مع حلول أي مناسبة، الأعياد منها بالذات، والحصول على إجازات بهذه المناسبة، يتبادر إلى الأذهان معاناةً يواجهها كل مسافر، في رحلة الحصول على تذكرة قطار، كون السوق السوداء اعتادت خلال السنوات الماضية أن تكون لها القول الفصل في خط سير بيع التذاكر، وما تفرضه من معاناة للمسافرين. "التحرير" رصدت مشهدًا من واقعٍ، يُوصف ب"القاتم" في بيع التذاكر، فعلى جنبات محطة مصر برمسيس، وتحديدًا على رصيف 11، جلس "عم أحمد" ذلك العجوز السبعيني، على وجهه ملامح الحيرة، ليس لفقدان عزيز أو خسران مالي كبير، لكن الملامح هذه التي كست وجهه جاءت بسبب فشله في الحصول على "تذكرة قطار". "عم أحمد" لا يلتفت إلى أحد ولا يتحدث مع أحد، اقتربت "التحرير" منه لكنه تجاهل الأمر، وحينما سمع جملة "بتدور على تذكرة"، ثار داخله الأمل قبل أن يتضح على هيئته، فاستدار وقال: "آه مش لاقي.. تعرف تجيبلي"، وكان رد "مراسل التحرير": "أعرف طبعًا ونص"، فابتسم الرجل وقال: "أنت بتهزر"، وجاء الرد: "أبدا والله.. عايز كام تذكرة"، فقال: "أربعة بس.. أنا ومراتي وبنتي وجوزها". بدأ "الرجل السبعيني" يحكي حكايته، لكنه اشترط قبل أن يسردها أن يحصل على تذاكر، فتعهَّد "المراسل" بمساعدته، فأخذ يقول: "أنا بقالي 3 أيام باجي المحطة والصراف يقولي تذاكر اسيوط بكره أروح وأجي تاني يوم فنفس الصراف يقولي تعالى بعده، أسمع كلامه وأجي بعده، وفضلت 3 أيام على هذا الوضع حتى قالي لى في اليوم الأخير معلش يا حج التذاكر خلصت". وأضاف: "رديت عليه قولتله حسبي الله ونعم الوكيل فيكم ليه كده.. حسيت إن الدنيا اسودت في وشي لإني وعدت مراتي وبنتي إني هجيبلهم التذاكر النهاردة، والناس اللي بتقول مفيش مشاكل على التذاكر طاب إحنا مش لاقين تذاكر ليه؟". وباصطحاب الرجل إلى مكتب نجوى ألبير الناطقة باسم هيئة السكة الحديد، وبإطلاعها على "حكاية عم أحمد"، أجرت اتصالًا تلفونيًّا، وبعد ذلك جاء أحد الموظفين ومعه أربع تذاكر ل"عم أحمد"، هنا طغت عليه الفرحة وانصرف في سعادة غامرة. في هذا السياق، قال اللواء مدحت شوشة رئيس هيئة السكة الحديد أنَّه لا وجود لظاهرة السوق السوداء لبيع التذاكر هذا العام، لافتًا إلى أنَّه تمَّ طرح ما بين 100 و140 ألف مقعد إضافي لمواجهة الإقبال الكبير من المواطنين على استقلال القطارات لقضاء العيد مع أسرهم، وبخاصةً من المتوجهين إلى محافظات الصعيد. وأضاف ل"التحرير"، أنَّ الهيئة تطرح بشكل يومي تذاكر جديدة ضمن القطارات الإضافية وعربات العلاوة التي تقرر طرحها، مشيرًا إلى تكثيف الإجراءات التفتيشية بالمحطات وعلى شبابيك التذاكر لمنع تسرب التذاكر للسوق السوداء. وأوضح شوشة أنَّ حجز تذاكر العيد يكون بموجب بطاقة الرقم القومي بحد أقصى أربع تذاكر لكل مواطن لمنع أي تلاعب بالتذاكر، كما يتواجد مفتشو الفحص وموظفو الأمن الإداري بشكل "متخفٍ" - حسب تعبيره - أمام الشبابيك لمنع أي تسرب للتذاكر إلى السوق السوداء.