بحلول منتصف القرن الحالي سنشهد بطبيعة الحال ثورة تكنولوجية غير مسبوقة، إذ ستكون السيارات ذاتية القيادة في كل مكان وسيتدخل الروبوت في حياتنا بشكل أكثر تعمقًا، ولكن على الرغم من كل هذا التقدم العلمي سيقف العالم عاجزًا أمام مشاكل لن تجدي معها الثورة التكنولوجية نفعًا. وعرضت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية ومجلة "بيزنس إنسايدر" الأمريكية سيناريو متوقعًا لأحوال عالمنا عام 2050، نجد فيه اختلافات جذرية في موزاين القوى السياسية والاقتصادية، بل واختلاف في نظرة الناس للأديان واختلاف التوزيعات السكانية. القوى الاقتصادية ستتخلى الولاياتالمتحدةالأمريكية بحلول 2050 عن عرش الاقتصاد العالمي لتتراجع خلف الصينوالهند، هاتين القوتين الصاعدتين بقوة، ومن المتوقع أن تتصدر الصين اقتصاديات العالم بإجمالي ناتج قومي يصل إلى أكثر من 61 بليون دولار، تليها الهند بإجمالي ناتج قومي أكثر من 42 بليون دولار، ثم أمريكا بأكثر من 41 بليون دولار، كما سيشهد الاقتصاد المصري طفرة غير مسبوقة ليصبح ضمن الدول التي يصل إجمال ناتجها القومي إلى 5 بليون دولار سنويًا. وسيتبع انقلاب موازين الاقتصاد في العالم تغلب مجموعة الدول السبع الصاعدة E7 والتي تضم الصينوالهند والبرازيل والمكسيك وروسيا وإندونيسيا على مجموعة الدول السبع الصناعية G7 والتي تضم كل من كنداوفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا، كما ستختفي دول عظمى من أقوى 10 اقتصاديات في العالم مثل فرنسا وبريطانيا ليحل محلها نيجيريا والمكسيك. وتظهر الصورة التالية توزيع لقوة الاقتصاديات حول العالم (بالمليار دولار)
النظرة للدين سترتفع معدلات الإلحاد بشكل مخيف بحلول منتصف القرن الحالي ولكن على عكس المتوقع ستزيد تلك المعدلات في بلاد الشرق الأقصى وليس الغرب وتحديدًا في الصين واليابان والكوريتين، فيما تحتفظ منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بوجه عام بأقل معدلات إلحاد حول العالم. وتستمر الديانة المسيحية صاحبة الاتباع الأكثر حول العالم، على الرغم من أن الإسلام سيتفوق من حيث سرعة الانتشار وهو ما يعني أن الإسلام قد يصبح الدين الأكثر انتشارًا في العالم بحلول 2070. وتظهر الصورة التالية توزيع لنسبة الملحدين حول العالم، ويظهر المؤشر أسفل الصورة مؤشر للنسبة المئوية للملحدين.
التوزيع السكاني من المتوقع أن يزيد عدد سكان العالم بحلول 2050 إلى 9.6 مليار نسمة، سيتركز منهم 6.3 مليار نسمة في المدن والمراكز الحضرية، الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث المزيد من المجاعات بحسب منظمة الغذاء والزراعة "الفاو" التابعة للأمم المتحدة، وهو ما حث المنظمة على مطالبة دول العالم بزيادة الإنتاج من المواد الغذائية بنسبة 60% تجنبًا لوقوع المجاعات وما يترتب عليها من كوارث. وستزيد نسبة انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بدرجة كبيرة لتصل إلى 55.87 جيجا طن بعد أن كانت 33 جيجا طن فقط عام 2010، وتحتكر المدن ثلاثة أرباع استهلاك الطاقة حول العالم والربع للمناطق الريفية، ورغم ما يحيط بالبشر من مخاطر الجوع والتلوث فإنه من المتوقع أن يزيد متوسط أعمارهم إلى 76 عامًا، بعد أن كان متوسط الأعمار 45 عامًا في الفترة ما بين 1950-1955. الصحة يؤدي ارتفاع درجة حرارة الأرض التدريجي إلى ضعف أجهزة المناعة لدى البشر وهو ما يعني زيادة المصابين والمتوفيين بأمراض نعرفها في يومنا هذا على النحو التالي: الملاريا بحلول عام 2030 سيضاف إلى ضحايا الملاريا نحو 60 ألف شخص، حيث أفادت منظمة الصحة العالمية بأن الباعوض الحامل للمرض بدأ في الانتشار بشكل غير مسبوق. حمى الضنك والحمى الصفراء تزدهر الباعوضة الحاملة لهذين المرضين في المناطق الدافئة، وبحلول عام 2050، فإنه من المتوقع أن يصبح 4.6 مليار نسمة في دائرة خطر الإصابة بهذين المرضين. الخرف من المتوقع أن يتضاعف عدد المصابين بمرض الخرف إلى ثلاثة أضعاف بحلول 2050 ليصبح 115 مليون نسمة رغم أنه في وقتنا الحالي 36 ألف. البيئة سترتفع درجة حرارة الأرض بشكل تدريجي وهو ما سيتزامن مع ارتفاع نسبي في مستوى مياه البحار، وسيتبع ذلك اشتداد قوة العواصف والأعاصير المدمرة، وذلك لأن بخار الماء الذي يزداد مع ارتفاع درجة حرارة الأرض يعد بمثابة الوقود المحرك للعواصف والأعاصير، وتزيد قوة الأعاصير في العقود القادمة حتى تصل قوتها إلى 300% بحلول عام 2100 طبقًا لما أوردته الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، كما ستزيد الفيضانات في مختلف أنحاء العالم مع ارتفاع منسوب مياه المحيطات.
التكنولوجيا تعد التكنولوجيا من أكثر المجالات التي ستشهد طفرات مهولة بحلول 2050، ولكن آثار ذلك لن تكون جميعها إيجابية، حيث ستبدأ الخصوصية التي يتمتع بها البشر في الانحصار شيئًا فشيئًا، وذلك لعدة عوامل منها التطور في استخدامات الطائرات دون طيار أو ما يطلق عليها "الدرونز"، بالإضافة إلى أن هجمات القراصنة الإلترونيين ستتوسع لتؤدي إلى خسائر في الأموال تقدر بمليارات الدولارات وإزهاق أرواح الآلآف.