جيل جديد أصبح هو الأقرب لاحتلال الشاشة الصغيرة فى رمضان وفرض قانونه، مثل منى زكى ونيللى كريم ومنة شلبى ورانيا يوسف وكندة وإياد وهانى سلامة وباسم سمرة والخالدين صالح والصاوى وروبى ومحمود عبد المغنى وأمير كرارة وعمرو يوسف وغيرهم، صاروا هم الأقرب إلى قلوب الناس رغم أن التليفزيون بطبعه لا يهون عليه ببساطة العيش والملح، لا أميل إلى فكرة التقسيم التعسفى بين الكبار والصغار، لا يجوز أن نضع المقياس العمرى باعتباره حدًّا فاصلًا، إلا أن شاشة رمضان قالت هذا العام إن الجيل الحالى هو المسيطر على الشاشة، النجوم الكبار بأفكارهم التقليدية لا يزالون يعيدون تدوير نفس بضاعتهم الدرامية القديمة، لم يدركوا أن الزمن تغيّر والمشاهد وصل إلى مرحلة التشبّع يريد نغمة جديدة، هل الكبار مثل نور ويسرا وليلى وإلهام وفهمى وحميدة والسعدنى وجمال سليمان وعادل إمام وصلتهم الرسالة. حميدة غاب أكثر من عشرين عامًا وعاد فى «ميراث الريح»، لم ألمح أنه يطرق بابًا جديدًا، ولكنه يقدم كل ما هو تقليدى، ومع المخرج يوسف شرف الدين الذى يقدم شاشة بليدة فى وقت نرى فيه أن هناك جيلًا جديدًا من المخرجين صار يقدم رؤية عصرية بها نبض الزمن، ومن الواضح أن حميدة استشعر ذلك فى أثناء التنفيذ، ولهذا قرأنا لأول مرة اسمه مشاركًا فى السيناريو والحوار فى محاولة يائسة لإنقاذ ما لا يمكن إنقاذه، لا تزال يسرا تفضّل السيناريو التفصيل، والكاتب تامر حبيب يستلهم ملامحها وصورتها الذهنية وكتب لها «نكدب لو قلنا ما بنحبش» من بقايا مسلسلاتها القديمة، الزمن تغيّر وهى تحاول عبثًا وقفه، ليلى علوى صنعوا لها فستان «فرح ليلى»، المخرج خالد الحجر كتب القصة، فهى مصممة الأزياء ولديها خوف من الإصابة بالسرطان، كنت قد قرأت مجموعة من القصص القصيرة للكاتبة الشابة هديل هويدى باسم «كيوبيد توليب»، بها واحدة عن فتاة فى الخامسة والعشرين تعمل أيضًا مصممة أزياء وتركها خطيبها بعد إصابتها بالسرطان، وغيّر خالد الحجر الكثير ليصبح السيناريو قريبًا من المرحلة العمرية التى تعيشها ليلى، ووجدنا أنه مجرد ملء ساعات زمنية، خالد قدّم قبل عامين «دوران شبرا» مسلسل حميم وصادق، ولكنه هذه المرة تحوّل إلى مجرد صنايعى، نور الشريف يختار «خلف الله» الرجل صاحب الكرامات الذى يجوب البلاد، هل هذا توقيت مناسب؟! صلاح السعدنى يتبنّى قضية قاسية فى «القاصرات» مكانها شاشة السينما، فمن الصعب أن يتحمّل المشاهد 20 ساعة من هذا التقزز، إلهام شاهين تدخل المعركة وتضع رأسمالها فى «نظرية الجوافة»، فهى المنتجة، وباع لها الكاتب والمخرج مدحت السباعى بضاعة قديمة، حسين فهمى بين «الشك» و«العراف» لا أعتقد أنه وجد فى الدورين ما يلامس وترًا خاصًّا، فهما مجرد وجود أشبه بتوقيع الحضور والانصراف، وهو ما ينطبق على جمال سليمان فى «نقطة ضعف»، الذى جاء بحكم عادة الوجود الرمضانى. المشاهد التليفزيونى بطبعه عشرى ولا يعلن عن غضبه ضد نجم إلا عندما يفيض به الكيل، وهكذا شاهدنا فى الأعوام الماضية تساقط العديد منهم، مثل نادية الجندى، كانت لها مساحة على الخريطة وأُجبرت على الغياب، نبيلة عبيد لم تجد فى العام الماضى سوى أن تقف تحت المظلة الجماهيرية لفيفى عبده فى «كيد النسا»، ثم اختفت هذا العام، والغريب أن الموسم أيضًا شهد غياب فيفى، محمد صبحى كان فاكهة رمضانية على مدى ربع قرن، ثم كرر نفسه فأصبح حضوره له مذاق الغياب. ويبقى عادل إمام، إنه القوة الضاربة ولا يزال، فهو صاحب الرقم القياسى فى الأجر، و«البريمو» على المستوى الرقمى، يضمن أكبر مساحة من وكالات الإعلان، إنه النموذج الصارخ للتفصيل الدرامى، يقدم له كاتبه الأثير يوسف معاطى مسلسل «العراف» بنظام الاسكتش، منحه مساحات للانتقال بين أكثر من حالة وشخصية من خلال بحثه عن أبنائه البورسعيدى والضابط والثرى اليسارى، ولكنها تبدو شخصيات معلّبة، فلم يعد اليسارى الوطنى الرافض لحياة الأثرياء يعيش بيننا اليوم، تغيّر الموقف وأصبح هناك الناشط السياسى الذى يطرح توجهًا آخر غير تلك الرؤية الأرشيفية التى كثيرًا ما استدعاها معاطى من أفلامه القديمة، مثل «السفارة فى العمارة»، هل يستمر العراف بقوة جذب عادل إمام حتى الحلقة الثلاثين؟ وإذا تحمّلنا، فهل سيواصل عادل تقديم نفس البضاعة فى العام القادم مع تغيير «التيكت»؟ إنه مأزق يعيشه الكبار وعليهم أن لا يركنوا كثيرًا إلى حكاية العِشرة والعيش والملح.