في وسط موجة الغضب الفلسطينية المستمرة منذ شهور وشهور ضد انتهاكات الاحتلال للأعراض والمقدسات، ويتجلى الرد في عمليات فدائية مستمرة ضد جنود إسرائيل، وسط كل هذا يظهر موقف أعضاء الكنيست من العرب الرافض لجرائم تل أبيب، بينما لم تجد الأخيرة أمام هؤلاء إلا التلويح برفع الحصانة عنهم. لكن الأمر أخذ شكل الفعل مؤخرا، بمطالبة بنيامين نتنياهو -رئيس حكومة تل أبيب- مستشاره القانوني أفيحاي ميندلبليت، بفحص إمكانية رفع الحصانة البرلمانية عن 3 نواب عرب التقوا عائلات شهداء نفذوا عمليات ضد جيش الاحتلال والمستوطنين. ليست المرة الأولى ولا تعد هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها إسرائيل بخطوة من هذا النوع فقبل 15 عاما وبالتحديد في نوفمبر 2001، نزع الكنيست الحصانة عن العضو العربي الدكتور عزمي بشارة بسبب انتقاده لعنصريتها رفضه لسياستها، وكانت هذه أحد أبرز السوابق لوقائع رفع الحصانة في إسرائيل والتي تعد بالعشرات. وكان إيلياقيم روبنشتاين - المستشار القانوني للحكومة الاسرائيلية وقتها- قد أوصى بتقديم بشارة للمحاكمة، وطلب من الكنيست رفع الحصانة عنه. عزمي بشارة: إسرائيل عدوة الديمقراطية ورد بشارة على الإجراء المتخذ ضده بالقول "هذا دليل على تخلّي الهيئة البرلمانية الأعلى في اسرائيل، عن حقها الديمقراطي الأول. فإذا كانت تقبل على نفسها فقدان هذا الحق واستدعت الاعتداء على هذا الحق، فلن يفيدها في المحكمة بشيء". وأضاف بشارة: "لقد وقف الكنيست اليوم، أمام مفترق طرق بشأن حياته البرلمانية. واتضح أن من يسيطر عليه هم أعداء البرلمانية والديمقراطية. فسجل على نفسه وصمة عار". عضو الكنيست يتمتع بنوعين من الحصانة لكن ماذا يعني رفع إسرائيل الحصانة عن البرلمانيين؟ وفقا للقانون الإسرائيلي يمنح عضو الكنيست نوعين من الحصانة، الأولى تسمى بالموضوعية وتعفي عضو الكنيست من المسؤولية الجنائية أو المدنية على أعمال قام بها أو أقوال صرّح بها أثناء أدائه لوظيفته أو من أجل أداء وظيفته، ويكون محميا من كل خطوة قضائية تتخذ ضده؛ سواء بسبب تصويت أو تعبير عن رأي شفاهيا وكتابيا، أو بسبب عمل قام به، وترفع الحصانة وفقا لهذا القانون إذا أيد "أعمال إرهابية ضدّ دولة إسرائيل أو ضدّ يهود أو عرب بسبب كونهم يهودًا أو عربًا، في البلاد أو خارج البلاد". أما النوع الثاني من الحصانة فتسمى بالإجرائية؛ وبتمتع البرلماني بموجبها في فترة تولّيه منصبه في الكنيست بالحماية من الاعتقال بسبب مخالفات ارتكبها وليس لها أيّ صلة بوظيفته كعضو كنيست، وتحميه هذه الحصانة من التفتيش في شقّته أو على جسمه أو في أغراضه، وعلى هذا فإن رفع الحصانة عن الأعضاء العرب يهدف في الأساس إلى محاكمتهم وملاحقتهم قضائيا واعتقالهم دون أن يقف في طريق أي أنواع من الحصانة للبرلمانيين العرب في الكنيست. سحب المواطنة هناك ورقة أخرى تستخدمها تل أبيب ضد البرلمانيين العرب أوالمواطنين الفلسطينيين؛ ألا وهي سحب المواطنة، وفي أكتوبر العام الماضي أصدر وزير الداخلية الإسرائيلي السابق سيلفان شالوم، تعليمات لسلطة المواطنة والهجرة بالبدء في معاملات سحب الهوية الزرقاء من العائلات المقدسية التي تنسب سلطات الاحتلال لأحد أفرادها تهمة تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية، أو حتى محاولة ذلك. وفي نوفمبر 2014 أيد بنيامين نتنياهو، مشروع قانون بالكنيست يدعو إلى سحب الجنسية وفصل كل عضو كنيست يثبت أنه "يدعم الإرهاب أو يؤيده"، وقالت صحيفة "معاريف" العبرية إنه "قد تمت صياغة المشروع وتسليمه لأخذ رأي المستشار القانوني للحكومة، لسحب المواطنة من المشاركين بأعمال إرهابية وسحب الحقوق الاجتماعية من عائلاتهم الذين يظهرون تعاطفهم معهم أو يتضامنون مع ما يقومون به من أعمال". مشروع قانون إسرائيلي جديد لتهميش الفلسطينيين وكانت أخر القوانين العنصرية التي تعمد إليها تل أبيب ضد الفلسطينيين سواء داخل الكنيست أو خارجه هو مشروع ل"تعديل قانون المواطنة لعام 1952" والذي يفرض قسم الولاء لأي شخص يرغب في الحصول على الجنسية الإسرائيلية، وهو ما عقب عليه إبراهيم صرصور -النائب العربي بالكنيست- بالقول إن "المطالبة بأداء قسم الولاء يهمش مكانة المواطنين العرب عن طريق اعتبار إسرائيل دولة لليهود فقط".