التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، في أول أيام زيارته لليونان، الثلاثاء، رئيس الوزراء اليوناني، أليكسيس تسيبراس، بمقر رئاسة الحكومة اليونانية، في لقاء ثنائي منفرد أعقبه اجتماع موسع بحضور وفدي البلدين. وأشاد تسيبراس، بما حققته علاقات التعاون بين البلدين من نقلة نوعية على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية خلال الفترة الماضية، ما يعكس إرادة سياسية واضحة وقوية لتعزيز التنسيق المشترك من أجل مواجهة التحديات الإقليمية الراهنة، وبما يحقق المصالح المشتركة للبلدين، ويساهم في تدعيم السلام والاستقرار بالمنطقة. وأشار تسيبراس إلى ما تمثله آلية التعاون بين مصر واليونان وقبرص من نموذج ونواة للتعاون الإقليمي، الذي يهدف إلى تلبية طموحات الشعوب في المزيد من التنمية والرخاء، في إطار احترام مبادئ القانون الدولي وحُسن الجوار. ووجه السيسي التهنئة ل"تسيبراس" على الثقة التي منحها له الشعب اليوناني من أجل مواصلة قيادة البلاد نحو تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، معربًا عن شكره له على حفاوة الاستقبال، ولفت إلى أهمية هذه الزيارة في استشراف فرص جديدة للتعاون والتكامل في كافة المجالات. ونوّه السيسي بأن التشابه الحضاري والثقافي بين شعبيّ البلدين، يفتح المجال أمام الانطلاق بمجالات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يساهم في تحقيق المصلحة المشتركة للشعبين. واتفق السيسي مع تسيبراس على أهمية العمل على تطوير الشراكة الاقتصادية بين البلدين، في ضوء تزايد فرص التعاون في العديد من المجالات، وعلى رأسها مجالات الاستثمار والطاقة واستغلال الثروات الهيدروكربونية في البحر المتوسط، وقطاعي السياحة والنقل البحري، وربط الموانئ المصرية واليونانية، إضافة إلى مجالات البنية التحتية والموضوعات الثقافية. وتم الاتفاق على تشكيل مجموعات عمل بين البلدين لبحث كافة الموضوعات التي تتعلق بالعلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها خلال المرحلة المقبلة. وأعرب "تسيبراس" عن تطلعه لتعزيز العلاقات الاستثمارية وزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، والاستفادة من الفرص الواعدة التي توفرها العديد من المشروعات العملاقة، وفي مقدمتها مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، مشيدًا بإنجاز مشروع قناة السويس الجديدة فى زمن قياسي، فضلاً عن أهميته فى دعم وتعزيز حركة التجارة الدولية والملاحة البحرية. وأكد تسيبراس استمرار موقف بلاده الداعم لمصر، منوهًا بمكانتها وما تتمتع به من ثقل ودور محورى فى المنطقة، وأثنى على ما حققته من نجاح وتقدم فى إرساء دعائم الأمن والاستقرار السياسي. وثمّن السيسي من المواقف اليونانية الداعمة للإرادة الحرة للشعب المصري، والحريصة على إطلاع بقية الدول الأوروبية على الصورة الحقيقية للتطورات التى شهدتها مصر، مضيفًا أنه تمت إتاحة الوقت الكافي للدول الأوروبية لإدراك حقيقة التطورات فى مصر، والتأكد من سلامة المسار السياسي، الذي يعكس الإرادة الحرة للشعب المصري. وأشاد السيسي بمستوى التعاون العسكري والأمني القائم بين البلدين، الذي يتأسس على رؤية مشتركة لطبيعة التحديات التي تواجه المنطقة، والتي تؤثر بشكل مباشر على أمن واستقرار الشرق الأوسط وأوروبا، مؤكدًا حرص مصر على دفع وتطوير هذا التعاون وتعزيز مستوى التنسيق لدعم الأمن والاستقرار في المنطقة. وأشار رئيس الوزراء اليوناني إلى أهمية تطوير التعاون العسكري والأمني وتحقيق التكامل بين جهود البلدين في مواجهة التحديات التي تتعاظم في الآونة الأخيرة، وعلى رأسها تزايد خطر الإرهاب وتفاقم أزمة اللاجئين. وتوافقت رؤى الجانبين حول أهمية تضافر جهود المجتمع الدولى من أجل مكافحة الإرهاب وتبنى مقاربة شاملة تكافح مختلف التنظيمات الإرهابية دون تمييز، وتضم إلى جانب الشق العسكري والأمني المواجهةَ الفكرية لتيارات التطرف، فضلاً عن وقف مصادر تمويل الإرهاب. واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في مجال مكافحة تهريب السلاح والإتجار في البشر، والتي تصب في مصلحة الحركات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية وتساعدها على تعزيز أوضاعها. وتناول اللقاء آخر المستجدات الإقليمية، حيث توافقت الرؤى حول ضرورة التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية للقضاء على أحد أهم الذرائع التي يرتكن إليها الإرهابيون لاستقطاب عناصر جديدة إلى التنظيمات المتطرفة. وفي هذا الصدد، أشار الرئيس اليوناني إلى موقف بلاده الثابت إزاء القضية الفلسطينية وتأييدها لتسوية عادلة لها على أساس حل الدولتين. وشدد السيسي على أهمية اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافة الإرهاب فى ليبيا وتقديم كامل الدعم والمساندة للحكومة الليبية والجيش الوطني، وتجفيف منابع تمويل الإرهاب ووقف مصادر تسليحه. كما توافقت رؤى البلدين حول أهمية إيجاد أفق سياسي للأزمة السورية بما يحافظ على السلامة الإقليمية للدولة السورية ويعيد للشعب السوري أمنه واستقراره، مع التحذير من مغبة ترك الأوضاع في سوريا دون تسوية لما سيكون لذلك من تداعيات سلبية على منطقتيّ الشرق الأوسط والمتوسط.