إدارة أوباما: مصر تمر بلحظة حرجة.. والمساعدات ستساعدها على اجتياز المرحلة والانتقال الديمقراطى مسؤل أمريكى بارز: مصلحة الولاياتالمتحدة فى أن لا تقول إن ما حدث انقلابًا أو ليس انقلابًا حسمت واشنطن الأمر، وقررت أنها لن تحسم، وبالتالى لن تقول إذا كان ما حدث فى مصر انقلابا أم لا. نعم لن تحسم الأمر، وسوف تستمر فى تقديم المساعدات لمصر. وحسب ما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول كبير بالإدارة، فإن إدارة أوباما توصلت إلى قرار بأنها غير ملزمة قانونيا بتوصيف ما حدث فى مصر. وأن عليها الاستمرار فى تقديم المساعدات لأن قطعها قد يؤثر سلبا على استقرار مصر فى لحظة حرجة مثل هذه، وقد يمثل خطرا لجيران مصر مثل إسرائيل. وهذا القرار الحاسم عكس رغبة الإدارة واختيارها فى تقديم المساعدات لمصر، لأنها فى مصلحة الولاياتالمتحدة فى ما يخص الأمن القومى الأمريكى، وأيضا يتوافق مع موقف أصحاب القرار الأمريكى الذين أعلنوا من قبل بأنه ليست لديهم النية لإلحاق الأذى بالمصريين فى هذا التوقيت تحديدا، بل إنهم يرغبون فى تقديم المساعدة إلى مصر لاجتياز المرحلة الحالية من التحول الديمقراطى، وبما أن القانون الأمريكى لا يسمح بتقديم المساعدات للدول التى يأتى فيها للحكم العسكريون عن طريق انقلاب، فإن الأمر المثار سياسيا وإعلاميا عقب 30 يوليو وإطاحة مرسى كان ولا يزال: هل ما حدث كان انقلابا أم لا؟ إلى أن جاءت الإدارة يوم الخميس الماضى لكى تحسم بأنها لن تحسم هذا الأمر، وسوف تستمر فى مساعدة مصر. وقال المسؤول الأمريكى الكبير فى تبريره أو توصيفه قرار الإدارة «إن القانون لا يطلب منا أن نتوصل إلى قرار رسمى عما إذا كان انقلابا قد حدث، وليس فى مصلحة أمننا القومى أن نأخذ هذا القرار»، مضيفا «نحن لن نقول بأنه كان انقلابا ولن نقول بأنه لم يكن انقلابا، نحن فقط لن نقول..». وحسب ما تم ذكره فإن الرأى القانونى أو التبرير أو التكييف القانونى لقرار الإدارة (أو اللا قرار) كان حصيلة جهود رجال القانون فى الخارجية ووزارات أخرى فى تقديم ما يمكن اعتباره «مخرجا» لاختيار الإدارة وموقفها مما جرى ويجرى فى مصر. وقد حرص مسؤول الإدارة على القول: «إن مصر تعد ركيزة استقرار للسلام فى المنطقة وأمنها، وإن الولاياتالمتحدة لها مصلحة أمن قومى فى انتقال ديمقراطى ناجح وآمن فى مصر». كما حرص المسؤول على الإشارة «سوف نعمل مع الكونجرس لكى نصل إلى الأفضل فى كيفية استمرار المساعدة لمصر بطريقة تحث الحكومة المؤقتة فى مصر على الانتقال بسرعة ومسؤولية إلى حكومة قيادتها مدنية وتكون مستقرة وديمقراطية وشاملة لا إقصاء فيها. حكومة تخاطب متطلبات شعبها وتحترم حقوق وحريات كل مواطنيها». وكان مسؤولون بالإدارة وأعضاء بالكونجرس قد كشفوا مع نهاية يوم الخميس الماضى أن إدارة أوباما أبلغت أعضاء بمجلسى الشيوخ والنواب، أنها لا تنوى أن تسمى ما حدث فى مصر بأنه «انقلاب»، وذلك حتى يتسنى لها الاستمرار فى تقديم المساعدات لمصر. وقد قام بهذه المهمة فى شرح وتفسير موقف الإدارة ويليام بيرنز نائب وزير الخارجية الأمريكى والمسؤول رقم 2 فى الوزارة. حيث تشاور مع أعضاء وقيادات بالكونجرس فى لقاءات مكثفة جرت وراء أبواب مغلقة بعيدا عن كاميرات الإعلام. وجاء تحرك بيرنز بعد يوم واحد من إعلان تعليق إرسال 4 مقاتلات من طراز «إف 16». ومع الإعلان عن قرار الإدارة باستمرار المساعدات بعيدا عن تسمية ما حدث وجرى، ترددت بالطبع تعليقات وإشارات عن ضرورة تحديد الأولويات فى تقديم المساعدات، خصوصا الاقتصادية منها وأيضا إعادة صياغة برنامج المساعدات بما يتناسب مع مقتضيات المرحلة الحالية. وبما أن واشنطن كانت تترقب أيضا بقلق وحذر وتخوف ما يمكن أن يحدث بالأمس (الجمعة) تلبية لنداء السيسى للشعب بالنزول إلى الميادين وما تبعه من تصريحات وتعليقات وأيضا «تهديدات» من جميع التوجهات السياسية فى مصر. قال جوش إيرنست نائب المتحدث باسم البيت الأبيض للصحفيين: «إن إدارة أوباما قلقة تجاه أى لغة خطاب قد تشعل التوترات وربما تؤدى إلى عنف أكثر. إنه وقت حرج بالنسبة إلى المصريين من أجل أن يجتمعوا ويلموا شملهم إن أرادوا ذلك، خصوصا إذا رغبوا فى التحرك لما بعد دوائر الاضطراب وعدم الاستقرار»، وأضاف إيرنست: «لذا تحث الإدارة قوات الأمن على ممارسة أقصى درجة من ضبط النفس والحذر. وأن يفعلوا كل ما فى وسعهم من أجل منع أى صدامات ما بين المتظاهرين المضادين. ونحن نكرر من جديد دعوتنا للمتظاهرين كى يتظاهروا سلميا». وحول الاتصالات ما بين واشنطن والقاهرة، قال إيرنست: «نحن منخرطون فى عديد من الحوارات مع مسؤولين مصريين على جميع المستويات. وجزء من رسالتنا هو تأكيد وجهة نظرنا بأنهم يجب أن يتحركوا وبسرعة نحو اتجاه حكومة منتخبة ديمقراطيا». وفى سياق آخر، يتصل بالأوضاع الاقتصادية فى مصر وملف قرض صندوق النقد «المعلق لحين إشعار آخر». قال صندوق النقد الدولى يوم الخميس إنه لن يتم إجراء أى مفاوضات حول قرض محتمل لمصر يقدر بنحو 4.8 مليار دولار حتى تحوذ الحكومة الانتقالية على الاعتراف الدولى. وذكر ويليام موراى، المتحدث باسم الصندوق، بأن الصندوق ليس لديه اتصال فى الوقت الحالى بالحكومة الحالية فى مصر، وإنما لديه فقط اتصال مع بيروقراطيين (إداريين) على المستوى التقنى. وقال موراى «إنه أمر يخص المجتمع الدولى، مؤسساتها ودولها فى أن تأتى معا للاعتراف بحكومة ما»، وأضاف «وهذا الأمر ينطبق فى أى مكان ولحين حدوث ذلك ولحين قيام أعضاء الصندوق باتخاذ قرار بشأن الحكومة المصرية فإننا سوف نبقى اتصالنا على مستوى تقنى». مصر بهمومها السياسية والاقتصادية والأمنية تشغل اهتمام كثيرين.. وغالبا ما يقال إن طريقها للمستقبل ملىء بمطبات كثيرة إلا أن هناك أيضا تفاؤلا فى ما يخص «ما بعد اليوم والغد». تفاؤل مصدره فى الغالب عدم رضا المصريين لما وصلت بهم الأيام! ويبقى التساؤل الدائم عن طرق الخروج من هذا المأزق؟!