6 أعمال تليفزيونية تم عرضها للمؤلف عبد الرحيم كمال، مع ذلك لا يمكن التعامل معها على أنها مجرد مسلسلات شاركت في سباق رمضان من الأعوام الماضية، لتسجل ضمن أعداد الأعمال المطروحة في كل موسم، إنما كل مسلسل منهم كان حالة إنسانية مختلفة تمامًا عن باقي الأعمال، بل إنك لن تجد عناصر مشتركة بينها، حتى إن جاءت في بيئة واحدة كالصعيد، فهو يعتمد فيها على استخدام لغة بليغة ومرادفات لا يتبعها كتّاب الأعمال الدرامية، بل إنه يمكن للمشاهد التعرف على كونه كاتبها بعد متابعة حلقات من المسلسل، وتأثره بالجانب الروحاني فيها. ومع أن النجاح غالبًا لا يكون حليف المؤلف الذي يشارك بأكثر من عمل في سباق رمضان، إلا أن عبد الرحيم كمال قبل التحدي ومنافسة نفسه في هذا الشهر بعملين يختلفان كليًا عن بعضهما، الأول هو "ونوس" الذي يتصدر بطولته الفنان الكبير يحيي الفخراني، في ثالث تعاون بينه وبين المؤلف، والأحداث تتميز بخروجها عن إطار الاعتيادية في الدراما المصرية، فهو حتى إن توجه آخرين لطريق يخطط لأن يسلكه كما هو الحال في تعرضهم للشياطين في أعمالهم، لكن شيطان عبد الرحيم كمال في "ونوس" خفيف الظل، يتمتع بحضور خاطف، لا تستطيع التعرف عليه في البداية، تنتظر مشاهده التي يلقي فيه جملا حوارية تأسرك، وتثير اهتمامك بها، وتجعلك رغم انتهاء الحلقة تفكر فيها عدة مرات، لتدفعك لانتظار مشاهدة حلقة قادمة من العمل، الذي يتسم بالبساطة والابتعاد عن الفذلكة، التي تجعل المشاهد يشعر بأن الأمر اختلط عليه، إنما السلاسة تسيطر على "ونوس". ورغم أن عبد الرحيم اقتبس من روايات شهيرة قصص وأحداث مسلسلاته، لكن المشاهد لن يشعر بذلك عند متابعته لأي عمل، إنما يجدها "مصرية خالصة"، فهو يستعرض الواقع الذي نعيشه بناء على خطوط القصة الرئيسية، وأحدث مثال على ذلك "ونوس" المقتبس عن الرواية العالمية "فاوست"، للكاتب الألماني جوته، والتي تحكي عن السعي إلى اكتشاف الجوهر الحقيقي للحياة، من خلال "فاوست" الذي يستدعي الشيطان، ويبرم معه عقدا يقضي بأن يقوم بخدمته طوال حياته ليستولي على روحه بعد مماته، لكن الاستيلاء على روح "فاوست" مشروط ببلوغه قمة السعادة، ونتابع هذه الحالة مع "ونوس" الذي يخبر أسرة نبيل الحلفاوي بأنه كان قد وقع معه على عقد قصر كبير، إن تم بيعه فسيكون المقابل ملايين الجنيهات، وعليهم البحث عنه، بعدما ترك منزله منذ 20 عامًا، تاركًا زوجته هالة صدقي، تاركًا 4 أبناء، ويستغل "ونوس" هذه الفرصة لإغواء كل واحد منه على طريقته وفقًا لنقطة ضعفه إما بالمادة أو بالشهرة، وربما يحدث تصادم بينهم لهذا السبب. ومن الشيطان "ونوس" إلى "يونس ولد فضة" تلك الشخصية الشاعرية الرومانسية والكوميدية في نفس الوقت التي يقدمها عمرو سعد، ونسجها عبد الرحيم واضعًا فيها تفاصيل كثيرة مميزة، فهو لم يلجأ ليكون بطل العمل في صورة اعتيادية، ولم يلجأ حتى للسخرية من أهل الصعيد عند تعاملهم مع التكنولوجيا الجديدة كما يتبع بعض المؤلفين، إنما جاء ذلك في إطار غاية في الكوميديا دون إهانة الصعايدة، جاء ذلك في عدد من المشاهد، ورغم ذلك فالشخصية تحمل جزء من الخبث والقلق والترقب، وهذا مرتبط بأشقاء والده الذين يرغبون في قتله حتى يتمكنون من السيطرة على إرثه، إلى جانب هربه منذ طفولته من بلدته بعدما قتل كبيرها، على خلفية محاولة نجله المراهق الاعتداء على شقيقته، ورغم مرور سنوات إلا أن هذا المراهق كبر ويبحث أيضًا عن "يونس" للأخذ بثأر أبيه. ولا يمكننا وصف "يونس" بالشخصية المسالمة التي تعرضت للظلم في المجتمع، أو "الصعيدي المودرن"، لكن عبد الرحيم أضاف لها أبعاد أخرى متعلقة بالجانب التشويقي في العمل، فهو يتاجر في السلاح، ويهرب آثار، لتصبح شخصية ثرية دراميًا، دفعت الجمهور ممن لا يشاهد العمل للتعرف بأن هناك مسلسلا مميزًا لكاتب حمل كثير من الألقاب في السنوات الأخيرة، وكان له الفضل في إعادة عمرو سعد إلى الصف الأول بجوار النجوم.