قال تقرير رسمي صادر عن خدمة الأبحاث بالكونجرس الأمريكي، إن مصر تراجعت على سلم أولويات الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط، في ظل انشغال إدارة أوباما بجهود مكافحة تنظيم داعش في سوريا والعراق والاتفاق النووي الذي تم توقيعه مؤخرا مع إيران. وقال التقرير، إن حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي تسعى لإعادة مصر إلى نقطة "الحياة الطبيعية" بعد فترة من الاضطرابات الداخلية، مضيفا أن الحكومة الحالية التي يهيمن عليها الجيش يبدو أنها تعرف "الحياة الطبيعية" على أنها الوصول إلى مستوى مشابه للاستقرار الداخلي الذي كان قائما في عهد مبارك. ومع هذا - وفقا لما يقول التقرير - فإن حكومة السيسي تزعم أن حكمها يختلف عن حكم مبارك في ما يتعلق بفرص الرخاء الاقتصادي التي تزعم أنها ستوفره لقطاع كبير من السكان، في مقابل الفساد وعدم المساواة اللذين استمرا لعقود ومازالت يعاني منهما البلد. ويقول التقرير إن إمكانية تحقيق هذا الرؤية يعد سؤالا مفتوحا. ويوضح أن حكومة السيسي مازالت تواجه عجزا ماليا مرتفعا، وفي حين عاد النمو الاقتصادي، إلا أن هذا النمو مدفعو بالاستثمارات الضخمة من دول الخليج العربي. كما أن العنف والجريمة ما يزالان يعطلان الحياة اليومية، إلى جانب مستويات عالية جدة من العنف في سيناء مقارنة بما كان عليه الحال أيام مبارك. وتابع التقرير أن حكومة السيسي حظرت النشاط السياسي للإخوان، كما أن السيسي، شأن كل حكام مصر السابقين المنحدرين من صفوف الجيش، يحملون الإخوان المسؤولية عن معظم مشكلات البلد. ومضى للقول إنه بجانب استمرار قمع الحكومة للمعارضة، تواجه مصر تهديدات إرهابية حقيقية نابعة من الشباب المحبطين، والسجناء السابقين، والمقاتلين العائدين من سوريا والعراق وغيرهما، إلى جانب تواجد فرع لتنظيم داعش في سيناء، ومهاجمته لقوات الجيش والشرطة، قبل أن يوسع هجماته لتشمل المدنيين. وأشار التقرير إلى العديد من الهجمات ومن أبرزها استهداف النائب العام هشام بركات، والهجوم الكبير الذي شنه تنظيم داعش في الأول من يوليو على مواقع للجيش في سيناء، وأدى لاستشهاد 17 جنديا. ويقول التقرير إن عودة الحكم السلطوي لمصر مع استحواذ الجيش على السلطة في يوليو 2013، وضع الساسة الأمريكيين في مأزق. وأوضح أن الرئيس باراك أوباما وإداراته يواصلون التعبير عن رؤية مفادها أن الحكم السلطوي ومنع الحقوق الإنسانية والسياسية الأساسية يخلقان ظروفا تؤدي لنمو التطرف العنيف. وتابع أنه بينما تواصل مصر قمع كافة أشكال المعارضة السياسية، فإن إدارة أوباما والحكومة المصرية لديهما رؤيتان متضاربتان لأفضل السبل لتحقيق الاستقرار في مصر، حيث تريد واشنطن أن تتقدم مصر نحو حكم أكثر ديمقراطية واقتصاد حر، بهدف التصدي لمظالم السكان، الذين يغلب عليهم الشباب. لكنه في المقابل - والحديث لكاتب التقرير جيريمي شارب - فإن الجيش المصري الذي لم يبد اهتماما كافيا بالممارسات أو المؤسسات الديمقراطية منذ نهاية الملكية عام 1952، يظل اللاعب السياسي الأساسي في البلاد، وهي حقيقة قد تفيد مصالح الأمن القومي الأمريكي على المدى القصير. ويضيف أن الولاياتالمتحدة عملت على وضع سياسة خاصة بمصر تجمع بين استمرار العلاقات العسكرية القوية من دون التسامح مع قمع مصر للمعارضة. وقال التقرير إنه عندما استحوذ الجيش بقيادة السيسي على السلطة في يوليو 2013، انتهت فترة التقلب السياسي التي ميزت الحياة السياسية المصرية في أعقاب الإطاحة بمبارك في 2011. وأصبحت السلطة المركزية مرة أخرى في يد قائد عسكري سابق. ويشير التقرير إلى أن الكثير من المحللين وصفوا مصر في عهد السيسي بأنها عملية إعادة بناء لنظام سلطوي، تكون فيه الحكومة المدنية مجرد واجهة تغطي سلطوية الجيش الحقيقية. ويضيف أن مؤيدي السيسي يزعمون أنه يملك تفويضا شعبيا داعما لنظام حكمه. وقال التقرير إنه في حين أن هذا الزعم قد يكون مبالغا فيه، إلا أن بيانات جمعتها الخارجية الأمريكية تدعم فكرة أن الجيش يظل المؤسسة الوطنية الوحيدة التي تحظى بثقة الشعب. ووفقا لبيانات الخارجية الأمريكية، تساهم التصريحات القوية للسيسي في مواجهة الإرهاب، إلى جانب خلفيته العسكرية في دعم موقفه في ما يتعلق بالأمن. وحسب هذه الإحصائية، فإن 68% من المصريين يعبرون عن تأييدهم للجيش، و61% يعبرون عن ثقتهم بالرئيس. وتقول أغلبية ضئيلة (63%) إن الحكومة تقوم بعمل جيد في مكافحة الإرهاب، وفي محاربة المتشددين في سيناء (59%).