بُني على أنقاض سجن حربي.. وخُط الصعيد وأدهم الشرقاوي وريا وسكينة أشهر معالمه يُعدّ "متحف الشرطة" شاهدًا حيًا على تضحيات باسلة، ومخزنًا للأسرار التاريخية، بين جدرانه أدلة توثق لعهود ومعارك راسخة فى الأذهان، يفخر بها المصريون ويتفاخر بها جنرالات الأمن الداخلى، وتحكى عن سنوات دفاع رجال الأمن عن عقيدتهم المهنية وقسمهم الذين تعهدوا بالوفاء به.. «التحرير» أجرت جولة ميدانية داخل متحف الشرطة، للتعرف أكثر على محتوياته، نظرا لأهميته التاريخية، والتعرف على مجهودات وزارة الداخلية فى حفظ الأمن طوال السنوات الماضية. متحف الشرطة افتتح متحف الشرطة يوم 25 يناير عام 1986، فى عهد رئيس الجمهورية الأسبق محمد حسنى مبارك، بمناسبة عيد الشرطة، وذلك بحضور اللواء أحمد رشدى، وزير الداخلية آنذاك، ود.أحمد هيكل، وزير الثقافة آنذاك، ويقع المتحف فى قلعة صلاح الدين بالقاهرة مع المتحف الحربى، ويحوى العديد من مقتنيات أجهزة الأمن المصرية قديمًا وحديثًا، فضلا عن الأدوات المستخدمة فى أقسام الشرطة، وملابس أفراد الشرطة وبعض صور مشاهير الضباط والمجرمين، ومنها صور خُط الصعيد وأدهم الشرقاوى وريا وسكينة، وقد كان هناك سجن للأمراء فى عهد المماليك فى نفس موقع المتحف، وتم هدمه فى عصر الملك الناصر محمد بن قلاوون عام 1338. تم بناء سجن القلعة أو سجن الأجانب كما كان يعرف قديمًا، فى سنة 1874م فى عهد الخديو إسماعيل، عندما قام بنقل مقر الحكم من قلعة صلاح الدين إلى قصر عابدين، وجعله المقر الجديد للحكم، فأصبح لا حاجة له بهذا المكان، فقام بإصدار قرار وقتها بتحويل هذا الجزء الواقع فى الجهة الشمالية الغربية منها ليكون سجنًا للأجانب. ومن أشهر الذين تم إيداعهم فى السجن، الشاعر عبد الرحمن الأبنودى، والأديب جمال الغيطانى، والرئيس الراحل أنور السادات، والشاعر أحمد فؤاد نجم، والشيخ إمام عيسى، قائد تنظيم الجهاد عبود الزمر، أيمن الظواهرى، منتصر الزيات، الشيخ سيد قطب والشيخ عبد الحميد كشك، وكان السجن ينقسم إلى سجن للرجال يضم 42 زنزانة وثمانى غرف تعذيب وسجن للنساء تحت الأرض، إضافة إلى غرفة للمشنقة. وتم هدم سجن القلعة سنة 1984، وحل مكانه متحف الشرطة، وينقسم المتحف حاليًا إلى مجموعة من القاعات، بحيث تعرض كل قاعة تاريخ الشرطة فى عصر من العصور التى مرت بها ليحكى تطورها، وأبرز الأحداث والمتغيرات فى كل عصر، فالقاعة الأولى خُصصت لتاريخ الشرطة فى مصر القديمة، التى تحتوى على أسلحة تم استخدامها فى المعارك قديما مثل السهام، الدروع، الأقواس، البلط ومجموعة من اللوحات الجصية التى تبين نشاطات الشرطة ومجهودها فى هذا العصر. وخصصت القاعة الثانية لتاريخ الشرطة فى مصر الإسلامية، حيث تعرض أسلحة من عصور مختلفة ك(الحراب والخوذات) وعليها شعارات الشرطة، وعن القاعة الثالثة فكانت تضم صورًا لأبرز القضايا التى نجحت الشرطة فى التصدى لها خلال القرن العشرين، وأبرزها قضية «ريا وسكينة» وصورة لهما وصورة لعملية إعدامهما وصور للتحقيقات التى تمت معهما، وكذلك صور لأدهم الشرقاوى ونشاطاته، إضافة إلى الخُط. وهناك قاعة العرض ويوجد بها أسلحةأثرية، قائمة بأسماء شهداء معركة الإسماعيلية 1952، صور وزراء الداخلية منذ عام 1878م، وحتى عام 1984م، حيث يبلغ عدد الوزراء 53 وزيرًا، بالإضافة إلى تطور ملابس الشرطة على مر العصور، وبعض البنادق التى استخدمها رجال الشرطة ومجموعة من أوسمة الشرطة. خُط الصعيد يُعدّ محمد منصور من أشهر السفاحين فى تاريخ مصر، فهو القاتل المعروف باسم "الخُط"، من مواليد قرية "درنكة" بمركز أسيوط، وتشير التقديرات إلى أنه ولد عام 1907 تقريبا. تميّز الخُط بوسامة شكله، فكان ذا بشرة شقراء، أزرق العينين، سريع البديهة، شديد الذكاء، حاد المزاج، لم يتلق أى نوع من التعليم، ولا يعرف أحد شيئا عن والده، إذ نشأ فى كنف أمه وأشقائه الأربعة، ورغم الروايات العديدة التى أحاطت بخُط الصعيد، فإن قصة صدامه بشيخ الخفر داخل قرية "درنكة"، ثم قتله ل9 أفراد من عائلته، انتقاما لعمه محمود، هى سبب فراره لجبال الصحراء الغربية المتاخمة لحدود قريته، ما جعله يتخذ من إحدى المغارات مقرًا له، وهذه الواقعة تعد بداية معرفة أسيوط بالخُط منصور. فرض الخُط الإتاوات والضرائب وقتل فى وضح النهار، إلى جانب السطو المسلح والخطف والنهب والقتل لحساب الغير، وارتكب العديد من جرائم القتل، إلى أن تشكلت فرقة من رجال شرطة منفلوط، خصيصًا لملاحقته، بقيادة ملازم محمد سعيد هلال، أطلق عليها فرقة الموت، ورغم ذلك لقى الخُط مصرعه على يد عمدة "جحدم" حمدى خليفة، بعد تبادل لإطلاق الرصاص، إثر واقعة خطف صبى، يوم 6 أغسطس 1947. أدهم الشرقاوى هو البطل الشعبى المعروف، ولد فى عام 1898، بعد الاحتلال الإنجليزى لمصر ب17 عاما، فى قرية "زبيدة" بمركز إيتاى البارود فى محافظة البحيرة، ليس كما تردد عن نسبه إلى محافظة الشرقية، وكان ينتمى إلى أسرة من الفلاحين يتولون العمودية فى القرية. كان الشرقاوى يتميز بالذكاء الحاد، والقوة الهائلة، التى وصلت إلى درجة أنه كان يرفع رحى الطاحونة الثقيلة وحده، وفى عام 1917، حينما كان فى التاسعة عشرة من عمره، ارتكب حادثة قتل، وكان عمه عبد المجيد بك الشرقاوى، عمدة "زبيدة"، أحد شهود الإثبات. وفى أثناء محاكمته، سمع أدهم أحد الشهود يُدلى بشهادته ضده، فهجم على أحد الحراس بقصد نزع سلاحه ليطعن به الشاهد، وحكمت المحكمة على أدهم الشرقاوى بالسجن سبع سنوات مع الأشغال الشاقة، فأرسل إلى ليمان طرة، وفى السجن ارتكب جريمة قتل أخرى، بعد أن تعرف على أحد السجناء، وأدرك من كلامه أنه القاتل الحقيقى لأحد أعمامه، وأنه لم يقبض عليه فى هذه الجريمة، التى ظل مرتكبها مجهولا، إنما قبض عليه فى جريمة أخرى، ولما عرف الشرقاوى هذا الأمر، غافل السجين ذات يوم وضربه على رأسه بالأداة التى يقطعون بها الأحجار فقتله. وهكذا حُكِم على أدهم الشرقاوى بالأشغال الشاقة المؤبدة، غير أنه هرب من السجن فى اضطرابات عام 1919، واختفى فى مكان ما فى بلده، وهناك انضم إليه عدد كبير من الأشقياء، فكوّن منهم عصابة، وارتكب بمساعدتهم جرائم عدة، ورغم جرائمه الكثيرة، فإنه كان محبوبا بين الأهالي، نظرا لدفاعه عن المستضعفين، ومساعدة الفقراء بالأموال، إلى أن قتل عام 1921، وحينها كان عمره 23 عاما. ريا وسكينة شقيقتان مصريتان اسمهما ريا وسكينة على همام، نزحتا فى بداية حياتهما من الصعيد إلى بنى سويف إلى كفر الزيات، واستقرتا فى مدينة الإسكندرية مع بدايات القرن العشرين، تم اتهامهما بتكوين عصابة لخطف النساء وقتلهن، بالاشتراك مع محمد عبد العال زوج سكينة، التى بدأت حياتها بائعة هوى، وحسب الله سعيد مرعي، زوج ريا، واثنان آخران هما عرابى حسان وعبد الرازق يوسف. وتم القبض عليهم بعد أكثر من سنة من تاريخ بدء عملهم فى قتل النساء، بعد أن قتلوا أكثر من 17 سيدة، وتم إعدامهم فى 21 و22 ديسمبر عام 1921. * متحف الشرطة (8) * متحف الشرطة (10) * متحف الشرطة (11) * متحف الشرطة (9) * متحف الشرطة (7) * متحف الشرطة (5) * متحف الشرطة (6) * متحف الشرطة * متحف الشرطة (2) * متحف الشرطة (3) * متحف الشرطة (4)