خصصت صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية افتتاحية عددها الصادر اليوم الأحد، للحديث عن الأحداث الدامية التي تشهدعا مدينة حلب السورية مع استمرار القصف الوحشي من طائرات الجيش النظامي على المدنيين، مما تسبب في موت المئات من الأبرياء. وقالت الصحيفة البريطانية: إن "ما يحدث الآن هو عكس التوقعات التي كانت تؤكد أن الأمر لا يمكن أن يزداد سوءًا"، فإن "وقف الأعمال العدائية" في سوريا، التي كانت تعول عليها الآمال الهشة لإحلال السلام، انهارت بسرعة الأسبوع الماضي، كما أنه وسط التصاعد المفاجئ في عدد القتلى والجرحى تأتي التقارير بتجدد الأعمال الوحشية". وتحدثت "الأوبزرفر" عن القصف الذي تعرض له أحد المستشفيات في حلب، مما أسفر عن مقتل ما يصل إلى 27 شخصًا، من بينهم أطباء وأطفال، موضحة أن الهجوم الذي شنه سلاح الجو السوري التابع لقوات بشار الأسد ظهر كأنه نمط ما قبل وقف إطلاق النار من قصف وحشي متعمد للمدنيين في المستشفيات والمدارس والأسواق. وأضافت أن الأزمة في حلب حازت على الاهتمام، بسبب أن كبار مسؤولي الأممالمتحدة استخدموها لدعم طلبهم إلى الولاياتالمتحدة وغيرها لإنقاذ محادثات السلام في سويسرا، التي لا يمكن أن توصف إلا بأنها "ميتة". ونقلت الصحيفة عن الأمير زيد بن رعد الحسين، مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان قوله: إن "العنف يرتفع إلى مستويات ما قبل وقف الأعمال العدائية، وهناك تقارير مقلقة للغاية عن تعبئة عسكرية مما يدل على تصاعد الأعمال الفتاكة، فمحادثات جنيف كانت الخيار الوحيد في المدينة، وإذا تم التخلي عنها، فأنا أخشى التفكير في كم الرعب الذي سوف نراه في سوريا". "الأوبزرفر" أفادت أن أزمة تجويع السوريين الذين تقطعت بهم السبل والمناطق الأخرى التي عانت من الحصار كانت قد حازت على اهتمام أقل. "ستيفن أوبراين"، رئيس عمليات الأممالمتحدة للإغاثة قال: "بالحرمان عمدًا من الغذاء والدواء، يواجه الكثيرون أشد الظروف المروعة، فيجب أن نشعر جميعا بالخجل من أن يحدث ذلك أمامنا"، لافتًا إلى الوضع المزري في حمص وإدلب واللاذقية وريف دمشق، مشيرًا إلى أنه بفضل وقف إطلاق النار جزئيا، تلقى نحو 3.7 مليون شخص مساعدات غذائية في شهر مارس. وتابع "أوبراين"، أن هذا التقدم المحدود هو الآن في خطر من تجدد القتال مع قوات الأسد، على وجه الخصوص، بعرقلة قوافل المساعدات مرة أخرى، ففي الأسبوع الماضي، قامت السلطات السورية بإزالة الأدوية وبعض المعدات الطبية من قافلة متجهة إلى الرستن، وهذه الممارسة اللا إنسانية تؤدي مباشرة إلى معاناة لا داعي لها وخسائر في الأرواح". "الأوبزرفر" قالت: إن "الواقع البغيض هو أن مثل هذه الوعود والإعلانات، سواء صدرت من مسؤولي الأممالمتحدة ووكالات الإغاثة، أو الوزراء والنواب أو افتتاحيات الصحف، سيتم تجاهلها بازدراء، كما كانت على مدى السنوات الخمس الماضية، إلى أن تكف الجهات الفاعلة الخارجية الرئيسية في هذه المأساة عن التلاعب بالقوة والبدء في تحمل المسؤولية، وفي مقدمتها روسيا وإيران الداعمين للرئيس الأسد". وأشارت إلى أنه في مارس، أعلن فلاديمير بوتين أن قواته تنسحب، وهو ما ظهر الآن أنه خدعة تهدف أساسًا إلى طمأنة الرأي العام في الداخل ونزع فتيل الانتقادات الدولية للقصف الروسي العشوائي، ومع تزايد القلق بشأن حلب، قالت موسكو: إنها "ستدعم مؤقتًا هدوءًا محدودًا من النظام". "سيكون من الجيد، ولكن من السذاجة أيضًا، الاعتقاد بأن بوتين صادق، فلا يوجد أي دليل على أن أهدافه أوسع له في سوريا، وبالحفاظ على قواعد روسية للمحافظة على نفوذ موسكو في منطقة الشرق الأوسط واستبعاد الأمريكيين، قد تغيرت، فإن قواته يمكن أن تنفذ ضربات أقل، ولكنها لا تزال تدعم الأسد". وأضافت الصحيفة أنه بالمثل، تظهر القيادة الإيرانية تعاملها مع سوريا على أنها مجرد جبهة أخرى في منافسات القوة على مستوى المنطقة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج السنية، وعلقت بالقول "ولا فائدة من النظر إلى الدول العربية لاسترجاع السلام إلى مساره الصحيح، فإن سجلهم الجماعي يرثى له". "لذلك مرة أخرى، كما اعترف المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا، الأسبوع الماضي، فإنه يقع على عاتق الولاياتالمتحدة أن تفعل شيئا، أي شيء، للعب دوره الداعم المعتاد"، مشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، لم يظهر في قمة هانوفر الأسبوع الماضي اهتمامًا في بذل جهد سياسي بشأن مشكلة عويصة، حيث قال عنها مستشاروه: إنها "يجب أن تترك حتى تستنفد نفسها"، ولكن الأسباب السياسية العملية والأخلاق الإنسانية تشير إلى أن أوباما يجب أن يتحرك لفعل شيء في هذه الأزمة"، وفقًا للصحيفة. وأنهت الصحيفة حديثها بالقول: إن "أوباما قد لا يكون قادرًا على حل الأزمة السورية، لكن حتى الآن يمكنه أن يشرك بوتين معه، وأن يضغط على الفرقاء في سوريا للعودة إلى جنيف، ودعم وقف إطلاق النار وتقليل المجزرة وربما عقد صفقة مع موسكو بشأن مستقبل الأسد"، وبالنظر إلى الأخطاء السابقة ومن أجل مصلحة الشعب السوري المدمر، فإن أوباما ملزم بالمحاولة على الأقل".