هل انتقم رامز جلال من سباب وركلات هيفاء وهبى فعرضها على الشاشة كاملة لإحراجها؟ ماذا لو مات ضيف إحدى حلقات برنامج رامز جلال رعبا؟ ماذا لو أصيب ضيف بنوبة قلبية أو انهيار عصبى أو أى رد مرضى فعل آخر؟ هل يتمكن فريق العمل من إنقاذه وإنعاشه فى الوقت المناسب؟ والسؤال الأهم هو: وعلينا بإيه من كل هذا العبث؟ هل يستحق مقلب من هذا النوع المشاهدة وهل يجلب السعادة والمرح والترفيه؟ ولماذا يكون أكل عيش رامز جلال وفريق برنامجه هذا الهراء السنوى الذى يحتاج إلى تحليل نفسى لصناعه والمشاهدين المعجبين به أكثر من التحليل النقدى والفنى؟ وأخيرا ماذا سيقدم رامز جلال العام القادم؟ هل يضع النجم أو النجمة فى تابوت ويلقى به فى البحر مثلا؟ ربما لم يتوقف قلب محمد هنيدى فزعا، ولم يصب أحمد بدير بذبحة صدرية هلعا، ولم تصب هيفاء وهبى بهبوط وإغماء من الرعب، ولكننا شهدنا هؤلاء النجوم وبعضهم يخرج عن شعوره ووقاره ويسب ويشتم بألفاظ خارجة، فى حلقة هيفاء وهبى كانت جرعة السباب والغضب والركل كبيرة، وكان صناع الحلقة من الخبث فكتموا الصوت فى شتائم هيفاء وهبى لرامز جلال وفريق التصوير بصورة احترافية حتى إن الجزء المحذوف من السباب يمكن استنتاجه بسهولة، وربما تكون هذه هى الحلقة الوحيدة التى ترك فيها البرنامج مساحة أكبر لرصد وتسجيل رد فعل الضيف، فهل انتقم رامز جلال من رد فعل هيفاء العنيف بعرضه على الشاشة كما هو تقريبا؟ هذه المشاهد سببت رد فعل أعنف من المشاهدين الذين شاهدوا نجمتهم اللطيفة الرقيقة تسب وتشتم وتتعامل بفظاظة مع فريق البرنامج وتضرب وتركل المصورين؟ امتلأت صفحات التواصل الاجتماعى ومنها صفحة هيفاء نفسها بهجوم عنيف ضدها، والحقيقة أن رامز جلال يستحق ما حدث له ولا يمكن معاتبة شخص على أى رد فعل بعد تعرضه لموقف مرعب وسخيف فى مقبرة تحت الأرض. برنامج «رامز عنخ آمون» وأمثاله من برامج المقالب التى تعتمد على الترويع هى التطور الفنى للعروض التى كان يتسلى بها حكام وشعب روما قديما، حينما كانوا يلقون بالعبيد فى حلبة واسعة فى مسرح يحتشد بالجمهور، كان على هؤلاء العبيد أن يقوموا بمصارعة الأسود والنمور المتوحشة، وهى مصارعة نتيجتها محسومة سلفا، وكان الجمهور يستمتع فى سادية بتلك الدقائق اليائسة التى تحاول فيها الضحية تأجيل مصيرها المحتوم، ثم تزداد إثارة الجمهور بمشاهد الوحوش الضارية الجائعة وهى تمزق لحوم الضحايا وتطحن عظامهم، وقد تطورت هذه الحفلات والعروض الدامية إلى نوع من المقالب التى يتم تصويرها بكاميرا خفية لتسجل تعرض الضحية لموقف محرج. كان الأمريكى آلان فونت هو صاحب أول برنامج للكاميرا الخفية فى نسخته التليفزيونية عام 1948 بعد عام واحد من نجاح النسخة المسموعة التى كان يبثها الراديو بعنوان «الميكروفون الخفى»، واعتمد البرنامج على المقالب الطريفة التى يتعرض لها الأشخاص العاديون، وبعدها ظهر نوع آخر من المقالب المدبرة التى اعتمد بعضها على إثارة خوف الضحية من خلال وضعه فى موقف فزع، وبرنامج رامز جلال من هذه النوعية، ولكنه أكثر خطورة بما يقدمه من مقالب، ويشجعه على هذا أن النجوم لا يرفضون ولا يشتكون من عرض حلقات يظهرون فيها بصورة مذلة، فهم فى النهاية يحصلون على أجرهم الباهظ مقابل الخوف والرعب والإهانة. مقلب «رامز عنخ آمون» معد بشكل جيد ومؤثرات مقنعة ومخيفة بالفعل، ولكنه مثل كل برامج مقالب رامز جلال فى السنوات السابقة، مقلب واحد يتكرر كل يوم بنفس التفاصيل مع ضيف مختلف، وأغلب الحلقة يضيع فى نفس المقدمة المكررة، حيث يحضر الضيف إلى منطقة أثرية مزيفة فى قلب الصحراء لتصوير إعلان دعائى للسياحة، وحضور مؤتمر صحفى عن كشف أثرى هام لمقبرة فرعونية، وبعد إقناع الضيف بالنزول للمقبرة يكون الاختلاف الوحيد فى كل حلقة هو طريقة رد فعل كل شخصية فى الموقف المرعب الذى يتعرض له. يتكرر هذا السؤال كل عام مع ابتكار رامز جلال وفريق عمله الذين يأكلون عيشهم من مهنة ترويع نجم مشهور ليضحك مشاهد سادى، فى بعض الأحيان يكون الشك فى أن النجم يعرف المقلب مسبقا، ويمثل ردود فعله أملا فى أن الأمر كله غير حقيقى، ولكن لأنه لا دليل على ذلك فإن الإشفاق على تعرض هؤلاء النجوم لدفنهم أحياء ولو لدقائق هو الشعور الطبيعى للإنسان السوى، ولأن برنامج رامز هو الأكثر شهرة بين برامج المقالب الأخرى فهو يتفنن كل عام فى تقديم فكرة ترويع ضيفه، وقد تدرجت أفكاره من مواجهة الضيف لأسد حقيقى إلى عملية اختطاف مسلح إلى الاحتجاز فى مقبرة، ولم يتبق أمامه إلا دفن ضيفه فعليا. من أسخف لحظات الحلقات حينما يصل إلى ذروة لحظات الرعب والانهيار فينزع رامز قناع المومياء الذى يضعه على وجهه وينفجر فى نوبة ضحك تؤكد أن الرجل يعانى مشكلة نفسية جسيمة، ففى اللحظة التى يحتاج فيها الضيف إلى من يقوم بتهدئته وتخفيف روعه يقوم رامز مستمتعا بالضحك، ولكنه فى استثناءات قليلة يتعرض لعلقة تصحبها حفلة من الشتائم كما حدث فى حلقة هيفاء وهبى.