قيادي الجماعة الإسلامية الهارب يدعم داعش بالتحريض على مجدي يعقوب واتهامه بالترويج ل"عقائد منحرفة" خطة داعشية ممنهجة لطرد الأقباط من كل ولايات "الدولة الإسلامية".. وكنائس وقساوسة مصر على رأس المهددين بالحرق من المفهوم في حسابات الغيرة المهنية والاقتصادية والألق الاجتماعي أن يتعرض الدكتور مجدي يعقوب، ومشروعه لعلاج مرضى القلب من الأطفال، إلى حملات تشويه، لكن ما يبدو مثيرًا للمخاوف أن يدخل على خط الطعن في الرجل، أحد غلاة تيارات العنف المسلح التاريخيين، قيادي الجماعة الإسلامية الهارب، عاصم عبد الماجد، حيث تبنى فجأة ودون مقدمات خطابًا تحريضًا على الرجل، لا يختلف عن رسائل داعشية مماثلة تدعو لاجتثاث الأقباط من ولايات/ بلدان خلافة الدولة الإسلامية المزعومة، ومن بينها بطبيعة الحال مصر.. لسنا قضاة، ولا أطباء، ولا حتى مراقبي حسابات وتبرعات، ومن ثم لا يمكننا الجزم بنزاهة المشروع الطبي لمجدي يعقوب، إلا من خلال المحصلات الظاهرة والمتداولة إعلاميًا، والتي لا تشي إلا بنجاحات باهرة، لكن وبغض النظر عن تلك الأمور الملتبسة، فمن الصعب تجاهل حملة التهييج التي بدأها عبد الماجد عليه، ودعوته لعدم الثقة فيه وفريقه المعاون، الذي وصفه باليهودي، قبل أن يقطع على حسابه الشخصي بفيس بوك، بأن الطبيب الكبير لا يقوم بإسهاماته العلاجية "لوجه الله قطعا ولا لخدمة البشرية، بل هى لخدمة عقائد منحرفة يراد جذب المسلمين إليها"، على حد زعمه. من المتعارف عليه على أية حال، ذلك العداء التقليدي الذي طالما حملته التنظيمات الإرهابية المسلحة للأقباط في مصر، منذ انفجار موجات العنف الأولى في ثمانينيات وتسعينيات القرن المنصرف، بيد أنها تجددت على نحو قاس بعد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي عن سدة السلطة في 3 يوليو 2013، حيث عادت عجلة الدماء مجددًا تحصد العديد من أرواح المسيحيين المصريين، ناهيك بعشرات الحرائق التي ضربت كنائس ودور خدمات قبطية في مختلف المحافظات، وبالأخص في المنيا، وقبل هذا وذاك حملة تشويه للكنيسة الأرثوذكسية المصرية، ورأسها البابا تواضروس الثاني، جراء انحيازهما ل30 يونيو ضد دولة المرشد. من فوق منصات رابعة، طالما وصم عبد الماجد وطارق الزمر ومحمد البلتاجي وغيرهم من رموز الإخوان والجماعات والتنظيمات الإسلامية، الأقباط بالفلول والخيانة والعمالة عقابًا على مشاركتهم في مظاهرات الغضب ضد الدولة الغامضة التي كان يهرول إليها نظام مرسي وحلفائه من السلفيين والظلاميين ورموز فقه الخيمة والبادية. لكن الأخطر في حديث عبد الماجد الأخير، أنه بات يخصص الهجوم تجاه شخص بعينه، وهو هنا، سواء كان يقصد أو حتى بالمصادفة، إنما يدعم دعوة داعشية أطلقت رسميًا في أكتوبر من العام 2015، لضرب الأقليات، ومن بينها الأقباط، في جميع أفرع خلافة أبو بكر البغدادي. كان النصف الثاني من العام الماضي، قد شهد تصاعد التحريضات في هذا الشأن من قبل شخص مجهول يعرف بأبي أياد المصري، بدا أن جل همه ممارسة هجوم ممنهج على أقباط مصر عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي، فيس بوك، بل ووضعهم على قوائم الاستهداف. كل المؤشرات، فضلًا عن طبيعة النصوص التحريضية المصدرة عبر نافذته الإلكترونية، دلت على أن أبي أياد هذا، يسير على نهج الحسابات الإلكترونية المحسوبة على تنظيم الدولة الإسلامية، داعش، وخاصة فرعه المصري السيناوي، أنصار بيت المقدس. عند تلك النقطة تحديدًا، دخلت مصر على خط أخطار مغاير مع داعش، حيث انتقلت الخطط الطائفية ضد الأقليات على وجه التحديد، من الأصل إلى الفرع، أي من تنظيم الدولة بسوريا والعراق إلى بيت المقدس في سيناء. بدا أن عوامل عدة جعلت من بلاد النيل مهيئة لمثل تلك التحريضات الداعشية، إذ ساهم في دعمها ومضاعفتها أن البيئة خصبة هناك أصلًا فيما يخص الدعاوى المتطرفة ضد الآخر الديني، وتحديدًا ضد الأقباط، إذ يزخر تاريخ الجماعات الإرهابية المتأسلمة، وفي مقدمتها الإخوان وجماعات العنف المسلح، بعشرات المواقف والفتاوى التي تهدر حقوق، وربما روح، المسيحي المصري، وها هو عاصم عبد الماجد يزيد من سكب البنزين على النيران في هذا الملف الحساس. والمتابع لعبد الماجد وإسهاماته الإلكترونية الأخيرة، سيكتشف أنه يقوم بدور عراب تنظيمي داعش (رغم أنه يهاجمه علنًا لخلافات فقهية على الأرجح) والقاعدة.. والأخير يبدو أنه أقرب إلى قلبه وأيديولوجيته على أساس تأسيس فكر جماعة أسامة بن لادن على نفس الأدبيات القطبية التي نشأت عليها الجماعة الإسلامية، وهي الكيان الأم الذي خرج من عباءته المحرض الجديد على مجدي يعقوب.. على هذا النحو يمكن الجزم بأن عبد الماجد ينهل من نفس معين الخطة الاستراتيجية الأم لداعش وأذرعتها في مختلف البلدان والأقطار، والمعروفة ب"استراتيجية خاصة بالصراع العالمي ومكان التيار الجهادي منه"، والتي يشير فيها المنظر السياسي الأهم للتنظيم ولأشباه من الكيانات المسلحة كالقاعدة وأخواتها، عبد الله بن محمد، صراحة إلى ما لا يقبل أي تأويل بشأن التنكيل بالأقباط وهدر حقوقهم الوطنية والإنسانية، بل والدعوة إلى تهجيرهم من أراضيهم. صحيح أنه كان يتحدث عن ضرورة إجبار أقباط وأقليات الشام على الهجرة وترك بلاد المسلمين، لكن القاعدة المنطقية تقول إن ما يسري على الشام سيسري على مصر والعراق وليبيا، وغيرها من البلدان التي تعيش فيها أفرع لداعش، وهو ما يفسر إذن سر عملية ذبح المواطنين المسيحيين المصريين في ليبيا العام الفائت، وكذلك يمكن من خلاله فهم كم التحريض المفجع من جانب المسمى بأبي أياد المصري على رجال الدين المسيحي والكنائس والأديرة، والترويج لوجود أسلحة داخلها، مع تقديم احصائيات تخص المساحة وأعداد المصليين الفعليين والمتوقع استعابهم مقارانة بأكبر الأديرة في البر المصري، وعلى رأسها دير أبو فانا بالمنيا، وذلك باستخدام هشتاجات دموية من شاكلة "أشعلوا نيران الحرب.. اقتلوا النصارى المحاربين.. استهدفوا القساوسة المحاربين". المصري كان حدد كذلك الفئة التي يمكن أن تتولى مهمة ملاحقة المسيحيين بالاغتيالات والتفجيرات، وهي خلايا "الذئاب المنفردة"، والمعروفة بكونها جماعات تتميز بصغر عدد أفرادها وتعمل بخطط مستقلة ودون قيادة مركزية، ولكن تحت مظلة استراتيجية وأيديولوجية وعقائدية عريضة للفكر الظلامي. ومن جديد يعود عبد الماجد، ليحرض بدوره على مجدي يعقوب، الذي هو في عقيدته كافر يسري عليه ما يسري على الكافر، بزعم أنه يروج لأفكار وعقائد منحرفة، وهي تهمة كفيلة بهدر دم عالم مصري جليل، ومرشحة بقوة لأن يتلقفها ذئب منفرد موتور ليذبح الرجل بسهام الكراهية. داعش لم يعد يصل مصر فقط برجاله وأفكاره، ولكن كذلك عبر نوافذ رموز العنف والإرهاب التقليديين المبهورين به. صحيح أن بعضهم كعبد الماجد، يعارضون مذهبه الفقهي، إلا أنهم في النهاية يقفون مشدوهين ومعجبين أمام ظاهرته الدموية، ولكونه حقق نجاحات على الأرض فيما يخص حلم الدولة الإسلامية، فشلوا هم في الماضي في الوصول إلى حتى شبيه مصغر منه.