سلطت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية الضوء على تصريحات المرشحة الديمقراطية الأوفر حظًّا لانتخابات الرئاسة "هيلاري كلينتون" عقب أحداث أورلاندو والتي وجهت خلالها انتقادات حادة لدول الخليج حيث اتهمتها بدعم الإرهاب عن طريق دعم جماعات متطرفة. وقالت "كلينتون" لحشد من مؤيديها في ولاية "أوهايو": "حان الوقت كي يوقف السعوديون والقطريون والكويتيون وغيرهم تمويلهم للمنظمات المتطرفة"، مضيفة "يجب عليهم أن يتوقفوا عن دعم المدارس والمساجد المتطرفة حول العالم". ورأت الوكالة أن تصريحات كلينتون تكشف عن طريقة تعاملها المحتملة بعد أن تصبح رئيسة للولايات المتحدة مع الشرق الأوسط وخاصة حلفاء واشنطن بالخليج، مشيرة إلى أن تصريحاتها حقيقية ولكن قاسية. ولفتت إلى أن قادة الخليج تلقت تعليقات كلينتون بدون أي احتجاج من جانبهم، حيث اعتبروها مجرد رسائل إليهم، ومع ذلك صرح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير من واشنطن أمس الجمعة بأن أن حكومته شددت من رقابتها على التبرعات الخيرية والكيانات والأفراد المشتبه في تمويلهم للإرهاب، موضحًا أيضًا أنه من غير الإنصاف أن نشير بأصابع الاتهام إلى المملكة العربية السعودية إذا كان المسجد الذي كانت تموله منذ سنوات بدأ في الدعوة للعنف والتعصب. ونوهت الوكالة بأن "كلينتون" منذ أن كانت السيدة الأولى حتى من خلال منصبها كوزيرة للخارجية دعمت علاقاتها مع دول المنطقة، وهو ما ساعدها في تلقي حلفائها النقد بصدر رحب. ونقلت الوكالة عن الاستاذ في العلوم السياسية بجامعة الإمارات العربية "عبد الخالق عبدالله" قوله "إنها قريبة شخصيًّا على عكس أوباما" مضيفًا "أنهم يقدرون العلاقة الاستراتيجية، ولكن في الوقت ذاته التقارب الشخصي أكثر". وعرضت الوكالة بعض القضايا التي ستواجهها "كلينتون" في منطقة الشرق الأوسط، إذا فازت بالانتخابات الرئاسية نوفمبر المقبل وعلى رأسها.. - العلاقات مع إسرائيل سافرت "هيلاري" مع زوجها الرئيس الأمريكي الأسبق "بيل كلينتون" وبمفردها إلى أكثر من 80 دولة حول العالم لتعزيز السياسة الأمريكية وبعض القضايا مثل دعم حقوق المرأة والطفل، ففي مارس 1999 عقدت "كلينتون" اجتماعًا مع الرئيس السابق "محمد حسني مبارك" لمدة ساعة لاطلاع حليف واشنطن الهام على مخاوفها بشأن حقوق المسيحيين في مصر. وقامت أيضًا بجولة في إسرائيل والأراضي الفلسطينية كسيدة أولى عدة مرات، حيث تسببت مرة في ضجة من خلال اقتراح في عام 1998 عندما صرحت بأن "قيام الدولة الفلسطينية الموحدة ستكون من المصالح طويلة الأمد في الشرق الأوسط". توترت كلينتون أيضًا من علاقاتها مع إسرائيل بعد احتضانها "سها عرفات" زوجة الرئيس الراحل ياسر عرفات، كما استمعت بدون أدنى احتجاج منها لتصريحات نظيرتها الفلسطينية بأن إسرائيل تستخدم "الغاز السام" ضد الفلسطينيين، حيث لم تساعد محاولاتها اللاحقة في انتقاد تلك التصريحات من إخماد الغضب الإسرائيلي وأشعلت من هجوم الصحف الصفراء ضدها في نيويورك خلال ترحها لانتخابات مجلس الشيوخ. لذلك رأت الوكالة أن كلينتون عندما تصبح رئيسًا ستقع تحت ضغط متواصل لمواجهة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، على الرغم من أن جميع الرؤساء الذين جاءوا بعد زوجها لم يحركوا ساكنًا فى الدفع بمحادثات السلام. - أحداث 11 سبتمبر والعراق وقعت أحداث 11 سبتمبر خلال العام الأول لتولي كلينتون منصب عضوة في مجلس الشيوخ، حيث وصلت لمكان الحادث ببرج التجارة العالمية في اليوم التالي وهي ترتدي قناعًا لتصف الهجوم بأنه "عمل من أعمال الحرب". وصوتت في عام 2002 لصالح منح الرئيس جورج دبليو بوش الصلاحية لغزو العراق وإسقاط الرئيس "صدام حسين"، قائلةً: "هذا أصعب قرار واجهني". هذا القرار حضر مرارًا خلال حملتها الانتخابية الفاشلة ضد الرئيس باراك أوباما في 2008، والذي كان يدعو إلى سحب القوات الأمريكية من العراق، كما ظهر القرار للسطح مرة أخرى خلال الأِهر الماضية في حملتها الانتخابية الحالية. وأشارت الوكالة إلى أنه بعد سقوط "حسين" لم يندم الكثيرون في الشرق الأوسط على الإطاحة به وسمحوا للولايات المتحدة ببناء قواعد أمريكية في بلادهم، ولكن الآن يخشى الكثيرون من تنظيم "داعش" الإرهابي الذي ظهر نتيجة للفراغ الأمني في العراق. واستخدمت كلينتون أيضًا هذا الأسبوع مصطلح "الإسلام المتطرف" خلال حديثها عن هجوم أورلاندو، وهي الجملة التي دائمًا ما يتجنبها الرئيس أوباما ويستخدمها عادة الجمهوريون، ومع ذلك شددت كلينتون على ضرورة الوصول إلى جميع المسلمين ل"هزيمة هذا الخطر، لمواجهة هذا الشر الذي يجب أن يدينه الجميع بغض النظر عن دينهم". - الربيع العربي وإيران سافرت "كلينتون" لما يقرب من مليون ميل إلى 112 دولة حول العالم عندما كانت وزيرة للخارجية، وفي الوقت الذي كانت تحاول فيه إدارة أوباما التركيز مع دول آسيا، وجدت "كلينتون" نفسها غارقة في قضايا الشرق الأوسط خاصة "حرب غزة" التي انتهت عام 2009. وبعد ذلك بوقت قصير في أعقاب الربيع العربي قالت "كلينتون" فى كتابها "خيارات صعبة": "إنها كانت قلقة من أن تسلم مصر لجماعة الإخوان أو الجيش"، وهو ما حدث في النهاية، كما وجدت الولاياتالمتحدة نفسها مدانة من جانب العديد من المصريين بعد تخليها عن "مبارك" وصعود جماعة الإخوان التي أسقطت بعد عام من الحكم، حيث اعتبرت الوكالة أنه على "كلينتون" أن تقرر حال فوزها بالرئاسة شكل علاقتها بالرئيس "عبد الفتاح السيسي" وإذا ما كانت ستدعمه فى حربه ضد داعش. وفي ليبيا، دعمت كلينتون الإطاحة بالعقيد معمر القذافي ولكن كانت النتيجة الآن دولة تنشط فيها الحرب الأهلية حيث تتصارع الحكومتين المتنافسيتين والمليشيات، كما أدى مقتل السفير الأمريكي وآخرين خلال فترة تولي كلينتون الخارجية إلى فتح العديد من التحقيقات ضدها. وفي البحرين حيث يقبع الإسطول الخامس الأمريكي، لم تستطع كلينتون وقف التدخلات السعودية والإماراتية لسحق التظاهرات التي اندلعت من قبل الشيعة. تولى كلينتون الرئاسة سيحتم عليها الموازنة بين العلاقات الأمريكية مع حلفائها السنة مثل الإمارات والسعودية والدول الخليجية الأخرى والقوة الشيعية الناشئة في إيران، حيث إن الاتفاق النووي مع طهران العام الماضي أفقد الدول الخليجية ثقتها في واشنطن وهو ما ستواجهه كلينتون خلال فترة رئاستها لقياس مدى قدرتها على موازنة الأولويات.