«النفاق ومسرح الجدل».. 13 حقيقة أحبطت خطط إقناع الشعب بالمشاركة في الانتخابات كتب - أحمد مطاوع كشفت عملية التصويت في الانتخابات البرلمانية، وقبيل ساعات على انتهاء جولة الإعادة من المرحلة الثانية وإسدال الستار عن المارثون الانتخابى بأكمله، عزوف الكثير من المواطنين عن المشاركة فى العمل السياسي، بعدما أظهرت نسب المشاركة أرقامًا تكاد تكون محبطة، مصحوبة بمؤشرات تفيد استمرار ضعف الإقبال. وإن كانت النسبة قد ارتفعت -بعض الشئ- فى المرحلة الثانية نظرًا لطبيعة المحافظات وسيطرة بعض العائلات خصوصًا فى محافظات الدلتا ذات الكثافة السكانية العالية إلا إنها عادت سيرتها الأولى مع جولة الإعادة، لتتوافق مع نسبة الإقبال الضعيفة التى صاحبت عملية التصويت فى المرحلة الأولى، والتى شهدت خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي -الذي دعى وحث فيه المواطنين على ضرورة المشاركة في الانتخابات -، والذى ظلت القنوات الفضائية تعرضه بشكل مكثف على مدار أيام التصويت. ورغم حالة الحث والمناشدة المستمرة من جانب الإعلاميين في مختلف القنوات -وقتها والآن-، إلا أن هذا كله ظل دون جدوى، حتى أن رئيس نادى القضاة المستار عبد الله فتحى، علق ساخرًا عن سير العملية الانتخابية فى المرحلة الأولى "لا مخالفات أو خروقات ولا حتى ناخبين". وفي هذا الإطار نعرض أبرز الأسباب التي ساهمت في عزوف المواطنين عن التصويت في الانتخابات البرلمانية فى مرحلتيها.. أولًا: الأداء الإعلامي تسبب الأداء الإعلامي لأغلب الإعلاميين على مدار الشهور الماضية، في بث حالة من الشك وفقدان الثقة مصحوبة بالريبة والتفتيش في النوايا تجاه كافة المشاركين في العمل السياسي، والذي وصل إلى حد التخوين والطعن في وطنية البعض إذا أبدى مجرد رأي مخالف تجاه قضية أو أمر بعينه، وهو ما ساهم في مسألة العزوف التام من جانب المواطن عن أي عمل سياسي. ثانيًا: التأجيل المتكرر للانتخابات حالة الارتباك التي ارتبطت بتحديد موعد إجراء العملية الانتخابية والتأجيل المتكرر لها أكثر من مرة، بعد أن كان من المفترض أن يتم إجراؤها بنهاية العام الماضي، خلقت حالة من الإحباط لدى المرشحين أنفسهم قبل الناخبين في جدية انعقاد الانتخابات، الأمر الذي مرر نوعًا من البلادة في نفوس المواطنين تجاه جدوى العملية الانتخابية برمتها. ثالثًا: عدم الدراية بالمرشحين نتيجة التأخر فى تحديد موعد إجراء الانتخابات وفتح باب الترشح لمرتين صاحبهم دخول مرشحين وخروج آخرين، اختلفت خريطة المرشحين أكثر من مرة، وظهرت أسماء جديدة وكثيرة للغاية وابتعدت الوجوه المعروفة للشارع خلال الفترات الماضية، بجانب أن المال لعب دورًا في تغيير معالم الأسماء المرشحة بسبب ارتفاع تكلفة الكشف الطبي - الذى تم مرتين - والتأمين والتي وصلت تقريبًا ل10 آلاف جنيه فى المرة. رابعًا: قانون تقسيم الدوائر أثارت أزمة قانون تقسيم الدوائر وملاحقات بطلان التقسيم قضائيًا، حالة من الملل لدى المواطن، بجانب وجود أصوات ناقدة للتقسيم في شكله الحالي، خاصة فيما يتعلق باتساع مساحة الكثير من الدوائر حتى وإن زادت المقاعد، قلل ذلك من فرص الشباب والمرأة في القدرة على المنافسة، حيث أصبحت الفرصة أكثر لصالح المال السياسي ورموز النظام السابق، وبالتالى ابتعد الشباب عن الترشح وابتعد معهم ناخبوهم من الشباب أيضًا. خامسًا: أزمة الثقة لدى المرشحين أثارت أزمة الثقة في قدرة البرلمان على الاستمرار بعد انعقاده وتكهنات وتهديدات الحل المصاحبة لكل حديث تحليلى أو عابر عنه، في عزوف الكثير من الأسماء ذات الثقل في دوائرها، وعدم الرغبة في المجازفة بالترشح لخوض السباق الانتخابي، في ظل النبرة التي تعالت على مدار الفترة الماضية للكثير من الخبراء والمحللين أن البرلمان سيكون بلا هوية واضحة ومصيره الحل. سادسًا: البرلمان معطل للرئيس زادات وتيرة الحديث بل وفردت المساحات ليلًا نهارًا في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، للتأكيد بأن البرلمان المقبل في حالة انعقاده، سيكون معطلًا لخطط الرئيس في التنمية والبناء والمشاريع التي ينفذها للدفع باقتصاد البلاد، وأنه سيتدخل في كل التفاصيل من باب إثبات حضوره بشكل يضيع الوقت ويعطل مسيرة النهوض. سابعًا: البرلمان مسرح الجدل في غضون تبرير العديد من الخبراء السياسين، لتأجيل الانتخابات لأكثر من مرة، بالإضافة إلى الضبابية الشديدة التي لازمت الحديث عن إمكانية إجرائها من الأساس، لجأ البعض إلى حيلة التقليل من أهمية البرلمان، ووصفوه بأنه سيكون مجمعًا يضم أهل الجدل الذي لا ينتهي، حتى بدى وكأنه سيكون مجرد "مكلمة" لا قيمة له ولا تأثير، مما أعطى مؤشرًا سلبيًا للصورة الذهنية التي تشكلت في وعي ونظر الناخبين تجاه هذا البرلمان لتصبح مشوهه تمامًا مع التكرار. ثامنًا: النوايا الحسنة والنفاق وتعديل الدستور أحدثت دعوات بعض الإعلاميين بتعديل مواد الدستور قبل إجراء الانتخابات البرلمانية، عقب كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي ألقاها خلال فعاليات أسبوع شباب الجامعات والمعاهد المصرية العاشر بجامعة قناة السويس في الإسماعيلية، - قال فيها "إن الدستور كُتب بالكثير من النوايا الحسنة، والبلاد لا تبنى بالنوايا الحسنة" -، حالة من الارتباك الشديد لدى المواطنين الذين تحسسوا النفاق والخوف في الدعوة، خاصة وأن هؤلاء الإعلاميين أنفسهم هم من أشادوا بالدستور في السابق ودعوا الناس للنزول بكثافة للتصويت ب"نعم" على مواده، خاصة وأن تلك الدعوات صاحبها تشكيك في نوايا البرلمان الذي لم تكن ملامح مرشحيه قد ظهرت وقتها. تاسعًا: غياب الإخوان عن المشهد أثرت عملية العزل السياسى التى فرضت على الإخوان شعبيًا، وإداريًا من خلال قرار مجلس الوزراء باعتبارها جماعة إرهابية، وبالتالى حزب الحرية والعدالة الذراع السياسى للجماعة الذى تم حله قضائيًا، على حالة "الحشد والحشد المضاد"، فالجماعة عرف عنها خلال السنوات الماضية قدرتها على الحشد أو التأثير إلى حد ما فى حالة المشاركة، وهى القدرة التى دائمًا ما يقابلها نفير شعبى مضاد من حيث الحشد والحماس من أجل إسقاطهم خصوصًا عقب خداعهم ونقصهم لوعودهم فى الاستيلاء على برلمان 2011 عقب الثورة، وكذلك بعد عام من حكم فاشل شهد فيه الشارع المصرى حالة من الاحتراب السياسيى تناثرت على إثره الدماء فى شوارع مصر وتأججات فيه عملية تقسيم النسيج المصري وتفريقه. ومع الغياب التدريجي للإخوان عن المشهد السياسى خلال السنوات الأخيرة عقب سقوطهم تحديدًا، ضعف "الحافز" الشعبى الذى كان يستغل بصورة جيدة للحشد المتبادل فى الاستحقاقات السياسية. عاشرًا: بعبع الغرامات الشروع في تخويف المواطنين وتهديدهم في حالة عدم المشاركة، بفرض غرامة تصل إلى 500 جنيه، والتي تتخذ كإجراء صار روتينيًا قبيل أى عملية انتخابية، ترتب عنه رد فعل عكسي لدى المواطن الذي قابل هذا الإجراء ب"العند". الحادي عشر: فتاوى الإثم أصدرت دار الإفتاء المصرية، فتوى مع بداية الانتخابات أكدت خلالها أن "المتخلف عن التصويت في الانتخابات آثم شرعا"، سبق بها الدكتور أحمد عمر هاشم، لتجريم العزوف عن الانتخاب بسند شرعي، فتوى "إثم عدم الانتخاب" وما هي إلا تطور طبيعي للعقوبة المالية، ليصبح المتخلف عن التصويت مزدوج العقاب "دنيوي في الغرامة، وأخروي في الإثم"، مما ولد نوعًا من الشعور بخلط الدين بالسياسة، ومع انطلاق المرحلة الثانية أثار الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر حالة من الجدل فى الشارع المصرى، بتصريح وصف فيه مقاطعي الانتخابات ب"العاقين لوالديهم"، ليعمق لدى المواطن شعور الخلط بين الدين والسياسة. الثاني عشر: الدعاية المستفزة للمشاركة ساهمت الدعاية الخاصة بحث المواطنين على المشاركة في العملية الانتخابية، في استفزاز الكثيرين، خاصة في الإعلان الرسمى الذي أذاعته كل القنوات، بعدما ربطت المشاركة بالشرف، حيث اختتم الإعلان الترويجي بشعار أثار غضب الكثيرين وهو "صوتك هو عرضك"، والتى تتالت بعدها الأشكال الدعائية التى اعتمدت على أسلوب المتاجرة بالوطنية. الثالث عشر: عزوف الشباب واصل الشباب عزوفه عن المشاركة فى العملية الانتخابية، نتيجة شعوره بالتهميش وغياب دوره وتأثيره في العملية السياسية بشكل عام، على الرغم من تأكيد الرئيس عبد الفتاج السيسى في أكثر من مناسبة بأهمية دور الشباب وأنهم هم مستقبل البلاد، والتصريحات المؤخرة عن بدء احتواء شباب يناير، خاصة وأن الشباب يشكلون ما يقرب من 60% من الشعب المصري، الأمر الذي ولد فجوة واضحة وكبيرة، في ظل اهتمام الفئات العمرية الأخرى بالانتخابات البرلمانية.