ظُهر الأول من يوليو عام 2013، أي قبل ثلاث سنوات بالتحديد، حينها خرج القائد العام للقوات المسلحة -أنذاك- الفريق أول عبد الفتاح السيسي، في خطاب خطف مسامع وقلوب المصريين، وقال جملته الشهيرة "هذا الشعب لم يجد من يحنو عليه".. واليوم ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية متمثلة في الارتفاع الجنوني للدولار أمام الجنيه، ما ينعكس مباشرة في ارتفاع أسعار السلع، أصبح المواطن البسيط مهددًا في قوت يومه.. والسؤال: «من يحنو عليه». قرارات السيسي مؤخرًا، عقد الرئيس السيسي اجتماعًا مع أعضاء اللجنة الوزارية الاقتصادية، استعرض فيه التطورات الأخيرة في أسواق النقد والأوضاع الاقتصادية والمالية، واتخذ عدة قرارات لمواجهة الوضع الاقتصادي الحرج، تمثلت في "استكمال مفاوضات الاقتراض من صندوق النقد الدولي، وطرح سندات دولية في الأسواق العالمية، وتنفيذ برنامج طرح أسهم عددٍ من الشركات المملوكة للدولة في البورصة لجذب الاستثمارات من الداخل والخارج، والتوجيه بترشيد الإنفاق الحكومي وتشجيع المنتج المحلي وخفض الاعتماد على الاستيراد العشوائي وخفض معدلات البطالة، والتأكيد على أهمية ترشيد الطاقة". الدواء المر من جانبه، يقول الدكتور محمد علي عبد الحميد، وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن قرض صندوق النقد الدولي، يعتبر بمثابة الدواء المر، الذي يجب أن يأخذه المريض للشفاء، مشيرًا إلى أنه فى نفس الوقت سيسبب زيادة تراكم الديون والفوائد على الدولة، ولكن للأسف لا يوجد حلول أخرى. وأضاف عبد الحميد، في تصريحات خاصة، أن العمل على زيادة الإنتاج والتخفيف من الاستيراد والاهتمام بالصادرات والقضاء على الفساد والروتين، من الممكن أن يُسهم في حل الأزمة الاقتصادية الحالية، ولكننا نحتاج لحلول سريعة نظرًا لتغير سعر الدولار بشكل مستمر طوال الأيام الماضية، الأمر الذي يؤدي إلى عدم ثبات الأسعار. عبد الحميد أضاف، تعليقًا على قرار إصدار سندات دولية: «ستزيد من الضغوط والفوائد على الدولة، وللأسف ثلث الميزانية تذهب فى سداد فوائد الديون». وأوضح عبد الحميد، أن زيادة سعر الدولار من 8.75 إلى 13 جنيه فى السنة الأخيرة يحتاج تكامل وترابط بين الهيئات الاقتصادية حتى تسطيع تقديم حلول للأزمة، مردفًا، أن أسباب تدهور الوضع، طريقة الحكومة في حل الأزمة، والتي تتلخص في أن البنك المركزي يضخ 120 مليون دولار أسبوعيًا، في البنوك لتتمكن من استيراد السلع الأساسية، لافتًا إلى أن السوق يحتاج مليار و700 مليون دولار أسبوعيًا. وأشار عضو اللجنة الاقتصادية، أن نواب البرلمان يشعرون بالحزن تجاه الموطنين البسطاء، متابعًا: «فعلنا المستحيل لرفع نسبة 10% فى قانون الخدمة المدنية الخاصة بالمعاشات، ولكن الميزانية لا تتحمل». فشل رغم الاقتراض بينما وصف هيثم الحريري، عضو مجلس النواب وتكتل 25- 30، فكرة الاقتراض من صندوق النقد الدولي للحد من ارتفاع سعر الدولار ب«الخاطئة»، مشيرًا إلى أن الحكومة حصلت على قروض كثيرة خلال العامين الماضيين، لكنها لم تستطع أن تحافظ على سعر الدولار، رغم تجاوز قيمة تلك القروض ال20 مليار، حسب رأيه. وأضاف الحريري، في تصريح ل«التحرير»، أن أعضاء مجلس النواب تقدموا بمقترحات عديدة من شأنها توفير موارد للدولة بدون أن يكون هناك عبء أو حمل على المواطن البسيط، لافتًا إلى أن الحكومة تهدف إلى توفير موارد للدولة، ولكن على حساب الفقراء سواء من قانون مثل قانون الخدمة المدنية أو قانون القيمة المضافة. وأوضح أن البرلمان طرح بعض الحلول على الحكومة تسهم في الحد من ارتفاع سعر الدولار وتكون من خلال تشديد الرقابة على شركات الصرافة. تكرار خطأ الخديوي من جانبه قال الدكتور أحمد البرعي، وزير التضامن الاجتماعى الأسبق، إن قرض صندوق النقد الدولى الذي تسعى الدولة للحصول عليه من الممكن أن يأتي بنتائج عكسية، بخلاف ما تتوقعه الحكومة، وقد يؤدي إلى اضطرابات في البلاد، حسب قوله. وأضاف البرعي، في تصريحات خاصة، أنه يضم صوته لصوت النائب محمد أنور السادات، ويطالب الحكومة لو أردات أن تقترض، أن تسال الشعب أولًا عن موافقته على الشروط المطلوبة من صندوق النقد، معقبًا: «إحنا في مأزق كبير.. ربنا يعلم هنخرج منه إمتى». وأوضح وزير التضامن الأسبق، أن الطبقات المتوسطة والشعبية من أبناء الشعب المصرى حالها «صعب للغاية»، فسعر كيلو الفول وصل إلى 26 جنيه، مكملًا: «الحكومة تخرج علينا بحلول ستؤدي بنا إلى حالة أصعب». وتابع: «حل 21 مليار دولار (قيمة القرض) سهل من حيث الاتفاقية، ومن الناحية السياسية والقانونية حل أسهل، لأن الحكومة سترسله إلى البرلمان اللي مبيقولش على حاجة لأ»، مشيرًا إلى أن طرح سندات دولية يشبه ما فعله الخديو إسماعيل عندما طرح أسهم سندات قناة السويس في الخارج، وهو ما تسبب بالنهاية إلى تدخل أجنبي في شئون مصر. التاريخ سيحاسب الحكومة رئيس حزب الجيل، ناجي الشهابي، حذر من أن صندوق النقد أحد أدوات المخطط الغربي لضرب استقرار البلاد، وإفشال الدولة المصرية، كما أنه يحمل الخراب والدمار لكل بلد يستمع لنصائحه وخضع لضغوطه. أوضح الشهابي، في تصريحات صحفية، اليوم الأربعاء، أن الحكومة ترتكب خطيئة كبرى في حق الوطن إذا استجابة لشروط صندوق النقد الدولي، وسيحاسبها التاريخ عليها، مشيرًا إلى إنها زفّت أنباء سيئة عن قرب اتفاقها مع الصندوق على برنامج للإصلاح الاقتصادي يقرضها 7 مليار دولار سنويًا خلال 3 سنوات، وذلك بعد أن نفذّت شروطه وأصدرت قانوني الخدمة المدنية والقيمة المضافة وبدأت الرفع التدريجي لدعم الطاقة وخفض قيمة الجنيه وصولًا إلى تعويمه. أضاف الشهابي، أن اتفاق الحكومة مع الصندوق لا يمكن أبدًا أن ينتج برنامجًا إصلاحيًا شاملًا، مستدركًا: «أبشّر الحكومة بالخراب وضرب استقرار البلاد، وأذكّرها بإجابة المهاتير محمد، صانع المعجزة الماليزية، عن أن ابتعاده عن نصائح صندوق النقد والبنك الدوليين سبب نهضة بلاده»، مشيرًا إلى أن الحكومة تؤكد جهلها بالتاريخ وبتجارب الدول الناهضة، عندما تسمى اتفاقها مع الصندوق بالإصلاح في حين أنه الخراب والدمار وضرب الاستقرار الذي يعصف بالبلاد.