- المستشفى خارج الخدمة.. الوحدات الصحية مهجورة.. ونقص في الأدوية بالصيدليات - الأهالى يلجأون إلى الطب البديل والأعشاب للعلاج - نقص حاد فى أدوية الأطفال والسكر والضغط فى الصيدليات - الأهالى يقطعون 45 كيلومترًا لصرف الروشتات من مدينة العريش - شركات الدواء تستغل الوضع وتقلل نسبة التخفيض على الأدوية بالمدينة - وفاة طفل حديث الولادة بسبب عدم وجود إسعاف داخل المدينة - العيادات الخارجية بلا أطباء ودكتور واحد يكشف على الحالات المختلفة - المستشفى لم يصله الماء منذ 3 سنوات.. ويتم استخدام «جراكن المياه» لتعقيم الأدوات رفح.. لم يبق منها شىء، الأهالى نزحت، المدارس هُدمت، المزارع جُرفت، فالحرب لاتبقى ولا تذر، ومن بقى من الأهالى يعانى أشد المعاناة فالوضع من سيئ إلى أسوأ، حتى أبسط حقوقهم كالعلاج وحبة الدواء لا يجدونها، فالوحدات الصحية إما هدمت بفعل الحرب المستعرة منذ سنين، والأطباء هجروا المدينة لصعوبة الوصول إلى أماكن عملهم، ومستشفى المدينة أصبح بلا قيمة، وسيارات الإسعاف انقطعت عن الدخول لقلب المدينة، والصيدليات أصبحت أرففها تحمل التراب بدلًا من الدواء، مما دفع الأهالى للجوء إلى الأعشاب والعطارين لعلاج أمراضهم وأوجاعهم.. «التحرير» التقت العاملين فى القطاع الطبى والصيدلى داخل مدينة رفح، للتعرف على أبعاد الأزمة الحالية، ورفض من التقينا بهم الإفصاح عن هوياتهم، والسطور القادمة هى شهادات مع من التقينا بهم... صيدليات بلا دواء لأسباب مجهولة توقفت إمدادات الدواء إلى مدينتى رفح والشيخ زويد، فى الخامس والعشرين من يناير من العام الجارى، ومع بداية شهر فبراير عادت سيارات الدواء للدخول إلى المدينتين مرة أخرى، لكن اعترضت أجهزة الأمن على نوعية السيارات التى تنقل الدواء، وهى السيارت "الثلاجة"، وطالبت الشركات بنقل الدواء فى سيارات نصف نقل. وأكدوا أن نقل الدواء فى سيارات مكشوفة يعرضه للتلف خاصة الأدوية، التى يحتاج حفظها درجة حرارة معينة مثل أدوية الأنسولين، علاوة على أن سيارات الدواء تقف على الكمائن الثابتة على الطريق الدولى لساعات حتى تتمكن من العبور. ومع منتصف شهر فبراير عادت إمدادات الدواء للتوقف مرة أخرى، وتم إخطار جميع أصحاب الصيدليات أنه لكى يتمكنوا من إدخال الدواء إلى صيدلياتهم لا بد من أن يتم أخذ تصريح من مقر «الكتيبة 101» فى مدينة العريش وإرفاق توكيل من شركة الدواء الموزعة ورخصة الصيدلية، ويصدر التصريح للدكتور صاحب الصيدلية فقط. وأشاروا إلى أن المتعارف عليه فى مصر كلها أن صاحب الصيدلية يكونونا من غير الأطباء، ويتم وضع اسم طبيب صيدلى على الصيدلية بمقابل شهرى لهذا الطبيب، لافتين إلى أن معظم الأطباء الذين أسمائهم على الصيدليات خارج المحافظة، ومنهم من هم خارج مصر، وبهذه الإجراءات لن يتمكنوا من جلب الأدوية نهائيًا إلى الصيدليات فى مدينة رفح. وعن الشركات التى تقوم بتوزيع الدواء فى رفح، قالوا إن هناك ثلاثة شركات متعارف عليها بين أصحاب السيارات وهى "المتحدة" و"سيناء" و"فرما تريد"، وبسبب الأوضاع الأمنية توقفت شركة سيناء عن الذهاب إلى مدينة رفح والشيخ زويد، وأصبحت سيارة شركة فارما تريد تذهب للمدينتين يومًا واحدًا فى الأسبوع فقط وأوقات لا تستطيع الوصول للمدينتين، أما شركة المتحدة فما زالت تستمر فى الذهاب، لكن سيارة واحدة فى اليوم تقوم بالتوزيع على أكثر من 30 صيدلية فى الشيخ زويد ورفح وفى الغالب لا تستطيع تغطة كل الصيدليات مما ينتج عنه نقص حاد من الدواء فى المدينتين. ويحاول أصحاب الصيدليات تدارك الوضع الحالى، من خلال جلب كميات من الأدوية الهامة مع أقاربهم القادمين من مدينة العريش، موضحين أن نسبة كبيرة من الأهالى لجأت إلى الأعشاب الطبية والطب البديل لعلاج الأمراض بسبب ندرة الدواء داخل مدينة رفح. وعن الأدوية التى بها نقص حاد فى صيدليات رفح هى أدوية "الأنفلونزا، والضغط، والسكر، والمسكنات، وأدوية الأطفال حديثى الولادة"، مؤكدين أن عددًا كبيرًا من الأهالى يضطرون إلى قطع مسافة 45 كيلومترًا إلى لمدينة العريش لصرف الروشتات الطبية. نقاط إسعاف خاوية أكد لنا عدد من أهالى مدينة رفح، أن سيارات الإسعاف كانت تقوم بنقل الحالات من داخل المدينة إلى مستشفيات رفح والعريش فى أى وقت من اليوم، لكن مع منتصف العام الماضى لم يصبح لسيارات الإسعاف وجود فى مدينة رفح، وأصبحت نقاط الإسعاف خاوية من السيارات. وأضافوا، أن فى أحد الليالى توفى طفل رضيع لم تمر ساعات على ولادته، إذ كان يحتاج نقل إلى أقرب مستشفى، ولم يستطع الأهالى جلب سيارة إسعاف لنقل الطفل، ولم يستطيعوا نقله بسياراتهم الخاصة بسبب دخول ساعات حظر التجوال، لافتين إلى أن مستشفى رفح يصبح خارج الخدمة بدءًا من ساعات الليل وحتى صباح اليوم التالى. وذكر لنا أحد الشباب، أن مستشفى رفح يبعد عن منزله حوالى 2 كيلو، فى إحدى الليالى أصيب شقيقه برصاص عشوائى فى منطقة الحوض، حاولوا جلب سيارة إسعاف لنقل شقيقه، لكنهم فشلوا وظل الطفل المصاب "سايح فى دمه" حتى الصباح عندما تمكنوا من جلب سيارة إسعاف ونقله إلى مستشفى العريش العام. وعن توابع تلك الأزمة، أوضح لنا الأهالى، أن أكثر من يعانون من أزمة الإسعاف هم النساء اللاتى يقترب موعد ولادتهن، ويضطررن إلى النزول لمدينة العريش قبل توقيت الولادة بأسبوع واستئجار شقة وتحمل تكاليف المعيشة، حتى يتمكن من الولادة بالمستشفى، لأن فى مدينة رفح لن يستطيعوا نقل أى حالة إلى المستشفى فى ساعات الليل ناهيك بأن المستشفى غير مجهز بالمرة. مستشفى بلا أطباء تحول مستشفى رفح المركزى إلى محطة لتحويل المصابين والحالات المرضية إلى مستشفى العريش العام، وذلك حسب روايات الأهالى، الذين أكدوا أن المستشفى لم يصبح له أى قيمة تذكر. وبالتواصل مع العاملين داخل المستشفى، أكدوا أن الحال مترد للغاية، فالمستشفى لا يوجد بها أطباء بشكل دائم نهائيًا، والعيادات الخارجية دائمًا بلا أطباء، وفى بعض الأوقات يقوم دكتور واحد فقط بالكشف على المرضى فى أكثر من تخصص لسد العجز. وأشاروا، إلى أنه من عشرة أيام فقط بعثت وزارة الصحة أطباء طوارئ، لكنهم على قوة الوزارة، وليست قوة المستشفى من الممكن سحبهم فى أى وقت، مؤكدين أن المستشفى يعانى من نقص حاد فى الأدوية فى الصيدلية التابعة لها، لدرجة أن الأطباء يكتبون فى الروشتات "مضاد حيوى، أو دواء للأنفلونزا" دون تحديد اسم الدواء ويتم صرف الدواء الموجود حسب التشخيص وليس حسب اسم الدواء كما المتعارف عليه. وكشفوا، أن منذ ثلاث سنوات المستشفى لا يصله المياه سواء العذبة أو المالحة، وأن الأطباء وأطباء التحاليل يضطرون للخروج من المستشفى لغسل أيديهم وأدواتهم. أما المسؤولون عن التعقيم، فيقومون بجلب "جراكن" مياه إلى داخل المستشفى ليتمكنوا من غسل الأدوات الطبية. وتابعوا، أن هناك أزمة كهرباء فى مدينة رفح تؤثر على عمل المستشفى، وعلى الرغم من أن المستشفى به مولدات، لكنها فى أوقات كثيرة تعطل، علاوة على الانقطاع المستمر للكهرباء. الوحدات الصحية خارج الخدمة خرجت معظم الوحدات الصحية فى مدينة رفح عن العمل، إما أنها هُدمت بسبب اندلاع اشتباكات مسلحة بالقرب منها، أو أصبح الوصول إليها شيئا من الخيال بسبب الوضع الأمنى فى المدينة. يؤكد الأهالى أن الوحدات الصحية هُجرت تمامًا من الأطباء بسبب صعوبة الوصول إليها، خاصة التى تتوجد فى القرى، والوحدات التى تعمل تقدم خدمات ضئيلة جدًا، أقصاها تحليل الطفيليات فى "البول والبراز" فقط، لافتين إلى أن وحدتين صحيتين فقط تعمل داخل المدينة بالكامل، وهى وحدة الأسرة، وتعمل لأن بها دكتور نساء وتوليد وهو الدكتور الوحيد الحكومى غير الخاص فى مدينة رفح بالكامل، ووجود وحدة صحية أخرى تعمل لأن الممارس الذى يعمل بها يسكن بالقرب منها، فيتمكن من الوصول إليها بكل سهولة.