الحى لا يزال يحتفظ بملامحه التاريخية.. ويضم المسرح الرومانى وعمود السوارى رئيس لجنة التراث بالإسكندرية: البناء المخالف ينذر بكارثة.. ويهدد بقاء المنطقة بين أمواج البحر، وكوارث المطر، وتقلبات عصر التكنولوجيا، لا تزال تحتفظ منطقة كوم الدكة فى الإسكندرية بملامح التراث الشعبى، ولا يخفى على أى زائر أو ساكن فى المنطقة، التى تدور قصص تاريخية وأخرى أسطورية حول نشأتها، ملامح التاريخ المتمثلة فى بيوت قديمة، ومواطنون متسمكون بالعادات والتقاليد السكندرية. وتتبع المنطقة حى وسط الإسكندرية، وهى عبارة عن تل يرتفع عن منسوب البحر نحو ثمانية إلى عشرة أمتار، وقد نتج التل عن ردم المبانى التى تهدمت وتراكمت فوق بعضها. عرفت المنطقة قديمًا باسم «كروبوليس»، أى المكان المرتفع عن المدينة الذى أقيم عليه المعابد والمبانى الدينية. ويرجع إطلاق اسم «كوم الدكة» على المنطقة إلى القرن التاسع عشر، عندما مرّ عليها المؤرخ النويرى السكندرى وشاهد هذا التل الترابى المرتفع، الذى يشبه (الدكة)، والناتج عن أعمال حفر ترعة المحمودية فى عصر محمد على. حكاية اسم يحكى أهالى كوم الدكة أن المنطقة سميت بذلك نسبة إلى أريكة ذهبية (دكة) كان يجلس عليها الإسكندر الأكبر، مؤسس الإسكندرية، وعندما قرر القيام بحملة من حملاته العسكرية إلى خارج البلاد خشى على الأريكة من السرقة، فجاء بأحد المهندسين وكلفه ببناء غرفة تحت الأرض وضع فيها الأريكة ثم قتل المهندس الذى يعرف السر، حتى لا يعرفه غيره، لكن الإسكندر نفسه لم يعد من رحلته، وبقى موقع الأريكة بالتحديد مجهولا فى حين سميت المنطقة التى كان يجلس فيها الإسكندر بأكملها بهذا الاسم «كوم الدكة». ويقسم كوم الدكة الإسكندرية إلى قسمين، أحدهما يضم أحياء منطقة وسط البلد الراقية، بينما يضم القسم الثانى أحياء المدينة القديمة. وتقول دراسات إن الحى صورته الحالية يقبع فوق كنز من الآثار التى يرجع بعضها إلى العصور الفرعونية وبعضها الآخر إلى عصور اليونان والرومان. ويشاع أن الكوم يضم أسفله كذلك مقبرة الإسكندر الأكبر. بيوت محافظة على التراث وفى داخل الحى، تنتشر المبانى القديمة التى تحتفظ بمنظرها التراثى، فى حين يتهدد بعضها بالانهيار. ولا غرابة أن تجد مبانى بأسقف خشبية لا تزال قائمة فى الحى حتى الآن. شوارع كوم الدكة تتسم بالضيق والهدوء، خصوصا فى فصل الشتاء، وتتميز الشوارع بأن بها درجات سلم أفقية وليست رأسية، ما يعطى الحى طابعا مميزًا، ويضم الحى عددًا من الآثار منها المسرح الرومانى الذى أقيم فى بداية القرن الرابع الميلادى، وقد تم اكتشافه أثناء إزالة التراب للبحث عن مقبرة الإسكندر الأكبر بواسطة البعثة البولندية فى مصر عام 1960، وقد استغرق التنقيب عنه نحو 30 سنة. مسرح وقاعة محاضرات وقد تم اكتشاف بعض قاعات للدراسة بجوار هذا المدرج فى شهر فبراير 2004، وهذا ما قد يغير من القول بأن المدرج الرومانى كان مسرحًا فى الأساس، فقد يكون استخدم كقاعة محاضرات كبيرة للطلاب. كما يضم الحى عمود السوارى، وهو من أشهر المعالم الأثرية فى الإسكندرية، أقيم فوق تل باب سدرة بين منطقة مدافن المسلمين الحالية والمعروفة باسم مدافن العمود، وبين هضبة كوم الشقافة الأثرية. ويصل طوله إلى نحو 27 مترًا، ومصنوع من حجر الجرانيت الأحمر، وقد أقيم تخليدًا للإمبراطور دقلديانوس فى القرن الثالث الميلادى، ويعتبر أعلى نصب تذكارى فى العالم. الدكتور محمد عوض، رئيس لجنة التراث بالإسكندرية، يؤكد ل«التحرير» أهمية الحفاظ على منطقة كوم الدكة، وما بها من آثار، محذرًا من أن البناء المخالف فى المنطقة ينذر بكارثة حقيقية على الآثار. وطالب عوض المسؤولين بالمحافظة التدخل لوقف ما يحدث من عمليات بناء مخالف، لأنها تشوه مظهر ونسق المنطقة فقط، وتهدد بقاءها.