أثار إعلان عضو المكتب السياسي لحركة حماس ونائب رئيس وزراء حكومتها سابقا زياد الظاظا، أمس السبت، عن نية حركته تسليم أراضٍ حكومية للموظفين بدلا من مستحقاتهم المالية خلال الأسابيع المقبلة الكثير من الجدل في الشارع الفلسطيني بشكل عام وفي قطاع غزة بشكل خاص. وشهدت شبكات التواصل الاجتماعي الكثير من الجدل بين عناصر من حركتي حماس وفتح، وكذلك من فصائل أخرى وشبان ناشطون، قبل أن يمتد للإعلام المحلي ممثلا بإذاعاته المختلفة التي أثارت القضية وسط جدل كبير حول قانونية الخطوة وتأثيراتها على ملف المصالحة العالق بالأساس فقد استكرت الحكومة الفلسطينية، تصريحات حركة حماس بخصوص توزيع أراض حكومية على العاملين في الوزارات والمؤسسات العامة في المحافظات الجنوبية، الذين عينتهم الحكومة المقالة بعد تاريخ 14/6/2007. وأكد بيان صادر عن الحكومة، أن مجلس الوزراء قد اتخذ قرارا في جلسته رقم (75) بتاريخ 3/11/2015 يقضي بعدم مشروعية قيام حركة حماس بتوزيع الأراضي الحكومية على العاملين في الدوائر الحكومية التي قامت بتعيينهم بعد سنة 2007 بدلا من أجورهم ومستحقاتهم المالية. وأضاف البيان، أن قرار مجلس الوزراء قد اعتبر كافة التصرفات التي جرت أو تجري على الأراضي الحكومية في المحافظات الجنوبية، سواء بالبيع أو المبادلة أو التفويض أو التخصيص أو الاستخدام، باطلة ومنعدمة ولا تترتب عليها أي حقوق أو التزامات، أو آثار قانونية، وسيتم التعامل معها باعتبارها اعتداءً على أراضي وأملاك الدولة، بحيث يسري هذا القرار على كافة التصرفات بالأراضي الحكومية التي تمت منذ صدور المرسوم الرئاسي رقم (7) لسنة 2006 بشأن منع قبول تعديل أو تغيير قيود الأراضي المملوكة للحكومة والأشخاص الاعتبارية العامة في المحافظات الجنوبية، وأكدت الحكومة على دعوة المواطنين والتجار وكافة الجهات المعنية بعدم التعاطي مع الأراضي الحكومية التي تباع خلافاً للقانون. ويرى الموظف في حكومة غزة طارق الشنبري، أن توزيع الأراضي حق لهم بدلا من مستحقاتهم المالية بعد كل هذه السنوات من العمل بدون راتب كامل، معتبرا أن هذه الأراضي حق للموظفين. ودعا الشنبري الرافضين للخطوة إلى إيجاد بديل يضمن لهم العيش بكرامة "كما موظفي السلطة الذين يتلقون رواتبهم وهم في منازلهم"، مطالبا حكومة الوفاق الوطني بوضع حل لأزمتهم ودفع رواتبهم بانتظام إذا كانت تعتبر خطوة توزيع الأراضي غير قانونية. وأضاف، "عملنا في الحروب وفي أوقات السلم وخدمنا المواطنين دون أن نتلقى رواتبنا وحين جاءت اللحظة التي يجب أن نتسلم فيها حقوقنا جاءوا ليحاربوننا في رزق أطفالنا وقوت يومهم البسيط الذي لا يرتقي لما يتلقونه من أموال". وبينما ترى حركة حماس أن توزيع الأراضي حق لموظفيها، وأنه لا كلمة لرئيس حكومة التوافق رامي الحمد الله على غزة، اعتبرت حركة فتح الخطوة بأنها "جريمة بحق ممتلكات الشعب وتكريسا للانقسام". فيما اعتبر عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين كايد الغول، تلك الخطوة " بانها تعدٍ على ممتلكات الشعب الفلسطيني التي لا يجوز التصرف بها مهما كانت الأسباب". وقال الغول في تصريح صحفي "إن الظاظا لا صفة رسمية له الآن حتى يعلن التصرف بالأراضي الحكومية، وما تحدث به يعني أن حركة حماس هي التي تقف وراء هذا الموضوع وهو ما لا يحق لها، أو لأي تنظيم فلسطيني التصرف به بأي حال من الأحوال". وقال المتحدث باسم حركة فتح أحمد عساف، إن قرار حماس توزيع الأراضي الحكومية، على عناصرها غير قانوني ويعتبر قرصنة لأملاك شعبنا، وتجيرها لصالح حماس وجماعتها، ومن شأن هذا المخطط الخطير تعميق الانقسام، موضحا أن حماس التي تسيطر على غزة تعتبر القطاع بكل ما فيه ملكية خاصة بها، تتصرف به كما تشاء وبما يخدم مصالح قيادتها الضيقة. وأشار عساف في تصريحات صحفية، اليوم الأحد، إلى أن حماس لم تكتف بفرض سيطرتها وأجندتها الفاشلة على حاضر القطاع وأهله، بل وتريد أن تحكم على مستقبل أجيالنا القادمة بالبؤس والشقاء من خلال ممارساتها اليوم بسرقة أراضي الدولة، الأمر الذي من شأنه حرمان هذه الأجيال من حقهم في المدارس والمستشفيات أو السكن حتى. وأضاف، 'إن حماس تحاول اليوم حل هذه الأزمة عبر خلق أزمة أكبر وأكثر تعقيدا، موضحا أنها تقوم بتوزيع أراضي الدولة ليس كما تدعي على صغار موظفيها من المحتاجين، وذلك لأن هؤلاء ليس لهم مستحقات أصلا، وإنما على عشرة بالمئة فقط من كبار موظفيها من أصحاب الرتب والدرجات العالية، بهدف شراء الذمم وتأمين الولاءات، وهو أمر خطير كونه يأتي على حساب باقي فئات الشعب الفلسطيني المحتاج فعلا، وعلى حساب بناء المدارس والمستشفيات التي تخدم كافة فئات الشعب، فكل شعبنا في غزة ضحى وليس موظفي حماس فقط، متسائلا: 'أين عائلات الشهداء والأسرى والجرحى والمشردين من حسابات حماس الحزبية الضيقة؟'. وأوضح أن عملية نهب أراضي الدولة هي عملية قرصنة غير شرعية، وما بني على باطل فهو باطل، وهي جزء من سياسة تقوم حماس من خلالها بفرض الضرائب والرسوم على المواطنين الذين يخضعون لبطشها. ومن جانبه وليد العوض عضو المكتب السياسي لحزب الشعب، قال إنه سيتم، خلال الاجتماعي الدوري للفصائل الفلسطينية مناقشة قرار حركة حماس توزيع الأراضي على الموظفين في إطار الحلول التي وضعتها الحركة لحل أزمة الموظفين للتأكيد على رفض القوى الوطنية لقرار توزيع الأراضي بهذا الشكل غير القانوني بالإضافة لمتابعة الأنشطة الخاصة بدعم الهبة الجماهيرية. وشدد العوض، على أن توزيع الأراضي يعزز الانقسام ويؤكد سيطرة حماس بالسلاح على القطاع وأنها لم تغادر الحكم معربا عن أمله في أن تعيد حركة حماس النظر بهذا القرار الذي يؤكد أنها تسيطر بالقوة المسلحة على قطاع غزة. وقال: "اليوم يتأكد مرة أخرى أن حركة حماس هي التي تتحكم في قطاع غزة وليست حكومة التوافق الوطني، وإقدامها على توزيع قطع من الأراضي ما تقارب الألف دونم على موظفيها، يؤكد أن عقبات إضافية جديدة توضع في طريق إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية". ولفت إلى أنه لا يناقش مشروعية وحق الموظفين الذين عملوا بعد عام 2007، في حل مشكلتهم، لكنه أكد أنه لا يجوز أن تحل مشكلتهم بهذه الطريقة الغير قانونية، قائلا:" الأراضي هي ملك للشعب الفلسطيني وليست ملك لحماس أو لأي فصيل فلسطيني، والأصل أن يجري البحث عن معالجة المشكلة استنادا لتفاهمات القاهرة والشاطئ وما جاء بالورقة السويسرية. واعتبر أن حل هذه المشكلة بهذه الطريقة الغير قانونية والمخالفة لكافة الأعراف يفتح المجال، أمام التنظيمات للسيطرة على مساحات من الأراضي، ما يعنى أن الأجيال القادمة لن تجد أي فرصة أمامها لاستغلال تلك الأراضي ومواردها. واعتبرت نقابة الموظفين العمومين في غزة، أن صرف مستحقات الموظفين بغزة عن طريق توزيع الأراضي وإعطاء حقوق الغير من هذه المستحقات لن يكون إلا بموافقتهم. ووصفت النقابة في بيان لها، إعلان مسؤول ملف موظفي غزة ووزير المالية السابق زياد الظاظا، البدء خلال أسابيع قليلة بتوزيع مستحقات الموظفين، عن طريق توزيع الأراضي وتصفية حسابات الموظفين من ديون البلديات والكهرباء بالخطوة الايجابية لكنها غير كافية و تكتمل بزيادة نسبة الرواتب أو صرف راتب كامل للموظفين. وطالبت نقابة الموظفين في القطاع العام وزارة المالية والجهات المختصة بتنفيذ مطالب الموظفين بهذا الخصوص رزمة واحدة بحيث يتم تسديد مستحقات المرابحات وتوزيع الأراضي بأسعار مناسبة مؤكدة أنها لن تقف مكتوفة الأيدي على أي قرار من شأنه الإجحاف بحق الموظفين الصامدين الصابرين.