قال ديفيد بلير، كبير مراسلي الشئون الخارجية بصحيفة "دايلي تليجراف" البريطانية قال في مقال له عن معاناة السوريين في البلاد التي يحاصرها الرئيس بشار الأسد: "الآلاف يموتون جوعا في بلدتين محاصرتين في سوريا. بجانب أساليبهم المعتادة، بشار الأسد وقوات حزب الله يستخدمون سلاح التجويع ضد بلدتي مضايا والزبداني". بلير ذكر أن طوفان من الصور والتسجيلات المصورة يمثل أدلة قاطعة على المعاناة داخل البلدتين المنعزلتين، مشيرا إلى أن الأسد قد وافق على السماح بدخول مساعدات الأممالمتحدة، غدا الإ ثنين. "ولكن حتى وإن حدث ذلك، فإن الحصار، الذي يعود إلى زمن القرون الوسطى، أصبح جزء رئيسي من استراتيجية الأسد لسحق معارضيه. مرة أخرى الديكتاتور يحاصر المعارضين في قرى منعزلة لتجويعهم". وأضاف بلير "إذا انتهت الأزمة الحالية في المدينتين، من شبه المؤكد أن تتكرر معاناتهم في المستقبل. وعندما يحدث ذلك، سوف يكون الأطفال هم أول الضحايا بوفاة بطيئة ومؤلمة". وهو ما يثير سؤالا مهما، بحسب كاتب المقال، وهو "لماذا لا يكون سلاح الجو الملكي البريطاني مستعدا لاسقاط المواد الغذائية على مضايا والزبداني؟ فإذا كانت الطائرات البريطانية يمكنها إسقاط القنابل على سوريا، لماذا لا تساعد؟"، مشيرا إلى أن سلاح الجو الملكي البريطاني كان يسقط الإمدادات إلى جبل سنجار في شمال العراق عندما كان محاصرا من قبل تنظيم "داعش" في عام 2014. وكان مصدر في وزارة الدفاع البريطانية قد أوضح للصحيفة، أول من أمس الجمعة، إن "جبل سنجار كان في منطقة تخضع لحكومة منتخبة ديمقراطيا، أرادت منا أن نتدخل للقيام بشيء ما. أما في مضايا الوضع يختلف إلى حد ما. البيئة الجوية تختلف تماما في وسط وجنوب سوريا. هناك صواريخ أرض-جو تدخل إلى قلب النظام.لكن إدخال الطائرات يمكن أن يكون كارثيا، بسبب إمكانية استهدافها من قبل قوات النظام السوري". الكاتب علق بالقول "إذا كانت أعذار التقاعس عن العمل تمر، فإن هذا يعتبر غير مقنع نهائيا. ربما تجهل وزارة الدفاع أن مضايا تبعد ستة أميال فقط من الحدود السورية الغربية مع لبنان، أي حوالي 40 ثانية طيران لطائرة النقل هرقل. هل هو حقا خارج حدود قدرة سلاح الجو الملكي البريطاني أن يخترق المجال الجوي المعادي برحلة لمدة 80 ثانية؟". وتابع الكاتب "أما بالنسبة للقوة المزعومة للدفاعات الجوية السورية، أصبحت هذه إحدى الأساطير الأكثر استمرارا في الأزمة. فإن كل اقتراح لإقامة منطقة حظر جوي يتم رفضه بحجة أن مقاتلات الأسد وصواريخ أرض- جو يمكن أن تستخدم لتدمير الطائرات المعادية". وأشار بلير إلى أنه وبصرف النظر عن حادث واحد خاص بطائرة تركية، "فإن دفاعات الجو السورية الهائلة لم تستهدف أي طائرة منذ حرب 1973، إي منذ أكثر من 42 عاما". بلير أوضح أن خلال تلك السنوات ال 42، نفذت إسرائيل غارات جوية لا تعد ولا تحصى على سوريا من دون أن تتلقى أي خسائر. ففي السنوات الثلاث الماضية، ضربت الطائرات الإسرائيلية عشرات الأهداف داخل وحول دمشق نفسها، وعادت كل هذه المقاتلات بسلام. وبالتالي فإن الدرس واضح تماما، بحسب الكاتب البريطاني، "المجال الجوي للأسد واحدا من أكثر الأماكن أمانا في العالم. كما أن طياري المقاتلات السورية تتخصصوا في إسقاط البراميل المتفجرة على مواطنيهم، وليس الدفاع عن سماء بلادهم. وإذا أراد سلاح الجو البريطاني أي مشورة بشأن كيفية التعامل مع دفاعات الأسد الجوية الفاشلة، ينبغي أن يسأل نظرائهم الإسرائيليين". واختتم مقاله بالقول "دعونا نكون أكثر صراحة، إذا كان سلاح الجو البريطاني غير قادر على مساعدة الآلاف من الجوعى عن طريق اختراق ستة أميال من المجال الجوي المعادي، إذا لا ينبغي علينا أن نمتلك سلاح جو من الأساس".