موسى وعكاشة ومرتضى وأديب وحساسين فاصل من "الردح الإعلامي".. هدى زكريا: غياب الطبقة الوسطى وراء تنامي ظاهرة الإنحطاط الأخلاقي.. هاشم بحري: الهجرة للخليج وعصر الانفتاح حوّل المجتمع إلى الثقافة البدوية الصحراوية التي يحكمها التدين الشكلي.. صفوت العالم: ظاهرة عبر ضغطة واحدة على زر الكيبورد أو إدارة مؤشر الريموت كنترول تنقلك "السوشيال ميديا" و"القنوات" الإعلامية إلى عالم آخر مواز وأنت جالس في غرفة منزلك لتشهد ساحات تبادل الشتائم والسباب وتوزيع الاتهامات المرسلة عبر شاشة إلكترونية متجولة داخل البيوت ومتنقلة بين جموع المواطنين من خلال الهواتف الذكية الحديثة بأقذع الألفاظ النابية التي تخدش الحياء العام دون أدنى مراعاة للقيم والأخلاقيات والسلوكيات والآداب والأعراف العامة، حتى صار عدد كبير منهم يرددونها ليل نهار أمام الملايين دون خجل، تارة من باب استعراض القوة و"فرد العضلات" أمام المنافسين، وتارة أخرى من أجل الشو الإعلامي وجذب مزيد من المتابعين لزوم "الترافيك". لم يسلم أحد من آفة الإنحطاط الأخلاقي والإجتماعي السارية في قلب وجسد المجتمع المصري الوسطي بطبيعته على مدار الأربعة عقودا الماضية، بداية من تغلغل ثقافة التدين الشكلي في عقول غالبية المصريين، مرورًا بفتح أبواب الهجرة على مصراعيها أمام العقول المصرية النابغة من أفراد الطبقة المتوسطة وسيطرة طبقة أخرى ثرية لا تملك آليات النهوض والرقي التي كانت سائدة في أعوام سابقة من قبل الأرستقراطيين، وصولا إلى ما نراه اليوم عبر شاشات الإعلام من تصدر أنصاف القوم، والثقافات من أصحاب الصوت العالي لكل منبر إعلامي وديني وسياسي وثقافي داخل المجتمع . "موسى" و"مرتضى" و"شوبير" و"أديب".. فاصل من "الردح الإعلامي" "على مسئوليتي".. اسم برنامج يحمل داخل كواليس حلقاته المئات من التساؤلات المثيرة المتكررة التي تتردد على مسامع المتابعين للمقدمه الإعلامي أحمد موسى عبر قناة "صدى البلد" التي يتخذ منها "كرسي ملاكي" لتوزيع الإتهامات المعلبة على كافة المختلفين معه دون استثناء بلغة أقرب ما تكون إلى "الردح الإعلامي" منها إلى المهنية والموضوعية ومراعاة مواثيق الشرف الإعلامية، بحسب تعبير الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة ورئيس لجنة الرصد الإعلامي السابق الذي أوضح أن "موسى" مخصص مقعدا آخر للضيف الإعلامي المسمى ب"المحلل والترزي القانوني" الذي بدوره يكيل الاتهامات لكل من يقترب منه، ويهددهم كذلك بتقديم بلاغات ضدهم على الهواء مباشرة حال التصادم والإشتباك معه من باب ممارسة الإرهاب الفكري "لايف" على المشاهدين . وهذا النوع من الضيوف المستديمين أو المصادر القانونية التي يتم الإستعانة بها وقت اللزوم على برامج التوك شو، خاصة مع الإعلاميين أحمد موسى وتوفيق عكاشة عبر قناته الخاصة "الفراعين" .. بالمخالفة لأبسط قواعد المهنية والحياد والموضوعية والمصداقية التي يتعلمها طلاب الإعلام على مدار سنوات دراستهم بالجامعة على حد قوله . وفي ظل فقد المعلومة المقدمة للرأي العام وصعوبة الوصول إليها من مصادرها الأصلية وغياب قانون يسمح بحرية تداول المعلومات تحكمت العشوائية في سياسات غالبية مقدمي البرامج الإعلامية المصرية أو مصادرهم التي يتم الإستعانة بهم عبر فقرات برامجها للرد على تقاريرهم المعروضة على المواطنين أو التعقيب على إحدى النقاط الواردة في الحلقة، ووسط كل ذلك يعلو "رتم" البرنامج حينا بالإشتباك مع ذلك المتصل الذي يتكرر في غالبية البرامج ولا يتغير إلا على نفس القدر من الصوت العالي الذي يقصف على كل الجبهات ولا يسلم منه أحد . وجوه مصرية بارزة تتصدر الشاشات وتعتلي المنابر الإعلامية والدينية، بعضها يحمل لقب "إعلامي" كبير، وسياسي بارز ولاعب كره شهير وداعية اسلامي كانوا يطلقون عليه خطيب الثورة، والبعض الأخر يحمل في جيبه كارنيه "نائب البرلمان"، الممثل ظاهريًا لفئات عريضة من المصريين، عبر قائمة طويلة منهم، يتصدرهم "عمرو أديب، مظهر شاهين، يوسف الحسيني، ريهام سعيد، أحمد شوبير، توفيق عكاشة، سعيد حساسين، أحمد موسى" وأخرين، ممن تنظر إليهم الغالبية على أنهم النخبة الإعلامية والسياسية المؤثرة التي توجه الرأي العام وتحمل ثقافة التنوير والتغيير والتحرير للمجتمع، وهي تسير به من انحدار إلى انهيار وانحطاط في القيم والمبادئ عبر لغة إعلامية ومجتمعية تفتقد إلى الآداب والأخلاقيات العامة. وصلة "ردح" بين أديب وخالد صلاح بعد حادث فندق العريش https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=570896126395314&id=500981560053438&_rdr الغالبية العظمى من المتصدرين للمشهد السياسي والإعلامي اليوم وقعوا في براثن التناقض الأخلاقي، بحسب تعبير الدكتورة هدى زكريا، استاذ الإجتماع السياسي بجامعة الزقازيق التي ذكرت أن غياب الطبقة الوسطى هو السبب الأكبر في تفاقم الأمور إلى ما وصلت عليه اليوم بعد حرب أكتوبر ودخول عصر الإنفتاح "السداح مداح" الذي أعدم تلك الطبقة بالتدريج على مدار 45 عاما ماضية وتلك ظاهرة غالبا ما تعقب الثورات، وتكررت في أمريكا ذاتها، بعد أن كنا نظن أنها تطبق قيم الديمقراطية وتراعي الأخلاقيات والآداب العامة لتصل إلى دركات من الإنحطاط اللفظي الذي يتنافى مع أخلاقيات التمدن وأساليب حياة تلك المجتمعات المتقدمة من مناصري ومؤيدي الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش . وهو نفس الدور الذي يمارسه اليوم بخطى متكررة من قبل قوى الظلام التي من مصلحتها ابقاء الوضع على ما هو عليه والسير وفق مخطط الفوضى الخلاقة التي دعت إليه وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس، حيث تلي الثورات في غالبية التجارب التي مرت بها دول العالم فترات من التحول تمر على مجتمعاتها حالة من التخبط والإرتباك والفوضى غير الخلاقة مهما بلغت درجة رقيها وتقدمها، وهذه ظاهرة ايجابية حسبما تقول "زكريا" ل"لملمة" أوراق تبعثرت في الطريق وإعادة بناء ذاتها والنظر من جديد فيما مرّت به طوال تلك الفترات لتسليط الأضواء على مثل هذه الأعراض السقيمة في بداية طريق العلاج والنهوض من جديد . بالفيديو.. "شوبير" ل"أولتراس أهلاوي": "انت مال أمك يابجح منك له" https://www.youtube.com/watch?v=2qEoFqKfuNs مع مطلع ثمانينات القرن الماضي أصدر الرئيس المصري الراحل أنور السادات قانونًا جديدا يحمل اسم "حماية القيم من العيب" الشهير ب"قانون العيب" الذي اكتشفنا لاحقًا أنه لم يصدر من أجل الحفاظ على ما تبقى من أخلاقيات عامة عن طريق محكمة القيم ولكن لغرض أخر في نفس نظام الرئيس المؤمن الذي يرعى دولة العلم والإيمان، وفي المقابل ينكل بكل من يقترب من انتقاد سياساته وهو ما توارثه عنه كل من خلفوه في حكم مصر على مدار الثلاثة عقود الماضية، حتى عمّ التناقض الأخلاقي على كافة صناع الثقافة المصرية المتحدثين للرأي العام المتمثلين في (رجال الدين، الإعلاميين، السياسيين، نواب الشعب تحت قبة البرلمان). بالفيديو.. النائب البرلماني "حساسين" يهدد "بان كي مون" ب"علقة سخنة" https://www.youtube.com/watch?v=LUd-1QytyMc عندما قامت ثورة 25 يناير 2011 استبشر الجميع خيرًا ببداية عودة الطبقة المتوسطة التي سقطت في طور التحول وتماهت في المجتمع وغرقت في ظروفه الإجتماعية المتلاحقة ولم تستفق إلا بعد انطلاق شرارة الثورة، حين نهض الجميع من أبنائها إلى الشوارع والميادين من أجل استعادة مكانتهم الإجتماعية التي تليق بهم وتولي زمام القيادة الثقافية والتنويرية لجميع أفراد المجتمع كما كان مقررا لها قبل سنوات الإنحدار والإنهيار والتجريف المريرة . جاء في علم الإجتماع السياسي الأمريكي أن "الجيش هو الفئة الإجتماعية الوحيدة القادرة على الفعل السياسي والأخلاقي المنضبط" ومن هنا تولى المجلس العسكري إدارة أمور البلاد خلال تلك المرحلة الإنتقالية من عمر البلاد، خاصة بعد ثورة الطبقة الوسطى في الشوارع والميادين وخلع الرئيس الأسبق حسني مبارك وتولى المجلس العسكري مقاليد السلطة وهو نفس ما تكرر مع الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال الفترة التي سبقت تولي قائد الجيش الأمريكي الجنرال دوايت أيزنهاور رئاسة أمريكا قبل أن تقع في مصيدة الحروب الأهلية، رغم اعترافه الصريح لهم أكثر من مرة بأنه رجل عسكري لا يعرف شيئا في السياسة وهو نفس ما تكرر مع الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي تولى الحكم عقب عزل الرئيس الاسبق محمد مرسي . تضيف الدكتورة هدى زكريا إنه في غالبية المجتمعات المتقدمة تكون طبيعة أفراد جيشها من نفس "طينة" المجتمع وليس كما يوجد في دول أفريقيا الوسطى أو جيش الملك في أوروبا الذي كان يقسم قادته حين تولي المسئولية "فاضرب بسيفي أعداء الملك والغوغاء" ولكن الجيش المصري ذات طبيعة مدنية خاصة ويحمل ثقافات تسير على نهج ثقافة باقي أفراد المجتمع . بالفيديو.. سب علني على الهواء بين مرتضى وعضو اللجنة القانونية لحزب الحرية والعدالة https://www.youtube.com/watch?v=tH-kzRZjmdY في المقابل يرى الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن القضية أعقد من ذلك بكثير، فالإنحطاط لا ينحصر في بعض الأصوات الناشزة التي تعزف على وتيرة واحدة على طول الطريق تحمل في ظاهرها دعم ومساندة الدولة وفي باطنها التخريب والتجريف، وهي مرتبطة بأداء أشمل للنخبة السياسية الضعيفة منذ ثورة يناير والتي وقعت ضحية افكارها القديمة البالية التي لم تطور منها، بالإضافة إلى قوة شبكة المصالح المعقدة المرتبطة برموز وقيادات النظام القديم، فضلا عن رغبة المجلس العسكري في احتواء الثورة واجهاضها، وصولا إلى سيطرة جماعة الإخوان المسلمين المحظورة على مقاليد البلاد وغباؤهم المتناهي في الإدارة الذي أدى في نهاية الأمر إلى عزلهم واقصاءهم عن السلطة . بالفيديو.. مرتضى ل"محمد العدل": "مش مكسوف من نسوان بتقلع ملط" https://www.youtube.com/watch?v=OYCILBhIhHI "عندما تفقد الفئات الإجتماعية، صانعة القيم وصاحبة النسق الحضاري ورائدة التنوير الثقافي والتربوي.. انتظر عصر الإنحطاط اللا أخلاقي".. هكذا يلخص الدكتور هاشم بحري، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر ما وصلنا إليه اليوم من انحدار على كافة المستويات الثقافية والعلمية والدينية والمجتمعية، مضيفًا أن تلك الفئة المتوسطة كانت بمثابة البوصلة التي تضبط أخلاقيات المجتمع، فإذا انتعشت أخلاقيات أفراده وتهذبت ألفاظهم وسلوكياتهم العامة، فهذا يعد دليلا على أن هذا المجتمع سليم ومعافى، ولكن منذ السبعينات والتجريف يجري على قدم وساق لتلك التربة الخصبة، وبداية موجات الهروب نحو بلاد الخليج من جمع أجل المال وتكوين الثروة والعودة من جديد بعد سنوات من الهجرة، بثقافة اجتماعية بدوية وصحراوية الطابع ويطغى على معظم المتعايشين معها طابع التدين الشكلي الزائف والإستهانة بالقيم والآداب العامة. في غضون سنوات صار من يملك الثروة والسلطة هو من يصدر القيم اللاأخلاقية إلى عموم الشعب المصري عبر طبقات اجتماعية ناشئة مشكلة من السماسرة وتجار العملة والمهربين وتجار المخدرات ممن لا تستطيع أن تستمد منهم قيمة اجتماعية واحدة، وتحديدا منذ بداية عصر الإنفتاح وهيمنة الطبقات الراسمالية الجديدة لاستقطاب أموال ومقدرات المصريين في جيوبهم وخزائنهم ونشر مفاهيم الفهلوة عبر تطبيق سياسة "اللي تغلبه العبه" . "موسى" يسب السفير البريطاني على الهواء ويصفه ب"الوقح"و"النطع" https://www.youtube.com/watch?v=gzMXKTKQGnE في لحظة استرداد البنية الأخلاقية التي سقطت بصورة تراكمية عبر سنوات متعاقبة لن يتم إعادتها بقرار سياسي أو جمهوري، كما تقول أستاذ الإجتماع السياسي هدى زكريا، ولكن الخروج من شبح الإنحطاط الأخلاقي والإنهيار المجتمعي يمر عبر آليات وخطوات غالبا ما تستغرق سنوات طويلة في أعقاب الثورات، وتبدأ بالتساؤل ثم التشخيص للمرض وصولا إلى العلاج، ومن ثم فإن التحدي الأكبر أمام كل من يتصدرون الشاشات والجهاد الأكبر أمام من يصدرون أفكارهم الخاوية إلى جموع المواطنين، حين يدركون أنهم مراقبون من قبل الجميع، حيث لم تعد بنية المجتمع هي نفس عقلية ما قبل 25 يناير، ومن ثم فإن المناخ الثقافي الحالي لن يسمح بذلك وسوف يلفظهم جميعا لاحقًا ويحاكمهم على ما ارتكبوه في حق الوطن . "الحسيني" يردح ل"موسى" على الهواء https://www.youtube.com/watch?v=gzMXKTKQGnE