تحقيق: صابر العربى وكريم ربيع تصوير: هانى شمشون وعبدالرحمن محمد يرفع أمناء الشرطة شعار: «قتل وتحرش وسب»، إذ تعددت فى الفترة الأخيرة كوارث أمناء الشرطة بمختلف أنواعها، وهو ما أثار استياء الأهالى، ولأن غالبية تعامل أمناء الشرطة مع سائقى الميكروباصات والتاكسيات، إذ يشكل الاثنان «الأمين» و«السائق» معادلة غريبة، يغيب فيها العدل، وعنوانها الجبروت والأذى، وتكون نتيجتها دائمًا لصالح الأمين، الذى يستقوى على السائق، دون مراعاة لأدنى مسئولية مهنية أو إنسانية.. «التحرير» أجرت تحقيقًا ميدانيا موثقًا بالفيديو والصور تكشف فيه مدى معاناة وغضب السائقين تجاه الأمناء، وكذلك مدى تسلط الأمناء على السائقين وقطع أرزاقهم بتصرفاتهم اللا إنسانية.. غضب السائقين سيأتى يوم وينفجر، وسيحدث ما لا يحمد عقباه.. «التحرير» ترصد وتدق ناقوس الخطر أيضًا. ** سائق ب«ألف مسكن»: - أمين الشرطة بيلف بالعربية 12 ساعة.. ولو قلت لأ يبقى البرشام ده بتاعك والحشيش ده بتاعك - الأمين بيقولنا تصبح على مصر وتدفع 100 جنيه للضابط بوصل ولا تدفع 50 جنيه لى ونبقى حبايب - الأمناء لما بينزلوا يقبضوا على حد بيعملوا مصالح.. وما بيخدوش حد.. وبيحطوا فلوس فى جيوبهم عبدالعزيز الشحات، سائق ميكروباص بموقف الألف مسكن، التقته «التحرير»، وهو جالس فى انتظار دوره فى الموقف للانتقال بحمولة أو ب«فردة» من الألف مسكن إلى منطقة ألماظة، وبمجرد حديثنا معه عن هل هناك مشاكل يتعرض لها؟ ما كان منه إلا أن قال بنبرة حادة: طبعا، الحكومة والأمناء. الشحات قال، نعانى من أمناء الشرطة، «بيخدوا العربية من الساعة 12 الظهر ويسيبوها فى الساعة 12 بالليل، ويلفوا بيها، وبيخدوها عافية وبلطجة، اللى زى حالتنا واخد العربية من صاحبها ب150 جنيه فى الوردية.. علشان يطلع يشتغل يعمله 250 جنيه، بيته ياخد 70 أو 80 جنيه.. ويفول جاز ويدى صاحبها 150 جنيه.. لكن الأمين بيخدنا يفضل يلف بينا 12 و13 ساعة.. ونرجع.. وبدل ما نروح لبيتنا ب70 أو 80 جنيه.. بنكون عاوزين نستلف 30 أو 40 جنيه نحط جاز للعربية». وعن عدد المرات التى يجبرون فيها على «اللف» مع الأمناء، قال الشحات «والله يا يا باشا ما بنكمل أسبوع.. وهما واقفين على أول المجرى بداية الموقف.. ولو هتقول لأ .. يبقى البرشام ده بتاعك والحشيش ده بتاعك والمطوة ديه بتاعتك، ويبقى تشابه الأسماء ده بتاعك»، مؤكدا أن كل هذا يحدث تحت مرأى ومسمع ضابط الشرطة الجالس فى السيارة «بيتفرج». ويضيف، سائق الألف مسكن، «عند نزول الأمناء فى حملات بسيارتهم الميكروباص، من أجل إلقاء القبض على متهمين على ذمة قضايا، الأمناء لما بينزلوا بيعملوا مصالح ومابيخدوش حد.. وبيحطوا فلوس فى جيوبهم». وعن المقابل للفرار من مقصلة أمين الشرطة، قال الشحات إن المقابل معروف للأمين، حيث يخير السائق، ما بين أمرين، وهما إما «تصبح على مصر وتدفع 100 جنيه للضابط بوصل، أو يدفع 50 جنيه للأمين»، مؤكدا «مافيش أمين شرطة إلا ومتزوج من اثنين أو ثلاثة.. وعنده بيتين.. وعاوز له 200 أو 300 جنيه مصروف يوميًا وده حد أدنى، ده ممكن يمسك واحد بسيجارة ياخد الفلوس اللى فى جيبه ويقوله أجرى.. وبنبقى قاعدين على التارة وبنشوف كل حاجة». ** سائق بموقف «40 – جراج»: - أمين الشرطة لو عاوز يدخل الحمام عاوز عربية توديه وتجيبه.. ولو عاوز أى مشوار خاص نفس الكلام وببلاش طبعًا - لازم الفلوس علشان تسلك نفسك من أمين الشرطة.. وأقل حاجة 50 جنيه - الأمين حكم على السواق بالانتقال به من منطقة السلام للنهضة «علشان طاجن كشرى» موقف آخر، وقصة أخرى ترصدها «التحرير»، يرويها مصطفى أحمد سائق أجرة بموقف «40 – جراج»، يقول: «معاك رخص أو ممعكش هتدفع 50 جنيه للأمين علشان تعدى». أحمد واصل حديثه، وأشار إلى أن الشرطة «على طول إهانة وقلة أدب، وأمين الشرطة لو عاوز يدخل الحمام عاوز عربية توديه الحمام وتجيبه.. ولو عاوز أى مشوار خاص نفس الكلام.. وببلاش طبعا». وأضاف السائق، «الأمناء بصراحة ربنا ينتقم منهم، أمين الشرطة لو طلع مأمورية من القسم بيجى ياخد عربية يلف ويدغدغ فيها»، مستشهدًا بموقف له أول من أمس فى مدينة السلام، حيث جاء له أمين شرطة، وقال له: «اطلع»، فقال له «مش طالع»، فقال له «هحبسك.. وسب وشتم»، وفى الآخر غصب عنه طلع معاه. وكشف أحمد عن أن سبب كل ما سبق من إهانة وعجرفة، هو للذهاب مع الأمين «من منطقة السلام للنهضة.. علشان طاجن كشرى»، فى وقت استمر ساعة إلا ربع، والتى تضاهى 30 جنيه فى عمل «فردة»، مختتما كلامه، «أنه لا مفر من دفع الأموال للأمناء، لازم الفلوس علشان تسلك نفسك من أمين الشرطة.. وأقل حاجة هى ال50 جنيه». - صاحب نصبة شاى بميدان المطرية: 45 جنيه مشاريب ببلاش للأمناء يوميًا.. أو «البهدلة» فى القسم قال رضا ربيع، يتقاسم ملكية نصبة شاى بميدان المطرية، مع شقيقه الأكبر، إن أمناء الشرطة اعتادوا على الحصول على كوب الشاى «ببلاش»، وفى حالة الرفض أو الامتناع أو إظهار نوع من أنواع الغضب، ما يكون إلا بداية «التلاكيك»، وهى السؤال عن البطاقة، و«الجر» إلى قسم الشرطة، والتعرض للبهدلة. وأشار ربيع، إلى أنه يوميا يتكبد حصة للأمناء ما بين 20 إلى 30 كوباية شاى، وللدقة فى عدد ما يحصل عليه أمناء الشركة يوميًا من نصبة الشاى المملوكة له، فرد «العدد والله كبير.. بس مش أقل من 20 كوباية فى اليوم». وعن سعر كوباية الشاى على النصبة الخاصة به، قال إن السعر 1.5 جنيه، وبعملية حسابية بسيطة، وفقا لحديثه، فإن حصة الأمناء من مصدر رزقه تتراوح ما بين 30 و45 جنيهًا يوميًا. - سائق تاكسى: الباشا ما بقاش يرضى ب20 جنيه أصله بيشرب سجاير أجنبى «هيجيب منين يعنى» «دفعت رشوة قبل كده؟.. أيوه، كتير»، هذا هو رد «محمد. أ»، سائق تاكسى، قائلا: «لو رخصتك سارية وورقك تمام، بس الأمين عايز يقلب عيشه، هتبص تلاقيه بيقولك الإكصدام مكسور، الإزاز مشروخ، هيقولك ادفع غرامة أمن ومتانة 1200 جنيه»، مضيفا، «ساعتها هيتكون قدام حل من اتنين يا تدفع الغرامة أو تصبح عليه ب50 جنيه مش أقل من كده هتلاقى كل حاجة بتمشى، أصل الباشا ما بقاش يرضى ياخد ال20 جنيه، أصله بيشرب سجاير أجنبى هيجيب منين يعنى». وأضاف سائق التاكسى، «بدفع رشوة برده فى الكومسيون الطبى الخاص بالمرور، لتجنب إيجابية تحليل المخدرات لسائقى السيارات الأجرة، اللى بيشرب واللى مبيشربش الكل بيدفع، مؤكدا: «كل اللى عليك تدخل القهوة اللى قدام الكومسيون، تدفع المعلوم يديلك قلم جاف تعلقه فى جيب القميص والموظف أو الأمين المسئول بيظبطلك كل حاجة، وبالنسبة للمعلوم، 1200 جنيه للى بيشرب و500 للى مبيشربش وعايز ينجز وميتمرمطش، إضافة إلى ال150 جنيه رسوم». وفى طريقنا لإجراء حوارات أخرى مع الباعة، اعترضنا «بوكس» شرطة، وطالبنا أحد الضباط بضرورة الحصول على تصريح للتصوير فى الشارع، وعندما قلنا ليس لدينا تصريح قال لنا «ماشوفش حد تانى هنا، ولو شوفتكم هاقبض عليكم»، وهو ما اضطرنا للانصرف وعدم إجراء أية حوارات أخرى.