لم يلبث العالم العربي الاستفاقة من الهجمات الإرهابية التي طالت الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية، بيروت، بعد تفجيري برج البراجنة، مساء أول من أمس، حتى أُصيب العالم بنكسة جديدة بعد استهداف تنظيم داعش الإرهابي العاصمة الفرنسية، باريس، عبر عدد من العمليات الإرهابية التي أودت بحياة 129 قتيلاً. «التحرير» أجرت حوارًا مع ضياء رشوان، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، لمعرفة مدى التغير النوعي الذي طرأ على فكر تنظيم داعش الإرهابي، وتأثير تلك الهجمات على المسلمين الموجودين بالغرب وتبعات ما يحدث على الدول الغربية، وإلى نص الحوار: في البداية.. كيف ترى مشهد «تفجيرات باريس» أمس؟ أعتقد أن هناك تغير نوعي واضح طرأ على فكر تنظيم داعش، حيث أن طبيعة التنظيم ليست هجومية بالخارج بخلاف القاعدة التي كانت تُهاجم وتقوم بتنفيذ عمليات إرهابية خارج الأماكن التقليدية لديها، وبالتالي يمكن اعتبار أن ما فعله تنظيم داعش الإرهابي بمثابة تغير مفاجئ لديها وهو أمر غريب للغاية، وما يؤكد ذلك ما قالته «داعش» في بيانها الذي أعلنت خلاله تبنيها للتفجيرات الإرهابية وأطلقت عليه «أول الغيث». ما الرسائل التي تعمدت «داعش» إرسالها من وراء تلك التفجيرات؟ أعتقد أن بيان داعش يحمل العديد من التفاصيل المهمة للغاية، وتكمن أغلب الرسائل التي أراد التنظيم إرسالها من وراء تلك التفجيرات، تكمن أبرزها في أن البيان صدر من داعش نفسها وليس من فرنسا، بما يُعني أن من ألقى البيان هو تنظيم داعش وليس أي تنظيم أخر، وبالتالي رسالة مؤكدة أن من نفذوا العملية ينتمون فكريًا وتنظيميًا لها وليس مجرد مُتعاطفين أو مؤيديه أو مجرد مجموعة مقربة من التنظيم الإرهابي المتطرف. كيف رأيت التغير النوعي الذي طرأ عل «داعش» في عملياتها بباريس؟ أود التأكيد على أن التفجير الإرهابي الذي ضرب العاصمة الفرنسية، باريس، اشتمل على 6 هجمات، وإذا فسرنا كل هجمة على الأقل خدم عليها ما بين 3 إلى 4 أشخاص فإننا نتحدث عن نحو 28إرهابيًا هم من نفذوا العملية، والسلطات الفرنسية تتحدث عن أن عدد الانتحاريين ما بين 8 إلى 12 انتحاريًا، وهؤلاء يمكن أن نقول عليهم إنهم ميدانيين وليس من جهزوا وأعدوا للعملية لتنفيذها؛ حيث أن تنظيم داعش مجموعات مُقسمة ما بين من يقوم بتنفيذ العملية من الميدانيين وهناك من يجهز وهناك من يضع الخطط والأهداف، وبهذا فإننا نتحدث عن تنظيم على الأراضي الفرنسية مرتبط بتنظيم داعش، وهذا التنظيم لم يكن يعمل بهذه الطريقة إلا أنه غير من طريقة عمله في تنفيذ العمليات الإرهابية. وكيف رأيت وصف «غزوة» التي أعلنها التنظيم في بيانه؟ أعتقد أن داعش بدأت مرحلة جديدة في تغير منهجها النوعي بالعمليات الإرهابية، بخلاف ما كانت تقوم به في المناطق التقليدية، في سوريا وليبيا والعراق أو ما يطلق عليها بلاد المشرق العربي، وبدأوا يوجهوا ضرباتهم للغرب، ويظهر هذا جليًا من المصطلحات التي بدأوا في اتخاذها بإسم «غزوة باريس»، مثل المصطلحات التي اتخذتها القاعدة سابقًا حينما أطلقت غزوة «مانهاتن»، والغزوة هنا تُعنى القيام بهجمات من أجل ضرب مواقع محددة خارج البلد. وهل تتوقع تكرار الهجمات التي تضرب الغرب خلال الأيام المقبلة؟ أتوقع تكرار تلك الهجمات خلال الفترة المقبلة، ولن تكون هذه العملية هى المرة الأولى والأخيرة، ويمكن أن نطلق على مُنفذي العملية مُسمى «العائدون من داعش»، وهم المواطنين الذين كانوا ينتمون ل «داعش» سواء من البلدان العربية والأجنبية وعادوا من التنظيم إلى بلادهم بتعليمات من قيادات التنظيم، لزرعهم داخل الدول الأوربية لاستهداف مدن ومناطق بعينها داخل بلادهم تنفيذًا لفكر داعش، حيث أن التنظيم يضم جنسيات من مختلف دول العالم، وهو ما يرجح نظرية فكرة «العائدون من داعش»، وهم ليسوا مجرد أفراد هواه إنما شديدي الاحتراف من التدريب والتأييد لتنظيم داعش الإرهابي. وهل هناك صلة بين تفجيرات باريس و بيروت؟ لا أعتقد، أن هناك صلة بين تفجيرات بيروت التي ضربت الضاحية الجنوبية في لبنان، وبين الهجمات الفرنسية، لأن تفجيرات الضاحية الجنوبية ليست هى الأولى من نوعها، ولبنان بلد عربي، وبالتالي غير مُستغرب ما حدث فيه بسبب مشكلات النزعة الطائفية، ولكن فرنسا مُستغرب أن يحدث هذا فيه، لأن تنظيم داعش تعمد إرسال هذه الرسالة وليس صدفة، وفي تحدي واضح للإجراءات الأمنية. وكيف ترى القرار بالسماح لمواطني أوروبا فقط بالسفر إلى باريس؟ إلغاء تأشيرة «شنجن» وقطع الحدود إجراء احترازي ضروري لتأمين فرنسا، وأتوقع مزيد من الهجمات في فرنسا من قبل المجموعة الموجودة هناك، والدول الأوربية الأخرى معرضة لمزيد من الهجمات الإرهابية. تنظيم داعش أعلن مؤخرًا نيته تنفيذ هجمات تضرب روسيا؟ دول الغرب مُختلفة عن بعضها البعض، والإجراءات الأمنية في روسيا تختلف عن الإجراءات في باقي البلدان الغربية، والموقف الروسي مُختلف تمامًا وقد يكون هناك محاولات ولكن لا أعتقد أن تنجح هذه المحاولات، والمفاجأة هنا لها دور مهم لصالح المهاجم. هل تؤثر تلك الهجمات الإرهابية على المسلمين الموجودين في الغرب؟ بالقطع المسلمين في الغرب هيتأثروا، وما أثاره الغرب بأنهم وجدوا جواز سفر سوري بجوار جثمان أحد منفذي العملية لو كان من اللاجئين سيكون هذا الأمر بمثابة مشكلة ومصيبة كبرى، فلو ثبت هذا الأمر سيضع قيودًا شديدة على اللاجئين.