كتب - صابر العربي وباهر القاضي وكريم ربيع تصاعدت ردود الأفعال بشأن إعلان مجلس الوزراء أنَّ جزيرتي تيران وصنافير تابعتان للسعودية، مستمرة، لا سيَّما بعد تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنَّ كافة الوثائق تؤكِّد ملكية السعودية للجزيرتين، بل أنَّ الرئيس طالب بالتوقف عن الحديث في هذا الملف. بدايةً، قال عبد الغفار شُكر نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، رئيس حزب التحالف الشعبي سابقًا، ل"التحرير": "حديث الرئيس عن ضرورة إغلاق ملف التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير ضرب من المحال.. محدش يقدر يقفل القضية دي لا حاتم ولا غيره ولا أي فيلسوف، بل على العكس تمامًا سيزداد النقاش في الفترة المقبلة وبخاصةً بعد حديث السيسي عن استناده في قراره على ما حدث في عصر مبارك". وأضاف شُكر: "هذة القضية أصبحت قضية رأي عام وستزداد التفاعلات والغضب في الفترة المقبلة، فلا يمكن أن يُمنع الشعب من مناقشة قضية أساسية تخص السيادة الوطنية والتنازل عن جزء من الأرض.. الرئيس حاول التنصُّل جزئيا من هذا القرار بالتأكيد على أنَّه صار على درب ما تمَّ في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك". وشدّد على أنَّ السيسي فضَّل تقوية العلاقة مع السعودية عن طريق التنازل عن الجزيرتين، وبخاصةً في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تعيشها مصر. من جانبها، قالت المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية سابقًا، ل"التحرير": "المجتمع يعيش حالةً من الاحتقان السياسي بسبب اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية فيما يتعلق جزيرتي تيران وصنافير.. مسالة التأكيد على أنَّ من يتنقد الاتفاقية ويحمل رأي مخالف للدولة حول مصرية الجزيرتين يعتبر من أعداء الدولة هو أمر غير مقبول، هناك الكثير من الشخصيات سواء على المستوى السياسي أو رجال القانون أو الأعلام ممن أعلنوا رفضهم لتلك الاتفاقية هم من أنصار النظام وهو أمر معلوم للجميع". وأضافت: "كان يتعين على الرئيس السيسي أن يطلع على وجهات نظر المعارضين وأن يعقد جلسة حوار مجتمعي مع الشخصيات المعارضة وذلك من باب الاستماع لمختلف وجهات النظر وليس التأييد لوجهة نظر واحدة حول قراءة وثائق قانونية وتاريخية تتعلق بالجزر، ومن الطبيعي أن تحمل قراءات متعددة وليس التسليم بقراءة واحدة أو الاستناد لقرار جمهوري منذ 26 عامًا أو الاستعانة بشخصيات ضللت الرأي العام والسياسي وهو أمر متعارف عليه في قضية سد النهضة". وتابعت: "القضية أكبر من محاولات لاستهداف الوطن، ونرفض وصف المعارضة بالمؤامرة.. نعم الدولة تواجه مشكلات كثيرة في التعامل مع الملفات الشائكة.. الجزيرتان مصريتان 100% وذلك طبقًا للبنود والقواعد الدولية المتعارف عليها في التعامل مع ترسيم الحدود". وطالبت البرلمان بالتناول القوي للقضية بعيدًا عن أي ميول سياسية، لافتةً إلى أنَّه كان يتعين على الرئيس أن يطلب من البرلمان فتح حوار مجتمعي للاستماع لجميع وجهات النظر. وعقَّب الدكتور حسام عيسى نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق، على حديث السيسي، قائلاً: "بالذمة ده كلام يتقال.. على النظام الحالي إخراج وثيقة واحدة عن معاهدة أو اتفاقية عن ترسيم الحدود أو أحقية السعودية بالجزيرتي.. الرئيس ذكر أنَّ عددًا من الجهات راجعت الوثائق التي تؤكِّد أنَّهما سعوديتان فلماذا هذه المراجعات للوثائق لا تعرض على الشعب؟". وفيما يخص وجود مراجعات وجلسات عقدها عددٌ من الجهات ممثلة في "الجيش والمخابرات ووزارة الخارجية"، لترسيم الحدود ودراسة وضع الجزيرتين مع الجانب السعودي ، ذكر عيسى: "يا نهار أسود.. هذا الموضوع ليس أمر قومي، المعاهدات الخاصة بالأرض لابد من إطلاع الشعب عليها". وأضاف: "هو فيه حدود فى الدنيا تترسم بجواب من وزير الخارجية، الحدود لا ترسم في السر، وهل حدودنا مع السودان وإسرائيل مرسومة في السر أم مرسومة وفقًا لمعلومات موجودة ومعلنة". وأكَّد عيسى: "اسنتاد الرئيس السيسي للقرار الجمهوري الصادر عام 1990 بترسيم الحدود من قبل مبارك يعد خطئًا كبيرًا.. هو مبارك ده بني آدم علشان ناخد بقراراته الجمهورية في ترسيم الحدود مع السعودية.. آومال عملنا ثورة ليه؟". وفي وقتٍ سابقٍ اليوم، تحدَّث الرئيس السيسي عن القضية، فقال إنَّ مصر لا يمكن أن تبيع أرضها أو تعطيها لأحد، مشدِّدًا على أنَّ مصر كذلك لا تأخذ حق أحد. وأضاف: "والدتي علمتني إني مش أحق حاجة حد، حتى لو كان أبويا.. لازم الناس تفهم عقيدتنا كويس.. هناك محاولات قائمة لضرب الإرادة والتماسك، وهناك محاولات للوصول إلى الانتحار القومي، الحالة التي تشكَّلت تقوم على عدم تصديق شيء". وتابع: "مصر لم تفرِّط في أي حق لها، لافتًا إلى أنَّ أعطت الحقوق لأصحابها.. الإشكالية اللي بنواجهها هي إن فيه مسافة بين نسق الدولة وتعاملها في قضاياها وبين التعامل الفردي.. هذا الموضوع لم يتم تداوله قبل ذلك، وهذا الأمر لم تُطرح حتى لا تؤذي الرأي العام للبلدين.. كانت هناك ظروف سياسية وأمنية ومصر تولت الحفاظ على هذه الجزر منعًا لسقوطها في يد أحد، ثمَّ حدثت تداعيات كثيرة وصولاً لاتفاقية السلام، وكان من غير الممكن طرح القضية في ظل حساسية اتفاقية السلام". واستطرد: "في ترسيم الحدود نحن لم نخرج عن القرار الحكومي الصادر قبل 26 سنة، والدولة اشتغلت في هذا الأمر عام 1990 بناءً على طلبات سعودية بأهمية استعادة الجزر، ونحن في حاجة بعد انتهاء الأمر الحفاظ على العلاقات السعودية.. أنا أخدت الضربة في صدري ولو كنت أعلنت الأمر من شهور كانت حصلت حالة الجدل دي طيلة الأشهر الماضية". وأكَّد الرئيس: "والله أنا سألت الناس قبل اتخاذ القرار.. كل الوثائق بتقول إنَّ الحق ده بتاع السعودية.. فيه لجان متخصصة عقدت 11 جلسة بخصوص هذه القضية، يعني مفيش ولا في الخارجية ولا في المخابرات ولا في الجيش حد وطني يعني.. والله حرام على الناس اللي بتشكك في ده كله". ومضى يقول: "كل من كانت له صلة بالموضوع وعايش تحدثنا معه في هذا الأمر، أنا بقول كده علشان أطمن الناس مش على الجزيرتين لكن على الراجل اللي الشعب آمنوا على البلد.. إحنا عندنا فوضى كبيرة بس إحنا مستحملين، ترسيم الحدود البحرية يخضع لمعاهدات دولية وهذا الأمر يسير وفقًا لها، وتمَّ تعيين الحدود بناء على قرار جمهوري صدر عام 1990 وتمَّ فيه خطوط مساحية وتمَّ إخطار الأممالمتحدة به". وقال الرئيس السيسي إنَّ الحديث عن أزمة جزيرتي تيران وصنافير بات كثيرًا، متابعًا: "لازم نتوقف عن الحديث في هذا الأمر.. البرلمان سيناقش الاتفاقية وسيتخذ قرار تمريرها أو يرفضها".