سلطت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الضوء على التغيرات التي تحدث في الساحة التركية والتي وصفتها بأنها "كابوس استراتيجي"، في الوقت الذي تتصاعد فيه الانفجارات داخلها ومحاصرة أعداءها لحدودها ورفض حلفاءها الوقوف معها وهو ما يجعلها الآن محاصرة ومنعزلة. وقالت الصحيفة قبل أربع سنوات: "ظهرت تركيا كواحدة من أكبر الفائزين من الربيع العربي قوة صاعدة أشاد بها الغرب كنموذج جيد وتقبلها دول المنطقة، إلا أن كل هذا تبخر مع فشل الثورات العربية، والتحولات التي حدثت في المشهد الجيوسياسي بالمنطقة، ومسار الحرب السورية". ونقلت عن خبراء قولهم: "لن يكون هناك سيناريوهات جيدة بالنسبة لتركيا في اﻷيام القادمة". وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا - أقدم وأقرب منافسي تركيا- تسعى لتوسعة وجودها حولها، جنوبًا في سوريا، وشمالًا في شبه جزيرة القرم وأوكرانيا، وشرقًا في أرمينيا، فقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس السبت، نشر دفعة جديدة من الطائرات المقاتلة، والمروحية في قاعدة جوية خارج العاصمة الأرمينية يريفان، التي تبعد 25 ميلاً من الحدود التركية. وأضافت واشنطن بوست أن تركيا تعاني على جميع الجبهات، فمدنها شهدت سلسلة من التفجيرات أحدثها الأربعاء، مما أدى إلى انتشار الخوف، وهروب السياح، وانهيار عملية السلام مع الأكراد، الذي أدى لاشتعال الحرب في جنوب شرق البلاد، مشيرة إلى أن الاقتصاد في حالة ركود، بسبب المخاوف من عدم الاستقرار، والعقوبات الروسية التي تستهدف سلع ومصادر الدخل مثل الطماطم التركية، والسياحة انتقامًا لإسقاط طائرة روسية في نوفمبر. الصحيفة نقلت عن "جوكان باكيك" أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أنقرة قوله: "تركيا تواجه كارثة متعددة.. هذا البلد استطاع في الماضي التغلب على الكثير من المشاكل، ولكن حجم ما يحدث الآن أكبر من قدرة تركيا على الاستيعاب". ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن هناك خلاف بين تركيا والولايات المتحدة -الحليف اﻷكثر أهمية ﻷنقرة- حول وضع الميليشيات الكردية في سوريا، اﻷمر الذي دفع رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان للقول: إن "على واشنطن الاختيار بين اﻷكراد وتركيا الحليف الرئيسي في الحرب ضد الدولة الإسلامية بسوريا". كما نقلت عن "سولي أوزيل" أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قادير بإسطنبول: "تركيا تقف الآن معزولة تمامًا، محاصرة في متاهة من المشاكل"، مضيفًا "تركيا أصبحت غير قادرة على حماية مصالحها الحيوية، وهي على خلاف مع الجميع بما فيهم حلفاؤها.. بالنسبة لبلد كان ينظر إليه حتى وقت قريب جدًا، كقوة إقليمية قادمة، هذه الحقائق تبدو كارثية تمامًا". ولفتت نيويورك تايمز إلى أن اﻷمور تتغير من حول تركيا بشكل دراماتيكي خاصة على طول حدودها الجنوبية مع سوريا، حيث تفجرت روسيا، والأكراد يتقدمون، والمقاومة التي تدعمها ضد الرئيس بشار الأسد على مدى السنوات الخمس الماضية، تواجه الهزيمة. وأوضحت أن إرسال قوات إلى سوريا -كما ألمحت أنقرة- تعتبر مخاطرة حيث بذلك سوف تكون في مواجهة مع روسيا، وهو ما يمكن أن يجعلها تخسر، حيث قال هنري باركي خبير في الشئون التركية بمركز ويلسون بواشنطن: "أردوغان يبدو أنه أخطأ في الحكم على مدى قوة المعلومات التي تساعد تركيا على المناورة". وأضاف "سوء إدارة اردوغان للسياسة الخارجية بسبب الغطرسة.. فقد كان على ثقة كبيرة عام 2010 أن أنقرة محبوبة من العالم.. لكن حدثت انتكاسات". وتابع: إن "أردوغان يواجه أيضًا تحديات غير متوقعة لطموحاته المحلية، ولا سيما خططه لتعديل الدستور التركي لتعزيز سلطاته الرئاسية". وأفاد بالقول: "لا أقول أن تركيا فقدت عقلها وتستعد للحرب، ولكن الموقف في أنقرة غريب جدًا، ويمكن أن يؤدي إلى مفاجآت.. ما يحدث في سوريا هو مسألة حياة أو موت بالنسبة لأردوغان، لذلك فمن غير الممكن استبعاد أي شيء". واختتم بالقول" بالنسبة لتركيا ليس هناك سيناريو جيد من الآن فصاعدًا".