رغم 9 اجتماعات متواصلة بين الجانبين المصري والإثيوبي، إلّا أن مفاوضات سد النهضة وصلت إلى طريق مسدود، خاصة بعد بدء تخزين المياه خلف السد، وإعادة مجرى النيل الأزرق إلى مساره الطبيعي بعملية تحويل النهر التي قامت بها عام 2013. عدد من الخبراء المصريين طالبوا باتخاذ إجراءات لانقاذ الموقف المصري من ورطة "ملء السد"، معتبرين أن الاجتماع السداسي المقبل يوم 27 ديسمبر، والذي يضم وزراء الخارجية والري لدول "مصر والسودان وإثيوبيا"، اجتماع الفرصة الأخيرة. إلغاء وثيقة سد النهضة أولًا قالت الدكتورة أماني الطويل، مدير البرنامج الإفريقي بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، ل"التحرير"، اليوم الجمعة، إنه يجب التراجع عن اتفاق المبادئ الذي تم توقيعه في الخرطوم، والقيام بحملة إعلامية ودبلوماسية نشطة حول العالم، توضّح التزام إثيوبيا بخارطة طريق واضحة بشأن التعاون في مسألة سد النهضة، مضيفة: "لابد من فضح المخطط الإثيوبي في الرغبة للاستحواذ على مياه نهر النيل، رغم أنه نهر مشترك، وطبقًا للاتفاقيات الدولية لا يمكن لإثيوبيا أن تمارس عليه السيادة المطلقة عليه، وذلك وفق اتفاقية 1902 الموقّعة بين الجانبين المصري والإثيوبي". أكدت الطويل، أن الاتجاه الثالث الذي يجب أن تسير فيه مصر، التحرّك لدى مؤسسات التمويل الدولية التي تموّل بناء سد النهضة للمساهمة في إيقاف العمل بسد النهضة خلال هذه المرحلة، وكذلك يجب تقديم شكوى لمجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية بلاهاي وخامسا، مشددى على ضرورة حث الدبلوماسية المصرية ممثلة في وزارة الخارجية، ببلورة مبادرات جديدة واستباقية بشأن مجمل العلاقات بين دول حوض النيل. التحرّك على المستوى الرئاسي لإيقاف بناء السد من جانبها قالت الدكتورة نانيس فهمي، خبيرة الشؤون الإفريقية، إن إثيوبيا وضعت هدفًا لا ترغب في الحياد عنه، بإكمال بناء سد النهضة، بغض النظر عن الحقوق التاريخية لمصر، ومطالبها بإيقاف استكمال البناء، لحين الانتهاء من الدراسات المائية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تقيس مخاطر تأثير السد على مصر والسودان. أضافت فهمي، أن أمريكا أعطت الضوء الأخضر لإثيوبيا لبناء السد، مشيرة إلى أن هناك إيادٍ خارجية تدفع إثيوبيا للعبث بالمصالح المصرية، وهذه الأيادي الخارجية تحرّك تلك الدولة خلال المفاوضات مع مصر، ما يؤكد موقفها العدائي ضد القاهرة. شددت فهمي، على ضرورة مطالبة إثيوبيا بإيقاف بناء سد النهضة لمدة 11 شهرً،ا لحين الانتهاء من الدراسات الفنية له، مشيرة إلى أنه لابد أيضًا من التحرّك السريع على المستوى الرئاسي، خاصة في ظل الموقف العدائي الذي تتخذه إثيوبيا ضد مصر، بالتزامن مع الموقف السوداني المؤيد لسد النهضة. تابعت فهمي: "إثيوبيا تشعر أنها الطرف الأقوى في هذه الأزمة، خاصة في ظل الفشل المصري لإدارة هذا الملف الخطير، وأهم المطالب التي ستطالب بها مصر خلال الاجتماع العاشر لمفاوضات سد النهضة، التأكيد على حصة مصر المائية التاريخية والمكتسبة من مياه النيل؛ إذ أن إثيوبيا لا تعترف بحصة مصر المائية البالغة 55.5 مليار متر مكعب، وترغب في إعادة تقسيم حصص المياه، وفق اتفاقية عنتيبي التي ترفضها مصر، وتعمل إثيوبيا على تحريض دول حوض النيل للتوقيع عليها، أمّا المطلب الثاني المطالبة بتأخير عملية بناء سد النهضة بما يتوافق مع سير المفاوضات التي تتم ببطء شديد، فضلًا عن المطالبة بقيام شركتين بإجراء الدراسات حول السد، بدلًا من شركة واحدة وهي الشركة الفرنسية التي تميل إليها إثيوبيا.. بينما ترغب مصر في مشاركة الشركة الهولندية "دلتا رس" للشركة الفرنسية بي أر إل". ترى خبيرة الشؤون الإفريقية، أن الحل يكمن في عدة بدائل، اهمها تغيير الفريق المصري المفاوض حاليًا؛ إذ أنه لا يجيد التعامل مع المراوغات الإثيوبية، فضلًا عن رفع مستوى التفاوض إلى مستوى وزراء الخارجية، حتى تكون الأمور أكثر حسمًا من هذا المسار الفني الذي يتم على مستوى خبراء السدود، والبديل الثالث يكمن في تفعيل المسار القانوني من خلال التصعيد على المستوى الدولي، وكذلك التفاوض السياسي من خلال رؤساء الدول الثلاثة. تنسيق الجهود بين وزراء الري والخارجية والجهات السيادية وأضافت الدكتورة هالة عصام الدين، الخبيرة في المنازعات الدولية، أنه لابد من تنسيق الجهات المصرية المختلفة في إدارة هذا الملف، مثل وزارتي الري والخارجية والجهات السيادية حتى يكون هناك موقف موحّد تجاه هذه القضية، مؤكدة أن هناك قوى خارجية تساند إثيوبيا؛ للعبث بالمصالح المصرية، منها إسرائيلن وقوى خارجية أخرى. أشارت عصام الدين، إلى ان مصر رفضت مبادرة حوض النيل ولم تطرح البديل لها، وهي الاتفاقية التي تطالب بإعادة توزيع الأنصبة المائية لدول الحوض، منوهة بأن قضية سد النهضة لا تقل أهمية عن قضايا الحدود. تدويل القضية أمام محكمة العدل الدولي قال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية والري، عضو لجنة حوض النيل بجامعة القاهرة، ل"التحرير"، إن فشل مفاوضات سد النهضة كان متوقعًا من البداية، مؤكدًا أنه يتوقع أيضًا أن يتم تأجيل المباحثات المقررة 27 ديسمبر المقبلن بحجة أعياد الكريسماس. أضاف نور الدين: "مصر فرّطت في حقوقها الكاملة من خلال اعترافها بوثيقة سد النهضة التي وقعت بالخرطوم، والتي تعطي لإثيوبيا السيادة الكاملة والمطلقة على النيل الأزرق، كما أقرّت مصر أيضًا في المبدأ الثاني بالوثيقة، أن نهر النيل هو نهر عابر للحدود وليس نهرًا دوليًا، ما يعني إلغاء جميع الاتفاقيات السابقة التي تحفظ حقوق مصر المائية المكتسبة"، موضحًا أن إثيوبيا لا تعترف بحصة مصر المائية، متسائلًا: "ما الذي سيحدث بعد بناء سد النهضة؟". أشار أستاذ الموارد المائية والري، إلى أن العمل في سد النهضة يسير بشكل متسارع للغاية، بسبب التمويل الصيني له، مطالبًا بضرورة تدويل قضية سد النهضة من خلال رفع قضية عاجلة أمام محكمة العدل الدولية، استنادًا إلى القانون الدولي للأنهار الذي يمنع إقامة سدود بهذا الحجم داخل دول المنابع، خاصة أن إثيوبيا لم تخطر مصر ببناء السد قبل بنائه.