف في المجالات كافة. هنيئًا للعرب بتفوق دولة الإمارات، وهنيئًا لشعب الإمارات وقيادته الحكيمة هذا المركز المرموق عالميًّا وعربيًّا،... فهم يستحقون الخير كله.