في صدر صفحتها كتبت صحيفة الأهرام "أشرقت الأرض بنور ربها وازدهر الكون بفرح وليه واحتفلت الطبيعة بعرس أجمل من فيها".. كان ذلك يوم 21 يناير 1938 وهو اليوم الذي تلا زفاف الملك فاروق على صافيناز ذو الفقار ابنة سفير مصر في إيران والتي لقبت ب"الملكة فريدة.. كيف تعرف فاروق ب"صافيناز" خلال رحلة أوروبا كانت الرحلة الملكية إلى أوروبا فى شتاء 1937 هى الخطوة الأولى فى سبيل القران الملكى السعيد، إذ طلبت الملكة نازلى من والدة صافيناز - فريدة فيما بعد - أن تسمح لابنتها بأن تصاحب العائلة المالكة فى رحلتها الى سويسرا، وكانت تلك الرحلة هى بداية العلاقة التى ربطت بين قلب الفتاه الصغيرة وبين الملك الشاب، فقد حدث تقارب وتعاطف بين صافيناز والملك الشاب، وكانت فرصة للملك ليَطلع على صفات عروسه ويعرف ميزاتها. الشبكة.. عقد وتاج قدم فاروق الكثير من الهدايا لخطيبته فريدة، كان أثمنها هو ما أُصطلح تسميته "الشبكة"، عُقد ثمين نادر أهداها إياه بمناسبة عقد القران وهو حلية نادرة المثال ذات ثلاثة أفرع من الماس الأبيض وتنتهى الأفرع من الناحيتين بمساكتين ذات ماستين نادرتين وقد بلغ ثمنه حوالى 27.000 جنيه واستغرق صنعه فى باريس عاماً كاملاً وكان من مفاخر معرض باريس الدولى. أما التاج الذى أهدته الملكة نازلى إلى الملكة فريدة بمناسبة زواجها فكان عبارة عن تاج فى وسطه زُمردة نادرة وفى أعلاه ماسة برسم قلب وثمنه حوالى 7000 جنيه. فستان الزفاف ارتديت فريدة فستانًا صنع خصيصًا في باريس من خيط فضية والدانتيلة الفرنسية الجميلة وبأكمام طويلة وذيل قصير صنعه أشهر محل أزياء بباريس في ذلك الوقت وهو محل ورث، كما ارتديت ماثيو من قماش خفيف مفضض تكون منه الذيل الذي بلغ طوله 15 قدمًا ومغطى بالتل الخفيف. عقد القران في قصر القبة مساء الخميس 20 يناير أقيم حفل ساهر حضره أعضاء الأسرة المالكة وأسرة فريدة والنبلاء والأمراء ورؤساء الوزارات والسفراء وكبار رجال الدولة.. كانت الموسيقى تصدع في كل أنحاء القصر، والضباط والجنود بملابسهم الزرقاء، والرجال والنساء بملابس السهرة، والفنانات والفنانين يتغنون بأحلى الألحان والأغاني، وحضر الحفل أم كلثوم وعبد الوهاب. في المساء كان في الاحتفال بعقد القران والدها يوسف ذو الفقار المستشار بمحكمة الأستئناف وكيلًا للعروس والشيخ مصطفى المراغي الإمام الأكبر وشيخ الأزهر والشيخ الجداوي رئيس محكمة مصر الشرعية وعمها سعيد ذو الفقار وعلي ماهر باشا كشاهدين على العقد، وكان القصر أشبه بالماسة اللامعة، وكانت الجماهير مصطفة على طول ضاحية مصر الجديدة حيث كانت تقيم والحاشدة في الشوارع والميادين والموسيقى تصيح في كل مكان والخيول والبشر يرقصون في الشوارع. شهر العسل في شرفة قصر عابدين همس لها فاروق: "سآخذك وسأهرب بعيدًا عن كل هذه المسيرات والحشود والعيون"، فسألته إلى أين؟، فاجاب: "إلى أنشاص حيث كوخ الحب الملكي، الهدوء والجمال والخضرة والماء" وضحك وقال "والوجه الحسن". وفعلًا يوم الاثنين 24 يناير غادروا العاصمة بكل أفراحها وحشودها وجماهيرها وقصدوا قصر أنشاص أو كما يسمية فاروق كوخ الحب الملكي، وهو قصر كبير فخم تحيطه الأشجار والأزهار والورود والمساحات الخضراء الشاسعة والنباتات النادرة، ونقش على بوابة القصر الضخمة المشغولة من الحديد الحرفان الأولان من أسميهما بارزان باللغة الإنجليزية، كذلك أمام القصر كانت تقف على سطح الماء باخرة ذهبية ملكية راسية على الشاطئ، وقد استمرت رحلتهما أسبوعين.