ثورة الثلاثين من يونيو هى ثورة مكتملة الأركان.. ثورة خرج فيها ثلاثة وثلاثين مليون مصرى، يعلنون رفضهم لنظام حكم استبدادى، حاول احتلال مصر، التى لا يمثل أكثر من واحد فى المئة منها... وربما أقل... وإلى جوار الملايين التى خرجت، كانت هناك ملايين أخرى، تجلس أو تقف أمام منازلها، حاملة الكارت الأحمر للنظام.. ولأول مرة، تنضم الشرطة إلى رافضى النظام، ويتظاهر ضباطها جنبا إلى جنب مع الشعب، الذى هى جزء منه.. وأمام كل هذا، كان من الطبيعى أن يهب الجيش، الذى هو أيضا جزء من الشعب، والذى هو جيش وطنى باسل، ليقف فى مؤازرة الشعب، ويعلن نجاح أعظم ثورة فى التاريخ البشرى... ثورة الثلاثين من يونيو.. ولأن ثورة الثلاثين من يونيو قد خرجت من رحم ثورة الخامس والعشرين من يناير، فينبغى أن نستفيد من كل أخطاء ما بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، وأن تكون ثورة تصحيحها قائمة على المقولة الشهيرة للأديب إرنست هيمنجواى: «إذا عرفنا كيف فشلنا، نعرف كيف ننجح»، ومن أكبر الأخطاء، التى وقعنا فيها سابقا، هى أننا سعينا، من باب الغضب والغل، إلى هدم كل شىء من منطلق ضرورة البناء على نظافة!! ومن هذا المنطلق الذى كان هناك فصيل متآمر، يدفع الشباب إليه دفعا، كدنا نهدم كل شىء، بل كنا على وشك هدم الدولة المصرية كلها، التى قالوا لها (طز)، معلنين رؤيتهم لها، وعدم حرصهم على استمرارها، أو حتى وجودها، وعندما أرادوا أن يفرضوا هيمنتم على الدولة، شكلوا لجنة تعسفية، الغالبية العظمى فيها من فصيلهم أو مؤيديهم، لتضع أسوأ دساتير العالم، وأكثرها عنصرية وطائفية، ويفتقر إلى أهم ما يميّز الدساتير، ألا هو التوافق الوطنى، خصوصا بعد انسحاب كل الفئات الحرة، حتى الأزهر والكنيسة، وسلقوا الدستور فى ليلة ليلاء، واعتمده عبدهم المطيع، الذى كان يجلس ظاهريا على مقعد الرياسة، وفعليا على حجر المرشد، الذى يرضعه كل كلمة ينطقها، وكل قرار يصدره... وهكذا تم سلق دستور من فكر فصيل واحد بمواد تضمن بقاء هذا الفصيل جاثما على نفوسنا وأنفاسنا إلى ما شاء الله... وبكل منطق الدنيا، فهذا دستور فاسد، من ألفه إلى يائه، والحديث عن إصلاحه أو تعديله هو درب من العبث، وتأخير للمسار الثورى، وتكرار لنفس الأخطاء، يمكن أن ينتهى بنا إلى نفس النتائج!! وما دام ما حدث فى الثلاثين من يونيو ثورة، بكل معنى الكلمة، فإنها لن تنجح، وتمضى فى طريق الصعود، إلا عبر قرارات ثورية، لها شرعية ثورية، تعلو بتآزر الشعب والشرطة والجيش على أى شرعية أخرى... لم إذن لا نختصر المرحلة الانتقالية، ولا نقع فى نفس فخ الإطالة غير المنتجة، بإعادة استدعاء دستور 1971م، مع التعديلات التى تم استفتاء الشعب عليها، فى مارس 2011م، والتى تحد من سلطات رئيس الجمهورية وألوهيته، فيصير لدينا دستور متكامل الأركان، هو ركيزة متينة لباء الدولة، و.. للحديث بقية