946 شكوى للأوقاف و9 آلاف للبيئة.. استجابات واسعة وجهود حكومية متواصلة    عاشور يستقبل مفوض التعليم والعلوم والابتكار بالاتحاد الإفريقي    وزير الاتصالات يفتتح عددًا من المشروعات التكنولوجية بالدقهلية| اليوم    محافظ أسيوط يؤكد على استمرار رفع كفاءة الإضاءة وتدعيم الشوارع بمركز منفلوط    سعر كرتونه البيض الأبيض والأحمر اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا    مصر تبحث مع وكالة الطاقة الذرية الاستخدامات النووية السلمية بمحطة الضبعة وملف إيران    استشهاد ثلاثة فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف الاحتلال بيت لاهيا    «ميلوني»: يجب أن يتحمل الاتحاد الأوروبي مسؤولياته الدفاعية بنفسه    وزير الخارجية القطرى: نحن في مرحلة مفصلية ولم يطبق الاتفاق بشأن غزة فيها بالكامل    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام بورنموث في البريميرليج    انتهاء الفصل الدراسي الأول للصفين الأول والثاني الابتدائي 30 ديسمبر في عدة محافظات بسبب انتخابات مجلس النواب    خالد جلال يدعم منى زكي بعد مشاهدة فيلم «الست»    «الشروق» تسلط الضوء على «حياتي» لأحمد أمين تزامنا مع احتفاء معرض القاهرة للكتاب بمرور 140 عاما على ميلاده    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 6-12-2025 في محافظة الأقصر    بحضور وزير الأوقاف بدء المؤتمر العالمي لافتتاح المسابقة العالمية للقرآن الكريم في "نسختها ال32"    «الصحة»: فحص أكثر من 7 ملابين طالب بمبادرة الكشف عن الأنيميا والسمنة والتقزم    مصر ترحب بتجديد ولاية وكالة الأونروا ل3 سنوات    أسعار البيض اليوم السبت 6 ديسمبر 2025    ماذا قدم الفراعنة أمام منتخبات المجموعة السابعة قبل كأس العالم 2026    لاعب بلجيكا السابق: صلاح يتقدم في السن.. وحصلنا على أسهل القرعات    بيراميدز يسعى لمواصلة انتصاراته في الدوري على حساب بتروجت    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواجه الإمارات اليوم بحثا عن الانتصار الأول    مدرب نيوزيلندا يتحدث عن مواجهة مصر بكأس العالم (ريل)    الرئاسة في أسبوع.. السيسي يوجه بإطلاق حزمة التسهيلات الضريبية الثانية.. يشهد افتتاح المعرض الدولي (إيديكس 2025).. يهنئ منتخب الكاراتيه.. ويؤكد الموقف المصري الثابت والداعم للقضية الفلسطينية    النشرة المرورية.. سيولة وانتظام بحركة السيارات في القاهرة والجيزة    فرق غوص متطوعة تصل مصرف الزوامل بالشرقية للبحث عن التماسيح (صور)    وزير الري يستعرض موقف أعمال حماية الشواطئ المصرية    «مدبولي» يتابع حصاد جهود منظومة الشكاوى الحكومية خلال نوفمبر 2025    متحف التحرير يكشف دور الجعارين عند الملوك القدماء    الموت يفجع الفنان أمير المصري    جامعة القاهرة الأهلية تناقش ترتيبات امتحانات الفصل الدراسي الأول    القومي للمرأة ينظم فعاليات الاجتماع التنسيقي لوحدات المرأة الآمنة بالمستشفيات الجامعية    برعاية السيسي.. انطلاق الجلسة الافتتاحية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    بجوائز 13 مليون جنيه.. انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم اليوم    المحامون يبدأون التصويت على زيادة المعاشات والاشتراكات السنوية    «الصحة» تشارك في الجلسة الافتتاحية للدورة السابعة للمجلس العربي للسكان والتنمية ببغداد    طريقة عمل مكرونة بالبسطرمة والكريمة، وجبة لذيذة وسريعة    وزارة الصحة تعلن تفاصيل الإصابات التنفسية فى مؤتمر صحفى غدا    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 6 ديسمبر 2025    بعتيني ليه تشعل الساحة... تعاون عمرو مصطفى وزياد ظاظا يكتسح التريند ويهيمن على المشهد الغنائي    "قتل اختياري".. مسلسل يفتح جرحًا إنسانيًا عميقًا ويعود بقضية تهز الوجدان    أولى جلسات محاكمة عصام صاصا فى مشاجرة ملهى ليلى.. اليوم    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهمين في قضية رشوة الضرائب الكبرى    استكمال محاكمة 32 متهما في قضية اللجان المالية بالتجمع.. اليوم    رئيس وزراء الهند يعلن عن اتفاقية مع روسيا ومرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي    مروة قرعوني تمثل لبنان بلجنة تحكيم مهرجان الكويت المسرحي بدورته 25    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى مدينة 6 أكتوبر دون إصابات    عائلة أم كلثوم يشاهدون العرض الخاص لفيلم "الست" مع صناعه وأبطاله، شاهد ماذا قالوا (فيديو)    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    رغم العزوف والرفض السلبي .. "وطنية الانتخابات" تخلي مسؤوليتها وعصابة الانقلاب تحملها للشعب    قائمة أطعمة تعزز صحتك بأوميجا 3    كأس العالم - دي لا فوينتي: ترشيح إسبانيا للفوز باللقب خطر عليها    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب    تفاصيل مثيرة في قضية "سيدز"| محامي الضحايا يكشف ما أخفته التسجيلات المحذوفة    نتنياهو بعد غزة: محاولات السيطرة على استخبارات إسرائيل وسط أزمة سياسية وأمنية    أزمة أم مجرد ضجة!، مسئول بيطري يكشف خطورة ظهور تماسيح بمصرف الزوامل في الشرقية    وزارة الداخلية تحتفل باليوم العالمي لذوى الإعاقة وتوزع كراسى متحركة (فيديو وصور)    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة الفكاكة والبجاحة تعيق السياحة
نشر في التحرير يوم 14 - 11 - 2015

جاءت حادثة الطيارة الروسية؛ لتزيح الستار عن حالة مزرية، تعيشها مصر المحروسة في الاجتماع والسياسة، كذلك في الاقتصاد والثقافة، فلأول مرة في تاريخ الشعب العظيم؛ تسيطر عليه حالة من الذهول والتفكير الغشيم، فيختصر مصر في قرية شرم الشيخ، وتنخرم مروءة القاضي والمفكر والشيخ، فيهرولون إلى المنتجع، وكل منهم يصيح أنا الجدع؛ القادر على إعادة الروس والصقالبة والهكسوس، أنا من سينهض بالسياحة، أنا من سيرقص في الفندق والساحة؛ حتى أقنع العالم أن مصر العظيمة لن تتألم من قرارات السوفيتي الأخير، أو تآمرات الإنجليزي المكير، لأنني سوف أملأ فنادق المنتجع ببشر يسوون البِدع.. وعادت مصر إلى سيرتها القديمة، تعالج الأزمات الطاحنة بالكلمات والعبارات العقيمة، وتُحوِّلُ كل أزمة إلى مَكْلَمَةٍ يتربح منها أتباع سجاح والكذاب مسيلمة.
لقد كانت حادثة الطائرة كاشفةً عن حالة من الفشل فاضحة، فمصر أقدم الحضارات؛ وفيها عجائب التاريخ والأثارات، مصر التي تحوي ثلث أثار العالم، من كل العصور والأديان والمعالم، هذا المتحف العظيم المفتوح؛ يتم إختزاله في منتجع صغير أسمه شرم الشيخ… أليست هذه وكسةٌ كبيرة، وفضيحة خطيرة؟ أليس هذا من بؤسنا الإداري والثقافي، وفشلنا الواضح وغير الخافي؟
يا أهل مصر الكرام، يا من خبرتم تجارب السنين والأيام، لماذا لا تنظرون في حالكم، وتنقدون عيوبكم؟.. لماذا لا تتعلمون من تجارب غيركم؛ حتى تغيروا من أحوالِكم؟.. ألم تسمعوا عن دول تجذب ملايين السائحين ويهفو اليهما كل حي؟.. ولا يوجد فيها معابد وأثارات، ولا الغردقة وشرم الشيخ والعيون الساخنات،.. الحقيقة أن سر نجاح هذه الدول في جذب السائحين هو الإدارة الحكيمة، واحترام النظم والقوانين، فيهما الخدمة الراقية، والخدمات الرفيعة العالية، فيهما يسعد الإنسان بالإجازة دون مضايقات وعداوات وحزازة، لا مكان لغش البائعين، ولا لغلاسة السائقين، تأكل الطعام وأنت على يقين أنه ليس من كلب عقور أو حمار سمين.. فيهما أشياء مفيدة لمن أراد أن يستفيد، ويفيد أمته ومن الخير يستزيد.
يا حكام مصر ورجال أعمالها، لقد أهدرتم ثروات مصر وخيبتم آمالها، أليس من العيب والعار، والفضيحة والشنّْار، أن يعتمد اقتصاد مصر على فقراء الروس، وأن تتوسل الحكومة وشعبها ابن الفرطوس؛ بأن يعيد السياح؛ حتى نستطيع أن ننام ونرتاح، فطعامنا من بقايا نفقاتهم، وكسوة أطفالنا من إكرامياتهم.. أليس من العيب والعار أن يكون هذا حالُ شعبِ الأحرار، الذي ثار في وجه كل مستعمر جبّار؛ منذ زمن الهكسوس، واليوم يتوسل أن يخدم السيَّاح الروس؟.
مصر أكبر من الغردقة وشرم الشيخ، مصر قبلة المسلمين والمسيحيين واليهود، ويعشقها الهنود
من الهندوس والسيخ، مصر فيها ما يجذب كل السياح.. ولكن لن يسعد واحد منهم على أرضها أو يرتاح، ستكون رحلته عذاب، وسيكتب كل منهم عن مأساته كتاب، وقد تنوع ما كتبوه، وفي النقاط الآتية ما سطروه:
أولا: فوضى المطار ستشعر السائح أنه في بيت علي بابا أو في الغار، الأربعين حرامي صاروا بالمئات، وكل منهم يهمس في أذنه حمدا لله على السلامة..هات..هات، أما خدمة الجوازات، وتكشيرة الضباط والضابطات؛ فتحتاج إلى فصول، ويتسع فيها القول ويطول، ومضيفات مصر للطيران بنات الذوات، الهوانم اللائي يحتجن إلى خادمات، تخاف من تطلب من إحداهن خدمة فترمقك بعين تقول لك من أنت يا رمة، حتى تطلب مني كوب ماء، وأنا ابنة الباشا واللواء، فيكفي السائح أن يمر بمطار القاهرة، ليقسم بالطلاق إن هذه هي المرة الأخيرة.
ثانيًا: وإذا ما خرج سالما من المطار تلقفه سائقو التاكسي من العيَّارين والشطَّار.. ليموزين.. يابيه؛ وما هي إلا عربة متهالكة يجرها حمار، مبالغة في الأجرة، واستغلال يجلب المعرة، وهذا هو حال سائقي التاكسي في مصر المحروسة، سيارات قذرة لا تليق بآدمي، وأجرة مرتفعة وسائق دموي، لا يعرف معنى الأمان، ولا يحترم في الكون إنسان، يجلس فيها السائح خائفا يموت من شدة الذهول، من شارع فوضوي وسائق مسطول، يتكلم في التليفون ويستعرض للسياقة فنون، فبدلا من أن يكون همَّ السائح مشاهدة.
المدينة والمعالم؛ يصبح كل أمله أن يصل الفندق سالم.
ثالثاً: وإذا ما دخل الفندق يرى الفوضى في الصالة عارمة، موظفون يتصايحون ويتلامون وموظفة نائمة، يذهب إلى غرفته بعد عناء؛ فلا يجد فوطة ولا صابون، وقد تأخر في وضعها الفاسدون؛ حتى يحصلوا على البقشيش والإكرامية والعربون، وهذا ديدنهم كل يوم؛ يؤخرون الخدمة ليأخذوا المعلوم، والطعام وقاك الله شر العناء، منه المخزون منذ أيام، ومنه ما يثير الغثاء، لأنه مطبوخ من سنين ولم يؤكل لقلة النزلاء.
رابعا: إذا خرج السائح للتسوق أو للفسحة تلقفه سائقوا التاكسي وإستغلوه؛ ثم لمن يدفع من الثمن النسبة باعوه، والبائعون في الأسواق عندهم سعران؛ واحد للمصريين والآخر للسائحين، يسمونه سعر سياحي، وهو على الأقل الضعف أو الضعفين، بدون ضابط من أمن أو قضاء؛ فالكل مشغول بالأمن السياسي، يشعر السائح بالإستغلال والظلم، وهو شعور مرير يذهب السعادة ويجلب الغم.
خامسا: إذا ما أراد زيارة موقع تاريخي؛ فالحال سئ، والمكان قذر ومذري، لا توجد حمامات، وأن وجدت فهي مغلقة بأمر البشوات، لا يفتحها إلا بإذن الوزير كما نشرت الصحف في حادث شهير، وإستغلال الصيِّع والمشردين؛ ممن يؤجرون الخيول والجمال، الركوب بدولارات والنزول بملايين، سلوك يذهب بعقل السائح ويصيبه بالذهول، كيف يكون الركوب بسعر، وسعر مضاعف للنزول؟.
سادساً: نحن شعب لا يرحب بالسائحين، يرى فيهم غنيمة وصيد ثمين، الكل يريد المنفعة بأي وسيلة، الإستغلال أو التسول أو التحرش والرذيلة، من هو ذاك السائح الذي يأتي لأم الدنيا، هم فقراء السياح والطبقة الدنيا، الذين لا ينفقون، ولا يبقششون، ورغم ذلك نبكي عليهم بكاء الثَكَلَه، لاننا مازلنا من عشاق النِكْلَة، أي شئ … يابيه …خير من بلاش، عقلية المتسول والكناس والفراش.
سابعاً: يا وزير العدل … ليس دورك قيادة مظاهرة للقضاة في شرم الشيخ، فهذا قام به الفنانون والرياضيون والصحفيون ومواطنون من أسوان إلى كفر الشيخ، دورك سيدي أن تضع القوانين والنظم واللوائح؛ التي تجذب وتسعد وتحفظ حقوق السائح،….ويا وزير الأوقاف…هل يليق بمشايخ وزارتك التجول في المنتجع بالقفاطين؟ أم أن مهمتك تثقيف مجتمع ليتخلق بأخلاق الدين؟… فلا يستغل ولا يغش، ولا يسرق السائح بمبرر الإكرامية والبقشيش،… ويا وزير النقل…هل في مصر شارع أو تاكسي أو سيارة تجذب السائحين؟ … أرجوك أن تزور دبي أو سنغافورة أو حتى الفلبين، ويا وزير الداخلية… أين جنودك من حفظ القانون…وحماية السائحين، ومنع السارقين والمستغلين….معذرة رجال وزارتك هم أول من يطرد السائحين ويعطيهم أسوأ صورة عن المصريين، ويا وزير الآثار….فقط حمامات تحفظ كرامة الأدميين، في كل المزارات و معابد أجدادك الفراعين.
أزمتنا في القاهرة وليست في شرم الشيخ أو السياحة، ومصيبتنا في الإنسان المصري وثقافة الفكاكة والبجاحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.