بين صفحات مذكراته "عشت ألف عام- مذكرات عميد المسرح المصري يوسف وهبي"، أثبت الفنان القدير "يوسف عبد الله وهبي" أن شخصية الباشا المتحكم التي قدمها في أعماله الفنية كانت جزء من حياته الشخصية الحقيقية. البكوية ولد وهبي في 17 يوليو 1898 في مدينة الفيوم بأحد منازل الأثرياء المطلة على شاطئ بحر يوسف وسمي تيمناً باسمه، حصل على لقب البكوية من أعماله الفنية التى كانت تمجد في ذات العائلة المالكة فأكمل مسيرة والده "عبد الله باشا وهبى" الذي عمل مفتشاً للرى بالفيوم حيث قام بعدة أعمال مميزة أهمها "ترعة عبد الله وهبى"، التى عمرت آلاف الأفدنة من الأراضي الصحراوية وحولتها إلى زراعية، كما أنشأ المسجد المعروف باسم "مسجد عبد الله بك" أكبر مساجد هناك حتى الآن. بدأ وهبي تعليمه في كتاب القرية ثم تلقى تعليمه بالمدرسة السعيدية بالجيزة، ثم بالمدرسة الزراعية وعشق الفن كثيرا وسافر إلى إيطاليا بعد الحرب العالمية الأولى وتتلمذ على يد الممثل الإيطالى "كيانتونى"، عاد إلى مصر سنة 1921 بعد وفاة والده الذي رفض دوما التحاقه بعالم التمثيل والفن، رغم ذلك حصل على ميراثه الذي وصل إلى "عشرة الأف جنيه ذهبي"، ومن ثم انطلق في حياته الفنية التى ازدهرت بعدة أعمال ليست تمثيلية فقط ولكن تنموية أيضا، حيث كون فرقة رمسيس من الممثلين حسين رياض، أحمد علام، فتوح نشاطي، مختار عثمان، عزيز عيد، زينب صدقي، أمينة رزق فقدموا للفن المسرحى أكثر من 300 رواية مؤلفة ومقتبسة. علاقاته واتهاماته وبعيدا عن حياته الفنية، تعددت علاقات وهبي بك الشخصية وتنوعت زيجاته التى وصلت لثلاث مرات تقريبا من أثرى سيدات المجتمع المصري وهم عائشة فهمي وسعيدة منصور والممثلة الإيطالية الينا لوندا ليس هذا فحسب بل صاحب تلك الزيجات عدة ارتباطات منفصلة عملت على انتهاء زيجاته سريعا فضلا عن حياته التى اتسمت بالترف المبالغ فيه مما دفع الكثيرين لالتهامه بإدمان الخمر والمخدرات والمقامرة المستمرة التى أفقدته بالفعل ثروته وأنفق من أموال زوجته. رفض وهبي تلك الشائعات المغرضة في مذكراته قائلا: "لفقوا لي القصص، اتهموني بأني قناص اصطاد الطير الضعيف، نهم في المتعة، حشاش، سكير، عربيد، جعلت من المسرح مصيدة سقطت فيها كثيرات من الضحايا، والحقيقة كانت عكس ما لفقوه لي، وما ابتكروه لتحطيم سمعتي، أنا لا أدعي أنني كنت قديسًا أو راهبًا في محراب، أو متصوفًا، أو معصومًا من الخطأ والشهوات، لكنني كغيري أيام الشباب والفتوة، كنت استجيب أحيانًا للإغراء والجمال في شيء من النهم، بيد أنني لم أشرب الخمر ولم أتعاط المخدرات، ولم أرتكب موبقات سوى حبي السابق للقمار الذي سلبني عشرات الألوف". نهاية روائية تحولت لوفاة حقيقة استمرت حياته صعودا وهبوطا، غنى وفقر، زواج وطلاق، إلي أن انتهى به الأمر بنهاية روائية مسرحية بدأت بقراءته لأحد الروايات التى حكت عن عن شاب سقط أثناء دخوله الحمام وتهشمت جمجمته، وبعد أن تركها لحق بنفس المصير أثناء إسراعه للذهاب في موعد محددا مسبقا فسقط من على سلم منزله، فكسر مفصل ساقه، أجرى بعدها وقام بتركيب مسمار بلاتيني له، ولكن العملية فشلت، وأصيب بعدها بالشلل، لم يداويه سفره إلى لندن لاستكمال علاجه، واستمر هذا الوضع حتى وفاته. ومع تكرار نشر شائعة وفاته بالإذاعة المصرية ازداد الأمر سوءا وأصيب باكتئاب شديد، واشتد عليه المرض مما أدى لدخوله مستشفى المقاولون العرب وتوفى في 17 أكتوبر 1982 عن عمر يناهز 84 عاماً.