3 أشهر مرت على كرسي مطران القدس الشاغر، بعد نياحة الأنبا إبرآم، انتظر خلالها أقباط فلسطين والأردن وسوريا ولبنان والعراق، من ستختاره الكنيسة العليا في مصر بإرشاد من الرب، – حسب إيمانهم واعتقاداتهم – ويكون قائدهم الروحي الجديد، وقد حان الوقت لإعلان الكنيسة الأرثوذوكسية رسميًا ذهاب القمص ثيؤدور الأنطونى إلى «أورشليم» أو «مدينة السلام» ليكون مطرانها رقم «22». نشاط مستمر خلال فترة رهبنته في دير الآنبا انطونيوس، إطلاع على أوضاع الدول المذكورة سابقا وأحوال الأقباط فيها، ثقافة ودراسة لم يعوقها الخدمة أو العمر، رشح كل ذلك القمص ثيؤدور للمنصب، لتبلغه الكنيسة خلال الإ جازة التي حضر فيها إلى مصر منذ أيام، قادمًا من أ ثينا، التي يدرس بها ماجيستير ودكتوراه في علم اللاهوتية، أن الاختيار قد وقع عليه. الشغف بالعلم والعمل والدراسة بدأ معه حين كان شابا يدعى«عماد»، قبل أن يتغير اسمه عند دخوله الدير في 2004، فحصل على بكالوريوس زراعة ثم صيدلة، وعمل في هذا المجال لفترة، وبالتوازي ظل يخدم في الكنيسة، تحديدا في أسقفية أبو تيج بأسيوط، وهى أكبر كنائس المحافظة التي ولد بها. قد يبدو قرار الأنضمام للدير والبعد عن العالم الخارجي قرارا مفاجئا من المقدمين على هذة الخطوة، التي ليست بالسهلة، لكن في حالة «عماد» كان الأمر مختلفا، لسبب كان واضح للجميع، وهو تربيته الكنسية الصارمة، فوالده كان وكيل مطرانية أبو تيج، واثنين من أخوته آباء كهنة. «اليوم يوم تاريخي في كنيستنا».. بدأ البابا تواضروس، بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، كلمته خلال رسامة القمص ثيؤدور مطرانا للقدسK في الكنيسة المرقصية الكبرى بكلوت بيك مساء أمس السبت، والتي استكملها صباح اليوم بالقداس الألهي. قال البابا تواضروس: «عندما ذهبت إلى القدس للتعزية في الأنبا إبرآم، اجتمعت بالأباء والرهبان هناك، ورشحوا لي 7 أسماء لتولي المنصب، أرسلتهم إلى المجمع المقدس هنا لأخذ رأيه، ووافقنا بالإجماع، دون إبداء ملاحظات، على القمص ثيؤدور، وكانت المعايير هى عامل السن والدراسة واللغة وحسن السيرة». في ختام طقوس الرسامة، التي تشمل الصلوات وقراءة الإنجيل، اُقيمت الزفة وسط الحضور للتعريف بالمطران الجديد، ثم قراءة المطران للتعهد، ورشم ملابسه من جميع أعضاء المجمع المقدس، وأخيرا إعلان البابا تنصيبه، هناك صدفتان صاحبتا هذا الحدث، أشار إليهم البابا تواضروس قائلًا: «منذ 56 عام في مثل هذا اليوم، وفي هذه الكنيسة التي كانت مقرا للبابوية لمدة 200 سنة، تم تنصيب مطران جديد للقدس أيضا، أما الصدفة الأخرى، هى أن أب اعتراف القمص ثيؤدور لسنوات، هو شقيق الأنبا إبرآم الأسقف الراحل للقدس». يشار إلى أن مطران الكنيسة الأرثوذوكسية في القدس، يعمل مع مطارنة جميع الطوائف المسيحية الأخرى، وكان أول مطران للكنيسة هناك هو الأنبا باثيليوس عام 1236، وقبل ذلك كانت ترعى رعاياها الكنيسة السيريانية. حضر الاحتفال بالرسامة، عدد من الرهبان المتواجدين مع «ثيؤدور» في الدير، وبسؤالهم عنه، رسم الجميع صورة كان مضمونها هذه الكلمات: «ذكي، مثقف، مطيع لقواعد الدير، محب لكل من حوله، حافظ الكتاب المقدس، وصاحب صوت جميل في الألحان». لم يستطيع القمص ثيؤدور الحديث ل«التحرير» بسبب شدة الزحام حوله في الاحتفال أمس، وكثرة مشغولياته في هذا الوقت، لكنه اكتفى بقول «إن ما لديه لا يزيد عن التعهد الذي القاه أمام الحضور»، متابعًا: «أتعهد أن أثبت على الإيمان الأرثوذوكسي وقوانين الكنيسة العليا، أتعهد أن أنشر الكرازة وتعاليم الكنيسة وقواعدها وطقوسها، وقيادة الشعب إلى طريق القداسة، ومعاملتهم بالبر والحكمة، وسوف اهتم بالجميع، ولا أفرق بين أحد وأحد»، داعيا الله أن يعينه في مهمته الجديدة. طريق الدراسة الذي اقتطع سنوات طويلة من عمره البالغ 47 عام، لم يتوقف، فوفقا لقول الرهبان المقربين منه، «أبلغ الكنيسة بأنه سيواصل دراسة الدكتوراة في اليونان لكن بنظام الانتساب»، ليظل «الأنبا أنطونيوس»، وهو الاسم الذي أطلقه عليه البابا بعد تنصيبه دون إبلاغه مسبقا، يجمع بين الدراسة والخدمة بالكنيسة، لكن هذه المرة في أورشليم، التي وصفها البابا ب«المدينة المُحبة للمسيح».