يجسد تحول عبد الحميد أبا عود، القيادي في تنظيم داعش الإرهابي، والذي دبر ل"هجمات باريس"، من لص ضواحي إلى قاتل جماعي في عامين فقط، الوجه الجديد للإرهاب الجهادي، وفشل أجهزة الاستخبارات في مواكبة التحولات السريعة للمتطرفين، بحسب خبراء استطلعت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، آرائهم. ونشأ أباعود، (28 عامًا)، في مدينة بروكسل، في حي مولينبيك المعروف بساكنيه من المهاجرين العرب، الذين يعانون من البطالة، وازدحام المساكن، وسجن مع شريكه الهارب صلاح عبد السلام، في بلجيكا عام 2010 لإدانتهما بالسطو المسلح. ودرس في أفضل مدارس بلجيكا الثانوية، وهي مدرسة سان بيير دوكل، وليس من الواضح متى أصبح متشددا، لكن أباعود، واسمه الحركي أبو عمر البلجيكي، انضم إلى "داعش" في أوائل 2013، وهناك غموض بشأن المكان الذي كان موجودا فيه قبل مقتله، إذ زعم التنظيم أنه كان في سوريا، وربما يكون قد كذب لصرف الأنظار عنه من منطلق استراتيجية "الحرب خدعة". وأبا عود، الذي قتلته الشرطة الفرنسية الأربعاء الماضي، كان مشتبهًا به لعدة أشهر، ولكن في أعقاب المجزرة التي ارتكبها مسلحو وانتحاريو داعش في باريس، أصبحت ملاحقته على رأس أولويات كل وكالات مكافحة الإرهاب في أوروبا. وحتى العام الماضي، كان يبدو أن أبا عود شخصية ثانوية، ولكن ارتباطه بما لا يقل عن ثلاث هجمات أخرى، تشمل الهجوم على قطار ركاب، والهجمات التي أحبطت على كنيستين، تظهر أن نفوذه قد تنامى بسرعة، بحسب لويس كابريولي، الرئيس السابق لوحدة مكافحة الإرهاب في الاستخبارات الفرنسية والخبير في الشبكات الإسلامية، الذي قال "يبدو أن أبا عود، قد أجرى اتصالات مع كل أولئك الذين حاولوا شن الهجمات، ونحن لا نعرف إذا كان مجرد وسيط؟". ووفقًا لاثنين من مسؤولي الاستخبارات الأوروبية المطلعين على معلومات استخباراتية حول الجهادي، فقد أصبح واحدا من عدد من "رجال الربط" الرئيسين، أصحاب الكاريزما بين عمليات "داعش" في سوريا، ومجموعة المجندين المحتملين والمقاتلين العائدين في أوروبا. ووفقا للصحيفة، يبدو أنه قد كان أكثر من مجرد رسول، حيث يشار إليه من قبل مسؤولي الأمن في زمرة محمد إموازي، ورياض خان وجنيد حسين، الذي كانوا يشتهرون أيضا بذلك النوع من النجومية في هيكل قيادة داعش، وهو ما سمح لهم باكتساب الاحترام وتعزيز العلاقات مع غيرهم من المقاتلين المتشابهين فى الميول و الأفكار من خلفيات مماثلة، سواء بصورة مباشرة أو عبر وسائل الإعلام الاجتماعية. وبالنسبة لأباعود، جاءت نقطة التحول خلال مقابلة لافتة مع مجلة "دابق"، (التي يصدرها تنظيم داعش)، في فبراير الماضي، حيث صورته باعتباره واحد من بين عدد من الشبان أصحاب الكاريزما الذين تضعهم القيادة المركزية لداعش في الرقة تحت تصرفها، ومن خلاله، يمكنها ربط الشبكات في أوروبا، ونتيجة لذلك، تم اعتباره هدفا رئيسيا من قبل التحالف الذي يحارب "داعش"، فيما قال مسؤول فرنسي رفيع المستوى، إن مؤامرته كانت أحد الأسباب التي جعلت الرئيس فرانسوا أولاند يبدأ الضربات الجوية في سوريا الشهر الماضي. ويوضح تحول أباعود، السريع إلى قيادي جهادي، كيف غير "داعش" تماما الأسلوب الذي تحتاج وكالات الاستخبارات للتصدي به لخطر الإرهاب الإسلامي، وفقا لمسؤول أمني بريطاني رفيع المستوى، أشار إلى أن تنظيم القاعدة استغرق أكثر من 10 سنوات لبناء شبكات المقاتلين الأجانب التي نشأت عن الصراع الجهادي الكبير في أفغانستان في الثمانينيات، ولكن "داعش يقوم بذلك خلال شهور". ويوضح خبراء أمنيون أن الشخصيات مثل أباعود تتشابه مع ثالث أبرز قادة تنظيم القاعدة خالد شيخ محمد، العقل الاستراتيجي المدبر في النظام الجديد للجهاد العالمي، لكن الرجل شيء مختلف إلى حد ما، فهو شخص متحمس وله القدرة على التأثير في الناس من أمثاله برؤية داعش، ولا يهدف إلى دفعهم نحو التطرف بل يعدهم بحياة جديدة تقودهم إلى دولة الخلافة أو إلى الجنة"، والدليل على نجاح هذا الأسلوب أن 1500 فرنسي و500 بلجيكي انضموا للقتال مع التنظيم.