التاريخ الذى تحمله محكمة "الحقانية" فى الإسكندرية لم يشفع للمسؤولين بالمحافظة أن يهتموا بمبناها المتهالك، وتآكلت جدرانها بفعل مياه الصرف، ويحيط بها الباعة الجائلون.. تعد الحقانية كنزًا تاريخيا يتجاوز 130 عامًا، إذ إنها افتتحت فى عهد الخديو إسماعيل، وتعد من أقدم المحاكم المصرية على الإطلاق. وتضم وثائق ومخطوطات، وتحكى تاريخ حقبة مهمة وخطرة من تاريخ القضاء المصرى، كما تضم ملفات وسجلات مهمة فى تاريخ مصر القديم والحديث، وبها آثار منها أختام على شكل قطع فنية نادرة، ومنها السيف والميزان رمز العدالة، وخاتم الملك فؤاد، إلى جانب عدد من الساعات النادرة، واللوحات الفنية الخاصة بكبار فنانى العالم، وست خزائن حديدية ضخمة لم تفتح حتى الآن. ومن بين المقتنيات النادرة التى تضمها المحكمة لوحة زيتية ضخمة للفنان العالمى تروجيه بول تعبر عن الديانة المسيحية، وترجع إلى أوائل القرن الثامن عشر، وقد أهداها الفنان إلى الخديو إسماعيل الذى أهداها بدوره إلى سراى الحقانية عند افتتاحها. ويضم أرشيف سراى الحقانية بالإسكندرية نحو 1200 فرمان صادرة عن الباب العالى فى الآستانة بتركيا قبل استقلال مصر عن الدولة العثمانية، وتضم هذه النماذج توقيعات لعدد كبير من المماليك. وتتضمن سجلات سراى الحقانية النادرة معلومات تفصيلية عن الثروة الزراعية والحيوانية فى مصر، باعتبار أنها كانت المكان الوحيد الذى يتم فيه حفظ أسرار الدولة، كما تضم مكتبتها نحو 25 ألف كتاب، أهديت إلى مصر من جميع دول العالم. وكانت المحكمة قد تعرضت لحريق هائل فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011 دمر كثيرًا من أوراق القضايا والملفات الموجودة بها، ولم يعرف بعد سبب الحريق أو من ورائه، ثم أمر وزير العدل بتحويل المحكمة إلى متحف كبير بالتعاون مع وزارة الآثار ووزارة الثقافة، وبالفعل تم اعتماد مبالغ لترميم المبنى، لكنه لم يكتمل بعد. مصدر مسؤول بمديرية الآثار فى الإسكندرية قال إن مبنى المحكمة مسجل فى سجل وزارة الآثار منذ عام 2001، نظرًا لأهميتها التاريخية الكبيرة، فبجانب أنها تعتبر خزينة أسرار القضاء السكندرى منذ إنشائها عام 1882 فهى أيضًا تعتبر تحفة معمارية هامة. وأشار المصدر فى تصريحات خاصة ل"التحرير"، إلى أن المديرية قدمت بالعديد من الشكاوى خلال السنوات الماضية بشأن تعديات الباعة الجائلين على السور الخارجى للمحكمة، خاصة أن أحد الباعة كان قد تسبب فى وقت سابق فى إشعال النيران فى إحدى الغرف بها. وعن وجود مشروع لترميم المحكمة، لكنه لم يستكمل، قال المصدر: سنواصل قريبا هذا المشروع لترميم وإعادة تأهيل المبنى التاريخى للمحكمة والمتوقف منذ عامين (2014)، بعد توفير الاعتمادات المالية اللازمة.