خلف كوبرى القبارى المؤدى إلى الطريق الدولى الساحلى، والذى يربط وسط الإسكندرية بقرى الساحل الشمالى، يعيش مئات الأسر الذين لا يعرفون الطريق إلى الساحل الشمالى إلا من خلال السيارات الفارهة التى تمر من أمام منازلهم المتهالكة التى أكل عليها الدهر وشرب وأصبحت قاب قوسين أو أدنى من الانهيار. المنطقة تسمى منطقة "حليش" وتتواجد فى نهاية كوبرى القبارى بالقرب من خط السكة الحديد، الرابط بين القبارى والميناء من جهة وبين القبارى ومحافظة مطروح من جهة أخرى. أهالى حليش لا يعرفون فى حياتهم إلا 5 أشياء رئيسية هى الثعابين والفئران والكلاب الضالة ورائحة المجارى، حياة بائسة فوق منازل قديمة لم تعد تحتمل أن يسكن بها أحد، بسبب انهيار أسقفها جراء مياه الأمطار أو من شدة حرارة الشمس فى فصل الصيف. أما المأساة الحقيقية فهى أن عشرات الأسر قرروا بناء عدد من الأكشاك ذات الأسقف الخشبية فوق المنازل بالقرب من جبل الزيتون القديم، دون التمتع بحياة آدمية كأبسط حقوقهم فى الحياة، فبمجرد النظر إلى أحوال الأهالى سترى الجانب الآخر من الإسكندرية الذى لم ترها من قبل. تعانى المنطقة بالكامل من النقص الشامل فى الخدمات والإهمال والتلوث بأكشاك خشبية، وسط مهاجمة الثعابين والحيوانات الجبلية التى كانت سببًا فى إحداث الذعر ما بين أهالى المنطقة وخاصة الأطفال، ورغم ذلك تأبى الحكومة أن تنصفهم وتمنحهم حقًّا من حقوقهم البسيطة المتمثلة فى إيجاد مأوى آدمى لهم، فشقة واحدة تكفى لرفع هموم أبناء تلك المنطقة ورسم البسمة على وجوه أبنائها. ويروى الأهالى معاناتهم فى الحصول على شقة، حيث توجهوا مرات عديدة إلى حى غرب للحصول على شقق بديلة لتلك الشقق المهددة بالانهيار. يقول أحمد رجب - أحد السكان - إنه توجه عدة مرات إلى مسئولى حى غرب لسؤالهم عن المساكن الاقتصادية، الذين دائما ما يردون عليه بأن الأعداد محدودة ولا يوجد بديل لهم. وأضاف رجب ل"التحرير" أن أغرب ما تعرض له أن إحدى الموظفات سخرت منه بسبب اسم المنطقة التى تحمل اسم "حليش". وتابع: توجهنا إلى نواب دائرة مينا البصل واللبان لإنقاذنا، لكن لم يسأل أحد فينا ولم نعثر على أحد منهم فى المقار الخاصة بهم. وأكد محمد السيد - أحد الأهالى - أنه يشاهد مواكب الوزراء منذ عهد الرئيس السابق مبارك وهى تسير فوق الكوبرى متجهة إلى الساحل الشمالى، ولم تتغير تلك المواكب حتى الآن فدائمًا يمر المسئولون فوق الكوبرى عندما يتوجهون إلى قرى مارينا وسيدى كرير، حتى إن الحكومة أصلحت الكوبرى من أجل مواكبها ولم تنظر فى الجهة المقابلة أو المجاورة للكوبرى والتى نعيش فيها. وكشف مصدر بحى غرب الإسكندرية ل:التحرير" أن أهالى منطقة حليش دائمو المشاكل، ويقوم البعض منهم بالتنقيب عن الآثار أسفل المنازل، وهو ما يعرضها للخطر. وأضاف أن المنطقة قريبة من منطقة كوم الملح الممتلئة بالآثار الرومانية، والأهالى فى تلك المناطق لديهم ولع البحث عن الآثار بصورة كبيرة.